تونسيون يتظاهرون ضد حكومة المشيشي المقالة (أرشيف)
تونسيون يتظاهرون ضد حكومة المشيشي المقالة (أرشيف)
الأحد 1 أغسطس 2021 / 18:18

بعد أن كبلها الفساد وسوء الإدارة... كورونا يُطيح بالحكومة التونسية

وقف زبير بن عمار في طابور ينتظر دوره للتطعيم ضد كورونا على يد الجيش التونسي دون أن يدور بخلده شك أن الجيش والرئيس قيس سعيد يحققان نجاحاً فيما فشلت فيه الحكومة التي عزلها الرئيس.

وقال بن عمار الذي يعمل مدرساً: "بارك الله في الجيش وفي الرئيس. أرجو أن يتركوه يحكم لأننا نعيش في بلد تديره مافيا".

وقال بن عمار المتزوج وله طفلان ويعيش في جندوبة، 150 كيلومتراً غربي العاصمة تونس: "خرج وراء الناس إلى الشوارع، لا الأحزاب السياسية".

غذى الفشل في التعامل مع الإصابات بكورونا المتزايدة في تونس الغضب من الحكومة في الأسابيع التي سبقت قرار الرئيس عزل رئيس الوزراء هشام المشيشي، وتعليق عمل البرلمان بتأييد من الجيش.

ومع تردي الوضع الاقتصادي دفعت أزمة كورونا، الكثير من التونسيين للخروج إلى الشوارع احتجاجاً على الحكومة والأحزاب الرئيسية في البرلما،ن بما في ذلك حزب النهضة، قبل أن يصدر سعيد قراراته.

وحتى الآن طُعم 940 ألفاً تقريباً بالكامل بين السكان البالغ عددهم 11.6 مليون نسمة. وسجلت تونس حوالي 18 ألف وفاة وأكثر من نصف مليون إصابة بفيروس كورونا. وفي فترة ما من الشهر الماضي سجلت تونس أسوأ معدل إصابات في أفريقيا.

في عطلة عيد الأضحى افتتحت الحكومة مراكز تطعيم طارئة لكنها لم تكن مستعدة للأعداد الكبيرة التي تقدمت للحصول على اللقاح، واضطر الناس للوقوف في طوابير متقاربة دون مراعاة التباعد الاجتماعي ونفدت إمدادات اللقاح.

استياء
كانت تلك الكارثة في نظر كثيرين صورة لأسلوب الحكومة للتصدي للجائحة ودفعت الرئيس سعيد لإعلان أن الجيش سيتولى جهود احتواء الوباء.

وكانت تلك لحظة حاسمة في الشد والجذب المستمر منذ فترة طويلة بين سعيد والمشيشي في نظام يتيح للرئيس السيطرة على الشؤون الخارجية والعسكرية، ويجعل الحكومة مسؤولة عن معظم الشؤون الداخلية.

ومنذ سنوات كان التونسيون يشعرون بالغضب من الركود الاقتصادي، وتدهور الخدمات العامة وسط استمرار خلافات الساسة.

ورأى كثيرون أن التونسيين الرئيس سعيد الذي انتخب في 2019 مستعد لتحدي الأحزاب السياسية الرئيسية.

وعندما وصلت الجائحة إلى تونس في العام الماضي أدى إغلاق صارم في البداية إلى إبطاء الإصابات، لكنه أثر بشدة على الطبقات الفقيرة، بسد أبواب العمل في وجوهها.

وسرعان ما قوبلت محاولات تالية لفرض إجراءات صارمة بالرفض، للعجز القدرة عن تحملها ولزيادة عدد الإصابات بشدة.

وكانت المصاعب محسوسة في المناطق الأكثر فقراً أشد من غيرها مثل جندوبة، في شمال غرب تونس، التي تأخر وصول اللقاح إليها.

وفي الوقت نفسه قوضت سنوات من سوء الإدارة، القطاع الصحي العام الذي كان في وقت من الأوقات من مفاخر البلاد.

وقال حاتم هواوي الذي توفيت عمته محرزية الفيروس: "في كل بيت عندنا جنازة، وألم، وجراح".

وندد بما وصفه سنوات الإهمال الحكومي للحفاظ على النظام الصحي. وقال: "لا نريد محاسبة شخص أو شخصين. فهذا لا يفلح. الحكومة لم تثمن المواطن".

ويبدو أن قرار نشر الجيش للمشاركة في احتواء الجائحة حظي بشعبية في جندوبة، رغم احتمال تقويض ذلك السمعة التي اكتسبها الجيش، بتفادي التدخل في السياسة، وذلك بعد أن أفسح المجال في 2011 أمام الثورة على الحكم الاستبدادي.

وقال بن عمار: "كان يجب إسناد هذه المسؤولية للجيش" من البداية.