المبعوث الأمريكي الخاص بإيران روبرت مالي (أرشيف)
المبعوث الأمريكي الخاص بإيران روبرت مالي (أرشيف)
الجمعة 15 أكتوبر 2021 / 12:50

"الدفاع عن الديمقراطيات": حان وقت الحسم مع إيران

نبه الأكاديميان البارزان في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات ريتشارد غولدبيرغ وجايكوب نايجل الرئيس الأمريكي جو بايدن من مواجهة استحقاق مفصلي قريباً، مع إيران، قائلين في موقع "ذا ديسباتش" إن الوقت حان لاتخاذ القرار الأهم في رئاسته في هذا الملف.

على إدارة بايدن طلب عقد اجتماع فوري لمجلس الوكالة قبل اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) لمحاسبة إيران على طائفة واسعة من التصرفات غير الشرعية

وفي الأسابيع القليلة المقبلة، يمكنه إما بناء تحالف لمحاسبة طهران على خداعها وسوء سلوكها النووين، أو السقوط في فخ الملالي وإغلاق الباب أمام توقيع اتفاق نووي أقوى وأطول.

وطيلة أشهر عملت إدارة بايدن وفق افتراض خاطئ، واعتقدت أنّه إذا خففت الولايات المتحدة الضغطين السياسي والاقتصادي عن إيران، مع نبذ أي تهديد جدي باستخدام القوة، ستتفاوض طهران على اتفاق نووي بديل للاتفاق المعيب الذي انسحبت منه الإدارة السابقة، ولكن في الواقع، ثبتت صحة العكس.

لو تصاعد الضغط
دخلت إيران في 2021 بـ 4 مليارات دولار فقط من احتياطات النقد الأجنبي التي يمكنها الوصول إليها، في مواجهة رئيس أمريكي أظهر رغبة في استخدام القوة ضد إيران مع احتمال تحويل مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية النظام الإيراني إلى مجلس الأمن لانتهاكه معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي.

وبشكل يشرح الكثير، بدأت إيران تنتج اليورانيوم عالي التخصيب في أوائل يناير (كانون الثاني) لأن النظام كان واثقاً أن إدارة ترامب كانت على أعتاب الرحيل، ولم تعد تتمتع بالإرادة السياسية للرد عسكرياً.

ولو تصاعد الضغطان السياسي والاقتصادي في 2021 أيضاً، لكانت الولايات المتحدة تتفاوض على الأرجح مع إيران، على اتفاق نووي.

حملة الخضوع الأقصى
في 20 يناير (كانون الثاني)2021، حصل الملالي على فرصة جديدة للحياة مع تحول حملة الضغط الأقصى إلى حملة خضوع أقصى، وعوض مواصلة حرمان النظام من السيولة، سمح بايدن لإيران باستخدام احتياطاتها المجمدة، لإعادة سداد ديونها الخارجية، وقيد قدرة الحلفاء الأوروبيين على لوم  إيران على رفضها المستمر للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول المنشآت والمواد النووية التي لم تعلنها.

وفي الوقت نفسه، اختبرت إيران بايدن من خلال وكلائها الإقليميين الذين شنوا هجمات متواصلة على الجنود الأمريكيين في العراق، وإسرائيل، والسعودية، وعلى الشحن البحري.

ومع ذلك، لم يرد بايدن على الهجمات، حتى بعد مقتل متعاقد أمريكي، كما فعل سلفه دونالد ترامب حين استهدف أفراداً من الحرس الثوري.

قلبت الوضع
نتج عن ذلك حسب المحللين أكبر توسع إيراني عدواني في تخصيب اليورانيوم، وتقييد التفتيش الأممي بجرأة غير مسبوقة في إيران، إضافة إلى تعيين حكومة متشددة لرسم أساس نووي جديد للمحادثات في المستقبل.

سمح بايدن لإيران بقلب الوضع في أشهر، من نظام معزول على وشك الانهيار المالي إلى نظام يزداد ثقة في نفسه ويقترب من الحصول على مواد نووية للاستخدام العسكري. وقد يسعى النظام نحو ما  أخطر، التسلل النووي، الذي بموجبه تستخدم إيران منشآت سرية وأجهزة طرد متطورة استعداداً للتفجير.

أكثر من انتهاك

تشغّل طهران أجهزة متطورة، وتخصب اليورانيوم إلى نسبة نقاء بـ 60% وهي نسبة قريبة جداً من جمع ما يكفي من المواد الانشطارية المستخدمة للسلاح العسكري.

كما تعمل طهران على تكنولوجيا معدن اليورانيوم، وتعزز مساري التخصيب والعسكرة لبناء قنبلة نووية. وترفض الرد على أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد عثور مفتشيها على مواد نووية داخل ما لا يقل عن ثلاثة منشآت غير معروفة سابقاً، وعن سبب رفضها كشف هذه المنشآت للوكالة.

لقد رفضت إيران إعطاء الوكالة تسجيلات الفيديو عن منشآتها المعلنة، فالنظام يرفض لا الامتثال لالتزاماته وفقاً للاتفاق النووي، فقط، بل ينتهك أيضاً التزاماته الأهم بحسب معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

تذكير إضافي
وأضاف المحللان أنه منذ أصبح بايدن رئيساً، اجتمع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ثلاث مرات، وقبل كل اجتماع، عارضت الإدارة محاولات ديبلوماسية لشجب رفض إيران التعاون مع الوكالة ورفض الامتثال لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، رغم التقارير القاسية لمديرها العام.

وبعد كل اجتماع، زادت إيران سوء سلوكها النووي، وفرضت المزيد من القيود على الوكالة، وعلى التعاون مع تحقيقاتها. وبعد أيام قليلة من اجتماع مجلس المحافظين في سبتمبر (أيلول) الماضي، منعت إيران الوكالة من دخول منشأة أخرى لتجميع أجهزة طرد مركزي في كرج، رغم أنها وافقت على تفتيشها قبل أيام من اجتماع المجلس.

ومضى غولدبيرغ ونايجل كاتبين أنه إذا كان المجتمع الدولي في حاجة إلى تذكير إضافي بأن الضغط، لا الاسترضاء، هو المعادلة الوحيدة الثابتة لكسب التعاون الإيراني، فإن التقرير عن كرج تذكير صريح بذلك.

آن الأوان 
بينما يتطلع العالم إلى الاجتماع الأخير لمجلس محافظي الوكالة لهذه السنة في نوفمبر(تشرين الثاني)، تستمر الشكوك في مصداقية معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والوكالة، ومديرها العام رافاييل غروسي، وهي نقطة على ديموقراطيي وجمهوريي الكونغرس، إثارتها مع غروسي حين يزور الولايات المتحدة في الأسبوع المقبل.

وإذا ارتكب بايدن الخطأ نفسه للمرة الرابعة فسيتحمل وحده مسؤولية ما سيحدث، أي المزيد من التصعيد النووي إلى 2022، إن الأوان آن، ليقلب الرئيس الطاولة.

فبالتنسيق مع حلفاء واشنطن في أوروبا، على إدارة بايدن طلب عقد اجتماع فوري لمجلس الوكالة قبل اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) لمحاسبة إيران على طائفة واسعة من التصرفات غير الشرعية، على أن يعقبه سريعاً قرار رسمي في اجتماع مجلس المحافظين الفصلي، يدين إيران لا على زيادة تخصيبها اليورانيوم والحد من وصول المفتشين إلى منشآتها، لكن أيضاً لرفضها التحقيقات في الضمانات الأممية والتي مضى عليها ثلاثة أعوام.

مالي نقطة الضعف
لا يشك الكاتبان في أن أصواتاً داخل إدارة بايدن، بما فيها الموفد الخاص روبرت مالي، وربما حتى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ستبحث عن أي عذر لإبقاء السياسة الحالية.

وقد ينسق مالي مع روسيا، والصين وبعض الديبلوماسيين الأوروبيين اليائسين، للحفاظ على الإطار القديم للاتفاق النووي بأي كلفة، لوضع جدول الجولة الثانية من المفاوضات الأمريكية الإيرانية قبل اجتماع مجلس المحافظين في نوفمبر (تشرين الثاني)، وإذا ابتسم الموفدون الإيرانيون أمام مفاوضيهم فسيدافع مالي عن رفض الضغط السياسي الإضافي على الإيرانيين.

يمكن أن تسح إيران بوصول لمفتشي الأمم المتحدة إلى منشأة كرج قبل اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بما يعطي مالي وآخرين فرصة للقول إن واشنطن حققت تقدماً حتى ولو كان الوصول إلى كرج آخر خطط لطهران لتشتيت الانتباه عن سلوكها النووي السيئ.

يحتاج بايدن وكبار مستشاريه للاعتراف بأنه بعد أكثر من ثمانية أشهر من إهدار النفوذ الاقتصادي الأمريكي، والسماح لإيران بزيادة نفوذها النووي بشكل واسع، لا تؤدي نصيحته لا للانضمام إلى الاتفاق النووي، ولا للتوصل إلى اتفاق أطول وأقوى، وعوض ذلك، فإنها تؤدي إلى الأسوأ، ما يسمى مبدأ "الأقل مقابل الأقل" حيث توفر الولايات المتحدة رفعاً "جزئياً" للعقوبات مقابل تنازلات نووية إيرانية "جزئية".

ثلاثة أوضاع لا تُحتمل
قد يبدو هذا المبدأ جذاباً في الظاهر، لكن الإغاثة الجزئية، هو ما يبحث عنه الملالي بالضبط. سيسمح لهم ذلك بمواصلة دعم نشاطاتهم الإرهابية حول العالم، وتحويل تقدمهم النووي إلى نقطة أساسية جديدة لانطلاق المفاوضات في المستقبل.

وكما رأى المراقبون في 2013، فإن اتفاقاً مؤقتاً يخفف العقوبات ويزيل جميع عناصر النفوذ الأمريكي ينتهي بالتوصل إلى اتفاق نهائي معيب.

ويرى الكاتبان أن الوضع الراهن لا يمكن الدفاع عنه. لكن عودة إلى اتفاق معيب ومنتهي الصلاحية أو حتى إلى اتفاق أسوأ على قاعدة "الأقل مقابل الأقل" مرفوضان أيضاً.

خيار أخير؟
يقترح المحللان على بايدن، إعادة بناء تحالف من الديموقراطيات الراغبة في فرض ضغطين اقتصادي وسياسي، مع ردع عسكري مستدام، لإجبار إيران على الامتثال لالتزاماتها في معاهدة عدم الانتشار وللتفاوض على الاتفاق الأطول والأقوى الذي لطالما أراده بايدن.

إن إدارة الرئيس الحالية حريصة على القول إن القيادة الأمريكية في المؤسسات الدولية المتعددة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية "عادت". سيراقب العالم، فيينا في الأسابيع المقبلة لمعرفة إذا كان ذلك صحيحاً.