مبنى منظمة أوبك في فيينا (أرشيف)
مبنى منظمة أوبك في فيينا (أرشيف)
الأربعاء 11 أغسطس 2021 / 23:15

هل اقتربت ذروة الطلب على نفط أوبك؟

قال مسؤولون حاليون وسابقون في منظمة أوبك، إن التحركات لتخفيف تداعيات التغير المناخي تعمل على تقريب ذروة الطلب على النفط، بما قد يتيح لأكبر المنتجين في أوبك وحلفائهم مزيداً من النفوذ، ويدفع ببعض المنتجين الأصغر إلى مواجهة متاعب.

ويواجه أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك، ومجموعة أوبك+، خطر تركيز الولايات المتحدة، والصين على معالجة الانبعاثات الكربونية، وخطط زيادة استخدام أنواع الطاقة المتجددة.

ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تنافس على حصص السوق وينهي التعاون بين المنتجين في سياسة الإمدادات، ويقول مسؤولون حاليون وسابقون في أوبك وآخرون مطلعون، إنهم يتوقعون تزايد المنافسة بمرور الوقت.

وقال شكيب خليل وزير النفط الجزائري السابق، الذي شغل منصب رئيس أوبك مرتين: "أوبك+ ستواجه تحدياً كبيراً في التعامل مع انكماش الطلب، لكنها ستواجه أيضاً ضغطاً متزايداً لخفض الأسعار بسبب زيادة العرض".

وبعد عقود من الإصرار على أن الطلب على النفط سيرتفع، سلمت أوبك في العام الماضي بأنه سيستقر لكن هذا الاستقرار لن يحصل قبل أواخر الثلاثينيات، ومنذ بداية جائحة كورونا، يقول مسؤولون إن ذروة الطلب قد تأتي قبل ذلك.

وقال خليل: "قد تحدث خلال السنوات العشر أو العشرين المقبلة في ضوء الاتجاه الحالي لاستخدام أنواع الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بالدول الكبرى المستهلكة".

واحتفلت أوبك، التي يعتمد أعضاؤها الـ13 على مبيعات النفط مصدراً رئيسياً للدخل، في سبتمبر(أيلول) الماضي بمرور 60 عاماً على إنشائها، بعد أن نجت من أزمات مثل الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988، وانهيار أسعار النفط عدة مرات.

ومنذ 2017 تعاونت أوبك وحلفاؤها وعلى رأسهم روسيا  عبر تكتل أوبك+ لدعم السوق بالحد من الإنتاج.

توقعات أقل 
وتعد توقعات أوبك نفسها لتوقيت بلوغ الطلب الذروة من بين أبعد التوقعات التي أطلقتها شركات الطاقة، والمنتجون والمحللون، غير أن مصدراً في أوبك قال، إن "من المرجح أن تؤدي تداعيات جائحة كورونا، إلى انخفاض توقعات الطلب في الأجل الطويل عندما تنشر المنظمة توقعاتها العالمية للنفط في 2021، والتي يتوقع أن تصدر في أواخر سبتمبر(أيلول) المقبل".

وقال مسؤولون آخرون في أوبك: "بينما ترى المنظمة أن الطلب سيصل إلى مستوياته التي كان عليها قبل الجائحة في 2022 فإن ضغوطاً نزولية تلوح في الأفق".

وقال مسؤول من دولة كبرى منتجة من أعضاء المنظمة: "أوبك قد تغير توقعاتها للطلب على النفط في الأجل الطويل في تقريرها لعام 2021، بسبب مشاكل التغير المناخي والتطورات التكنولوجية في تطوير الطاقة المتجددة وتحسينات كفاءة الأداء".

وقال حسن قبازرد رئيس قسم الأبحاث في أوبك من 2006 إلى 2013، إن الطلب قد يبلغ ذروته خلال 10 سنوات وربما بعد ذلك، ويعد هذا التقدير أقرب من الإطار الزمني الذي طرحه في تعليقات العام الماضي.

وقال: "مزيج الطاقة سيتغير وستحدث ذروة الطلب على النفط في وقت ما خلال الثلاثينيات عندما يبدأ سريان قواعد التخلص من المحركات التقليدية في المركبات"، وأضاف "هذه الذروة في الطلب ستستقر لفترة طويلة من الوقت"، ولم يكن لدى أمانة أوبك تعقيب عن توقعاته.

أوضاع الذروة
ويقول خليل وبعض المسؤولين الحاليين في أوبك، إن ما يغير التوقعات هو التركيز الأكبر من قبل أكبر المستهلكين للنفط في العالم على تغير المناخ.

وأعاد الرئيس الأمريكي جو بايدن في فبراير(شباط) الماضي الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ، بينما استهدف الرئيس الصيني شي جين بينغ في ديسمبر(كانون الأول) الماضي خفضاً حاداً لانبعاثات الكربون بحلول 2030.

وفي حالة انحسار نمو الطلب، سيلاحق المنتجون عدداً أقل من العملاء، ويمكن أن يرى الذين لديهم أقل كلفة إنتاج المزيد من الأفضلية في استراتيجية للحصة السوقية، ما قد يؤدي إلى إضعاف الأسعار وتحالف أوبك+.

وقال مسؤول كبير في شركة نفط حكومية بدولة عضو في أوبك: "الطلب على النفط قد يصل إلى الذروة في وقت مبكر جداً، ربما في منتصف العقد الحالي أو قبل ذلك".

وأضاف "المنتجون ذوو التكلفة المنخفضة مثل السعودية وبقية دول الخليج سيعملون بجد لزيادة حصتهم في السوق، ستعاني بالفعل شركات النفط الدولية الأصغر، وذات الكلفة الأعلى".

لدى أوبك حوالي 80% من احتياطيات النفط العالمية التي تملك دول الشرق الأوسط، السعودية، والعراق، وإيران، والإمارات الجزء الأكبر منها، والأعضاء الأصغر مثل الجزائر، وأنغولا، حيث الإنتاج في تراجع، لديهم كميات أقل.

وتظهر أرقام أوبك أنه على مدى العقد الماضي، رفعت السعودية والعراق والإمارات حصصها في إنتاج أوبك، بينما انخفضت حصة معظم المنتجين الأفارقة.

وقال سامويل سيزوك مؤسس إي.إل.إس أناليسيز الذي كان يعمل في وكالة الطاقة السويدية: "ذروة الطلب على النفط ستسفر عن شكل جديد من المنافسة بين منتجي النفط، حتى داخل أوبك، بلدان مثل ليبيا، والجزائر، تصدر الكثير إلى أوروبا، وربما تكون أوروبا شهدت ذروة في الطلب أو ستشهد ذروة في السنوات القليلة المقبلة، يميل كبار المنتجين الخليجيين بشكل طبيعي إلى آسيا، لذلك لن يكونوا عرضة لذلك سريعاً".

وتشير التحركات الأخيرة من أوبك+ لتخصيص خطوط أساس أعلى لقيود الإمدادات في 2022 لأكبر اللاعبين الخليجيين، إلى أن حصة أكبر في السوق تذهب إلى أكبر المنتجين بالفعل.

وقال المسؤول في المنتج الرئيسي بأوبك إنه بينما سيتعزز اللاعبون الأكبر في أوبك+، فلن يستمر ذلك طويلاً، وأضاف "زيادة حصة أوبك في سوق النفط المتقلصة لن تكون مفيدة على المدى الطويل للدول الأعضاء إذا كان الطلب العالمي على النفط يتراجع باطراد".

كما يتوقع خليل، أن يستفيد كبار المنتجين أكثر وأن تحتفظ المنظمة بدور تلعبه في الاستجابة للطلب المتراجع على النفط.

وقال: "اعتماداً على الشؤون السياسية بين دول أوبك+، قد نشهد تنافساً أكبر أو تعاوناً أكبر، قد تؤدي المنافسة الأكبر إلى فوضى بين صغار المنتجين، في حين أن التعاون الأكبر قد يسمح باستمرار دورهم في أوبك+."