الثلاثاء 19 أكتوبر 2021 / 12:47

ناشيونال إنترست: على أمريكا الاعتراف بخسارتها في سوريا... أيضاً

24-زياد الأشقر

تناول علي ديمرداش في "ناشيونال إنترست" الأمريكي ما سماه بإخفاق السياسة الأمريكية في سوريا، قائلاً إن إنفاق دافعي الضرائب الأمريكيين 2.3 تريليون دولار، وتضحيات أكثر من 2400 جندي، لم تكن كافية للتغلب على الاختلافات العرقية والقبلية والدينية، من أجل بناء أمة أفغانية ديمقراطية صديقة للولايات المتحدة.

الولايات المتحدة حققت إنجازات كبرى في العالم، لكن ليس بينها بناء الأمم. فمن فيتنام إلى العراق، أثبتت واشنطن على نحوٍ متكرر، أن قوتها لا تكمن في بناء الأمم

وقال إن في العراق حكاية مشابهة، فبعد إنفاق تريليوني دولار، ومقتل أكثر من 4500 جندي أمريكي، سلمت البلاد إلى إيران على طبق من فضة.

وبطريقة ما، وبإسقاط صدام حسين، العدو اللدود لإيران، أنجزت الولايات المتحدة ما لم تستطع طهران إنجازه في الثمانينات، ولم تكن إيران في مثل قوتها كما هي اليوم في العراق. وعلاوة على ذلك، فإن الغزو الأمريكي للعراق لم يمهد الطريق فقط للتوسع الإيراني في العراق، وسوريان ولبنان، وإنما سهل الاستغلال الروسي والصيني للصناعة النفطية العراقية المغرية. وباتت روسيا اليوم المصدر الأول للسلاح إلى العراق.

سوريا
والنموذج نفسه، يطبق في سوريا اليوم، حيث ينتشر ما يصل إلى 900 جندي أمريكي. وعلى غرار ما حدث في أفغانستان، والعراق، وعلى رغم إنفاق مليارات الدولارات، فإن أمريكا أخفقت في بناء أمة في سوريا.

وببساطة، فإن الوقائع العرقية والقبلية والدينية على الأرض، ووجود قوى إقليمية مثل روسيا، وتركيا، وإيران، يعرقل جهود واشنطن لبناء دولة كردية صديقة لأمريكا في المنطقة. وعوض مواصلة محاولات لا جدوى منها، على الولايات المتحدة، الحد من خسائرها.

الدولة الكردية
وعندما فكك التحالف الفرنسي الإنجليزي بنجاح الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط إلى دول مستقلة، فإنه لم يستطع أن يوجد دولة كردية مستقلة.

ومن الأسباب الكثيرة التي حالت دون ذلك "الإفتقار إلى وحدة" كردية و"العجز عن التعاون في مواجهة المحيط الأوسع".

وكان الشك بين الأكراد أنفسهم العقبة الأكبر أمام دولة كردية مستقلة في مرحلة ما بعد الإستعمار.

وفي منطقة الحكم الذاتي في كردستان العراق، أنشأ حزب "الإتحاد الديموقراطي الكردستاني" الذي كان يتزعمه جلال طالباني، في أغسطس (آب)2021 تحالفاً رسمياً مع تحالف "الفتح" في العراق الذي يقوده الشيعة الموالون لإيران عشية الإنتخابات التشريعية الأخيرة في العراق.

وتتحدث وسائل الإعلام الإيرانية دائماً عن طالباني بصفته "صديقاً لإيران".

تحالف مؤقت
وتعي "قوات سوريا الديموقراطية" و"الحزب الديموقراطي الكردي" السوري، أن التحالف مع أمريكا  مؤقت، وأنهما لن يقدما على معاداة إيران من أجل إسرائيل.

لا شك في أن الولايات المتحدة حققت إنجازات كبرى في العالم، لكن ليس بينها بناء الأمم. فمن فيتنام إلى العراق، أثبتت واشنطن على نحوٍ متكرر، أن قوتها لا تكمن في بناء الأمم.

إن عجز الولايات المتحدة عن فهم آلاف السنين من الديناميات التي شكلت الشرق الشرق الأوسط، من العوامل التي أدت إلى إخفاق أمريكا في تحقيق تقدم بالمنطقة.

ومنذ سقوط الاتحاد السوفييتي، أهدرت الولايات المتحدة الأعوام الثلاثين الماضية في التورط بين نهري الفرات ودجلة في العراق، وفي جبال أفغانستان، مطاردة شبح الإرهاب، ما ساعد على استنزافها مالياً وأصاب الشعب الأمريكي "بتعب أبدي"، وساعد الصين فأصبحت تحدياً خطيراً للسيطرة الأمريكية على العالم.

وعوض أن تستمر في المسار الحالي في سوريا، على واشنطن أن تلتفت إلى أمور مهمة. وعليها أن تترك للقوى الإقليمية التعامل مع مشكلة لم تكن من مسؤولياتها إطلاقاً.