الثلاثاء 19 أكتوبر 2021 / 08:21

تحقيق انفجار المرفأ.. "يعيد" التأزم إلى بيروت

يصعد زعيم ميليشيات حزب الله في لبنان حسن نصر الله ليلقي خطاباً جديداً بمواجهة اللبنانيين، وكالعادة يستبق الخطاب برسائل تهديد يوجهها مرات عبر إعلام ميليشياته أو حتى عبر مقربين منه على وسائل التواصل الاجتماعي، رسائل آخرها تحمل معاني بأن ما قبل هجوم ميليشياته في منطقة الطيونة ليس كما قبله.

ولكن نصر الله الذي أخذ اللبنانيين إلى حرب صغيرة على أحد خطوط الحرب الأهلية محاولاً رمي الخوف وإعادة الذاكرة السوداء، استطاع أن يذكرهم بقدراته الإجرامية من قصف وقتل وإشعال للحروب مثلما فعل في سوريا واليمن والعراق، أرد بتخويفهم أن ينسوا انفجار مرفأ بيروت أو يتناسوه، وأن يطلبوا من قاضي التحقيق الانسحاب وتحييد نفسه عن التحقيقات.

ولكن كما يقول أحد المقربين من القاضي طارق البيطار، فإن المحقق العدلي لن يتبع إلا "أجندة" العدالة لكشف من استورد مادة "نيترات الأمونيوم" والمتسبب والفاعل ومن يحاول إخفاء الحقائق بجريمة الرابع من أغسطس(آب) 2020، التي أدت لتدمير نصف العاصمة بيروت ومقتل 217 بريئاً وجرح نحو سبعة آلاف آخرين.

بالنسبة لحزب الله، فالخيار واضح هو تأزيم الوضع وصولاً إلى فرض التنحي على البيطار من تلقاء نفسه، وهو خيار لن يتخّذه قاضي التحقيق، أو إقصائه عن الجانب المتعلّق بالتحقيق مع المسؤولين السياسيين والرؤساء والوزراء، لتفريغ الملف من المعلومات المطلوبة.

ويتجه حزب الله وحلفائه إلى العمل لإقصاء البيطار عبر تشكيل لجنة برلمانية، هدفها التحقيق مع النواب المطلوبين، بدلاً من التحقيق معهم عند القاضي، وهو ما تراه المصادر في حديثها إلى موقع 24 تفريغاً للتحقيق من دوره بإظهار الحقيقة، ودفع المجلس الأعلى للقضاء للتدخل لتغيير البيطار، بعدما يصبح المدعى عليهم خاضعين لمرجعين: المحقق العدلي واللجنة النيابية.

وخلال الأيام الماضية التي تلت اشتباكات عين الرمانة، جرب حزب الله الدفع لإحالة البيطار إلى التفتيش القضائي بحجج وهمية، ولكنه فشل، كون الاقتراح غير قانوني ويؤشر إلى التدخل السياسي الواضح بالقضاء.

ويقول المصدر إن التدخلات بالقضاء اللبناني لم تتوقف يوما، ولكن انفجاراً بحجم ما حصل في مرفأ بيروت وضع عيون المجتمع الدولي على الملف، فلم يعد ممكناً السماح بالتزوير، وخصوصاً من قبل القضاة الذين عملوا طويلاً في محاربة الفساد، والذين تلقوا رسائل واضحة من "أصحاب الدم" أي أهالي القتلى، بأن المشارك بالتزوير وتضييع التحقيق مثله مثل القاتل.

يطل زعيم الميليشيات، يرفع سبابته مهدداً اللبنانيين، هو يعرف أن الحقيقة أصبحت واضحة ومكشوفة، ويعرف أن من يشاهدونه يعرفون ما يفعل وماذا يريد من تضييع التحقيق، ولكنه لن يتراجع عن أهدافه، فهو يدرك جيداً أن ما قبل انفجار مرفأ بيروت ليس كما بعده.