المدير التنفيذي لفيس بوك مارك زوكربرغ.(أرشيف)
المدير التنفيذي لفيس بوك مارك زوكربرغ.(أرشيف)
الثلاثاء 21 سبتمبر 2021 / 10:05

ملفات فيس بوك: تسريبات تكشف فضائح وخدعاً وفشلاً في التحرك

يضر عملاق وسائل التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بالصحة العقلية للفتيات، وينشر الخدع، ويعطل الديمقراطية ويسمح لكبار الشخصيات بخرق القواعد، وكل ذلك بموجب الملفات الخاصة للشركة التي سربها أحد الموظفين. والأسوأ من ذلك أن الشركة فشلت في التحرك.

مجلس الرقابة كان مجرد حيلة من فيس بوك في مجال العلاقات العامة

 ووصل أحد موظفين شركة "فيس بوك" البالغ عددهم 60 ألفاً إلى حافة الانهيار مما دفعه إلى تسريب وثائق سرية، وتسليمها إلى صحيفة "وول ستريت جورنال"، والأهم إلى الكونغرس الأميركي ولجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، الجهة المنظمة لسوق الأوراق المالية.

ويبدو أن أولى تداعيات هذه الوثائق السرية بدأت تظهر في تحقيق وشيك في الكونغرس، ومطاردة داخل الشركة لمحاولة تحديد هوية المسرب. ووعدت صحيفة "وول ستريت جورنال" بالمزيد مما أطلقت عليه اسم "ملفات فيسبوك".

وقالت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية إن هذه التسريبات تظهر أن "فيس بوك" شركة "ذات وجهين" تبلغ قيمتها تريليون دولار، وهي تسعى بعمق لفهم أوجه القصور فيها وبالتفصيل الدقيق، بدءاً من كيفية تقويض تطبيقاتها للديمقراطية إلى كيفية إلحاق الضرر بالصحة العقلية للمراهقين، ولكنها، في الوقت نفسه، إما غير راغبة أو غير قادرة على معالجتها، فحتى عندما تحاول، تأتي بنتائج عكسية.

اللقاحات والقائمة البيضاء
من بين أهم الملفات التي تم كشف عنها أنه رغم التعهد العلني للرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ، باستخدام قوة المنصة لتشجيع الناس لتلقي اللقاحات الخاصة بكوفيد-19، فإن الباحثين في فيسبوك حذروا هذا العام من أن صفحات الموقع تتحول بسرعة إلى "بؤر لمحتوى مضاد للقاحات"، مع نشر 775 مليون تعليق مضاد لتلقي اللقاح كل يوم.

كذلك، كشفت الصحيفة أيضاً عن تفاصيل "القائمة البيضاء" على "فيس بوك"، وهي فئة "غير مرئية" داخل النظام تضم ما نحو 6 ملايين شخصية بارزة، من لاعب كرة القدم نيمار، إلى المؤثر في مجال الحيوانات دوغ ذا باغ، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب (قبل تعليق حسابه)، والذين يسمح لهم بكسر القواعد عبر نشر محتوى متطرف أو مؤذ، لا به لغيرهم وقد يتسبب في تعليق صفحات من يقوم بنشر مثل هذا المحتوى ما عدا من هم في هذه القائمة.

وتحذف عادة المشاركات التي تنتهك القواعد بإيجاز أو إرسالها إلى المشرفين البشريين لاتخاذ قرار سريع. ولكن وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن أكثر من 40 قسماً داخل فيس بوك لديها القدرة على إضافة أشخاص إلى قائمة "إكس تشك" (Xcheck) الخاصة، وهي قائمة تحتوي على حسابات المستثنين من رقابة فيسبوك على النشر.

وطلب مجلس الرقابة، الهيئة المستقلة التي أنشأتها فيسبوك عام 2019 بوصفها نوعاً من المحكمة العليا للتعامل مع أكثر القضايا المربكة، بياناً تفصيلياً عن كيفية عمل نظام الإشراف على قائمة "إكس تشك" للشركة، وعدد المرات التي تم السماح لهم بكسر قواعد النشر.

وذكرت الوثائق أن لا سجلات لمن قام بإضافة هذه الحسابات لهذه القائمة. وقد أصبح الأمر صعب التتبع لدرجة أنه لم تتم مراجعة سوى جزء صغير من المنشورات الواردة في القائمة. ونتيجة لذلك، تم منح المشاهير حقًا مطلقًا لنشر ما يحلو لهم، في حين كان الآخرون محكومًا بقواعد صارمة تهدف إلى الحفاظ على نشر محادثات حضارية وآمنة.

أثارت هذه المعلومات مخاوف من أن مجلس الرقابة الذي يضم 20 عضواً بمن فيهم زعماء سابقون ليس سوى واجهة ودعامة علاقات عامة من دون أي فعالية تذكر.

فمنذ بدأ الاستماع إلى القضايا في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، تلقى المجلس أكثر من نصف مليون استئناف، وعادة تكون حول قرارات فيسبوك إما بحذف منشور أو تركه، لكنها لا تستطيع استدعاء المستندات أو مقاضاة المديرين التنفيذيين أو فرض الغرامات. ويحصل كل عضو على راتب مكون من 6 أرقام ولا يعمل إلا بمعدل 15 ساعة أسبوعيا فقط!

قصة نيمار
وعام 2019، عندما اتهمت امرأة نيمار بالاغتصاب، لجأ مهاجم باريس سان جيرمان إلى فيسبوك و"إنستغرام" حيث لديه 161 مليون متابع، للدفاع عن نفسه.

ونشر لقطات من المراسلات مع تلك المرأة، بما في ذلك صورها واسمها الكامل. وتم ترك المنشورات لأكثر من 24 ساعة وشاهدها ما لا يقل عن 56 مليون شخص، وهذا مناف لقواعد النشر على المنصة.

ورغم معرفة الإدارة الدقيقة بمشاكل البرنامج، أخبر فيسبوك مجلس الرقابة أن تتبع البيانات "غير ممكن".
وقال هاني فريد، خبير وسائل التواصل الاجتماعي في جامعة بيرركلي بكاليفورنيا والذي أدلى بشهادته أمام مجلس الإدارة هذا العام عندما كان الجدل قائماً بشأن حظر فيس بوك لترامب، إنه "متفاجئ" من قلة معرفتهم، أي مجلس الرقابة، بقضايا مثل المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت والتطرف، التي كانت جوهر القضية. وتابع: "اعتقدت دائماً أن مجلس الرقابة كان مجرد حيلة من فيس بوك في مجال العلاقات العامة".

المراهقات بخطر
وكشف تقرير آخر من التسريبات عن بحث داخلي على إنستغرام يوضح بالتفصيل كيف أن تطبيق الصور "إنستغرام" يضر بالصحة العقلية للفتيات الصغيرات، حيث أجرت الشركة العديد من الدراسات حول تأثيرات التطبيق على الصحة العقلية منذ عام 2018، وتوصلت جميعها إلى استنتاجات مماثلة.

ففي إحدى هذه الدراسات، وجدت إنستغرام أنه من بين المراهقين البريطانيين الذين تحدثوا عن أفكار انتحارية، فإن 13% منهم أخذوها من التطبيق، حيث تدمر مجموعة لا تنتهي من الصور "الجميلة" لأقرانهم والمشاهير تقديرهم لذواتهم، مما يجعلهم في حالة نفسية سيئة.

وفي الولايات المتحدة، أعلن كل من السناتور ريتشارد بلومنثال والسيناتور مارشا بلاكبيرن عن تحقيق، واتهما الشركة بـ"التستر" على هذه المعلومات.

نيوزفيد
وتكشف الوثائق حقيقة أخرى مفادها أن شركة فيس بوك ليس لديها إشعار يذكر بكيفية تعامل خوارزمياتها مع سلوك المستخدمين.
ففي عام 2018، قامت الشركة بتعديل خوارزمية "نيوز فيد" (News Feed)، وهي جوهر تطبيق فيس بوك الرئيسي الذي يغذي المنشورات والصور والمقالات. وكان الهدف ذا شقين: أولا وقف التدهور المستمر في المشاركات، الذي يُقاس بالمشاركة والتعليقات، وثانيا، إعادة النشر وتحسين "التفاعل الاجتماعي الهادف".

ولتحقيق ذلك، قامت فيسبوك بإعطاء وزن أقل للمحتوى المنتج مهنياً، بما في ذلك مقالات من منظمات إخبارية ناشطة مثل "بريت بارت"  لصالح منشورات من الأصدقاء المقربين والعائلة، معتقدين أن هذا خيار أكثر أماناً.

كان وراء هذه الخطوة الجنون الذي ساد موقع فيسبوك لفترة طويلة. فقد استحوذ على زوكربيرغ هوس الخوف من التطبيقات الجديدة اللامعة مثل "سناب شات" ومؤخرا "تيك توك" من أنها ستحل محل فيسبوك لتكون ملكة وسائل التواصل الاجتماعي.

وأدى تعديل "آخر الأخبار" إلى إبطاء التراجع في المشاركة، لكنها جعلت المنصة أيضاً أكثر سمّية. حيث قام الناشرون والأفراد بتكثيف المنشورات المتطرفة والإثارة بعد أن اكتشفوا، في ظل النظام الجديد، أن هذه المنشورات أدت إلى مزيد من الردود وانتشرت على نطاق أوسع.
وحذر علماء بيانات فيس بوك من أن التغيير له "آثار جانبية غير صحية على شرائح مهمة من المحتوى العام، مثل السياسة والأخبار".