الثلاثاء 3 أغسطس 2021 / 11:42

غارديان: بعد عام من انفجار بيروت...ماذا تغيّر؟

24-زياد الأشقر

مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، كتب مارتن تشولوف في صحيفة "غارديان" البريطانية، أنه في مثل هذا الأسبوع قبل عام، تسبب أحد أكبر الحوادث الصناعية بأكبر الإنفجارات على الإطلاق، مما أدى إلى تمزيق مدينة كانت أصلاً على حافة الهاوية.

انضم اللبنانيون إلى السوريين وشعوب أخرى منسية في المنطقة، في ركوب قوارب للهروب من الظروف التي يعيشونها


   والسحابة التي اتخذت شكل فطر بفعل الكيماويات، غطت سماء العاصمة في 4 أغسطس (آب) 2020  فيما دمرت القوة الزلزالية للإنفجار المنازل والشركات ونشرت أعلى درجات الرعب في العالم. وحتى في ظل الفوضى، كان يجب أن يكون ما حصل لحظة للمحاسبة.

ومع ذلك، فإنه عشية الذكرى الأولى للكارثة، لا يزال لبنان مشلولاً وحزيناً. وجرى تمييع التحقيق، بينما المرتكبون لا يزالون أبعد ما يكون عن المحاسبة. والأسوأ من ذلك، أنه بالنسبة إلى معظم اللبنانيين، فإن المساعدات العالمية التي تم التعهد بها عقب الإنفجار لا تزال منسية من قبل حكام البلد، الذين يفضلون الإمتيازات الضيقة التي يحصلون عليها من نظام مشلول، على خطة دولية يمكن أن تنقذ البلد.

وتساءل أحد تجار مواد البناء في طرابلس نضال عثمان: "من كان يظن أن وعاء التسول سيكون كبيراً جداً وفارغاً جداً...لابد أن العالم يضحك علينا. إنهم يريدون الأموال، لكنهم عوض ذلك تلقوا لكمة على وجوههم. وبينما هم يضحكون نحن نبكي".

وفي مقابل 11 مليار دولار من المساعدات، طالبت فرنسا بإصلاحات هيكلية، وبالشفافية على كل مستويات الإنفاق. ومليارات أخرى وعدت بها أوروبا شرط إجراء تدقيقات في حسابات المصرف المركزي، الذي كان دوره حاسماً بالنسبة لثروة لبنان.

فقدت العملة اللبنانية 15 ضعفاً من قيمتها. وجعل التضخم الحاد الأطعمة الأساسية، خارج متناول معظم السكان. ولا يمكن العثور على أدوية أساسية- والجمعة توفيت طفلة في الرابعة من عمرها إثر لدغة عقرب لأن الترياق المضاد للسم غير متوافر. ولا يوجد ما يكفي من الوقود من أجل تغذية معامل الكهرباء أو مافيا المولدات التي كانت تسد الثغرة، فعمدت الأخيرة إلى فرض أسعار باهظة في مقابل تأمين الكهرباء.

عجز وظيفي
وعوض أن يسفر عن خلاص، أتى الإنفجار ليفضح العجز الوظيفي الكامل لدولة أخفقت في نياتها وأهدافها. ولا تزال طبقتها السياسية غير قادرة على تشكيل حكومة، ولا تزال تختلف حول حصصها من الوزارات التي تريدها جوائز لتعزيز إقطاعياتها.

وعلى نحوٍ مشابه، فإن مؤسسات الدولة هي فاشلة أيضاً. وانخفض احتياطي المصرف المركزي إلى ما دون المتطلبات الإلزامية، مما يعني وقفاً فورياً للدعم الموجود لحماية الطبقات المتوسطة. وانضم اللبنانيون إلى السوريين وشعوب أخرى منسية في المنطقة، في ركوب قوارب للهروب من الظروف التي يعيشونها. ولا حل للحصول على صفقة إنقاذ دولية إلا بالتخلي عن نظام ساد لمدة 30 عاماً منذ انتهاء الحرب الأهلية.

وفي الوقت الذي يحاول الشعب استيعاب الإنهيار في لبنان، بدأ البعض الميل إلى وجهة نظر غير مستساغة مفادها أن المرتكزات الأساسية للدولة كانت تعتريها العيوب على كل المستويات. ومن الإمبراطورية العثمانية إلى الإنتداب الفرنسي، إلى الوصاية السورية، والخراب الذي سببته الحرب الأهلية، ومن ثم النظام الريعي الذي تلا اتفاق الطائف الذي أنهى النزاع، فإن لبنان لم يمض قط في مسار سهل. لكن العقود الثلاثة الأخيرة قد وضعت الأساس لزواله.