صورة معمر القذافي في مدخل بني وليد الليبية (أرشيف)
صورة معمر القذافي في مدخل بني وليد الليبية (أرشيف)
الثلاثاء 19 أكتوبر 2021 / 16:09

بعد 10 أعوام من إعدامه...ليبيون يحنون إلى عهد القذافي

تستقبل صورة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي يحيط بها علمان أخضران لنظام الجماهرية، الذي كان يتزعمه زوار مدينة بني وليد في غرب ليبيا، حيث لا يزال السكان يتذكرون العقيد القذافي بعد 10 أعوام من وفاته ويحنّون اليه.

وتنتشر مبان غير مكتملة على تلال صخرية في المدينة على طرف الصحراء الليبية والعديد منها لا يحمل ثقوباً بسبب رصاص وقذائف، في مدينة محملة بندوب الحرب.

وبقيت بني وليد التي يقطنها نحو 100 ألف شخص، ومعقل قبيلة ورفلة، مواليةً للحاكم المخلوع في 2011 وواجهت المقاتلين المعارضين الذين تمكنوا من احتلالها في أكتوبر(تشرين الأول) 2012.

وفي ساحة عامة تجتاحها الرياح والغبار، نافورة جافة قبالة عربة قديمة صدئة، وتتراكم بقايا قذائف في كومة من الخردة المعدنية، بينما تهيمن لوحة كبيرة تضم صور شهداء المدينة تهيمن على النصب التذكاري.

وقال أحد المارة عند رؤيته صحافي: "سيبقى معمّر في قلوبنا دائماً"، وهو ليس الوحيد الذي يحن إلى عهد الزعيم السابق الذي قبض عليه مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الليبي، قبل 10 أعوام، وأعدموه لاحقاً في اليوم نفسه.

وقال محمّد دايري: "معمر القذافي رمزٌ ولديه أنصار، سواء كان موجوداً أو لا"، وأضاف "ما وصلت إليه ليبيا اليوم من فشل كانت سببه الأمم المتحدة التي جرتها قوات استعمارية، قالوا إنهم فعلوا هذا من أجل المدنيين، أين هم اليوم بعد معاناة آلاف الليبيين المدنيين والنازحين؟".

ويبدو وكأن الزمن توقف في واحة بني وليد، 170 كليلومتراً جنوب شرق العاصمة طرابلس، وكأن الثورة في 2011 لم تحدث قطّ، أما العلم القديم للمملكة الليبية بألوانه الثلاثة أحمر، وأسود، وأخضر، والذي أُعيد استخدامه بعد 2011، فغائب، على عكس العلم الأخضر للعقيد القذافي والذي يرمز إلى "ثورته الخضراء".

وقال محمد أبي حمرة الذي يضع ساعة يد تحمل صورة القذّافي "قبل 2011، كانت ليبيا تحت نظام جماهيري كان فيه كل الليبيين أسياداً، أما اليوم، فنستذكر 10 أعوام، من الظلم، والقصف، والقتل والخطف"، وتابع "نعلم أن الثورة هي تغيير للأفضل، لكن ما حدث بعد 2011 لم يكن ثورة بالمفهوم الصحيح بل مؤامرة ضدّ ليبيا ومستقبلها وثرواتها".

وغرقت ليبيا في الفوضى بعد 2011، وتسعى حالياً إلى تجاوز هذا الفصل بعد أن توصل الحوار السياسي الذي أطلق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بين الأطراف الليبيين في سويسرا برعاية الأمم المتحدة، إلى وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية يفترض أن تشرف على الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر(كانون الأول) المقبل.

ولكن لا يبدو أن بني وليد مستعدة لطي صفحة الماضي، فهي لم تستسلم للمقاتلين الموالين للحكومة إلّا بعد مقاومة شرسة، وقال محمد دايري بأسى: "كانت سابقة في التاريخ، دولة تقرر الهجوم على إحدى مُدُنها، وعلى سكّانها".

ويشعر المهندس فتحي الأحمر، بالأسى نفسه، قائلاً: "سبب تعلق هذه المدينة بالنظام السابق هو ما جرّه علينا فبراير(شباط) 2011 من حروب، ومآسٍ وتقسيم البلاد، وانتهاك سيادة الدولة"، وأضاف "لا نزال نتشبث بالماضي لأننا لا نزال نرى فيه الأمن الذي نفتقده في ليبيا اليوم".

وحكم القذافي ليبيا 42 عاماً بقبضة من حديد، وتعرض لانتقادات واسعة من دول غربية ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، ويعتقد الصحافي أحمد أبوحريبة، في بني وليد أن "ّمعمر القذافي لم يكن دكتاتورياً بل حريصاً على المواطنين".

ويشيد بالاستقرار والازدهار الاقتصادي والمشاريع التي أُطلقت في عهده، مقارنة بحياة الليبيين اليوم التي يسيطر عليها انعدام الأمن، وشحّ المواد الأساسية، والتضخم، ويتابع "توقفت كلّ المشاريع منذ 2011، فكيف نوالي التيارات الجديدة، وهي لم تبنِ أي مشروع في ليبيا؟".

ويتمسّك أبوحريبة بـ "استمرارية الولاء للزعيم معمّر القدافي ولابنه سيف الإسلام"، الذي صرح في مقابلة نادرة مع صحيفة "نيويورك تايمز" في يوليو(تموز) الماضي، أنه يريد "إحياء الوحدة المفقودة في ليبيا بعد عقد من الفوضى"، ملمحاً إلى احتمال ترشحه للرئاسة.