الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ.(أرشيف)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ.(أرشيف)
الجمعة 22 أكتوبر 2021 / 11:44

روسيا والصين ليستا محوراً واحداً.. إلا إذا أراد الغرب ذلك

حذر الباحث في التاريخ الروسي والأستاذ الفخري في جامعة يو سي أل البريطانية الدكتور مارك غاليوتي من الاتجاه المتزايد في الغرب لمعاملة روسيا والصين على أنهما يشكلان محوراً واحداً. فهذا الأمر لا يقلل من التوترات الحقيقية بين موسكو وبيجينغ وحسب لكنه يخاطر أيضاً بتقريبهما إلى بعضهما البعض.

ما يرجح خلق محور روسي-صيني هو إجراءات غربية قاسية ستجبر الكرملين على رؤية بيجينغ بأنها أهون الشرين

ويشير غاليوتي في مجلة "سبكتايتور" البريطانية إلى أحدث مثل على ذلك، وهو المقابلة التي أجراها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ مع صحيفة فايننشال تايمز حيث انتقد "هذه الفكرة برمتها أننا إما نتطلع إلى روسيا، أو إلى الصين... لأنهما تتماشيان معاً". المعنى الضمني لهذا الكلام هو وجود محور صيني-روسي يمثل تحدياً واحداً متجانساً للغرب.

تقارب... ما طبيعته؟
ثمة تقارب متزايد بين الدولتين، لكن معظمه رمزي أو تقايضي بحسب الكاتب. تشكك روسيا والصين بالنظام الدولي الذي يقوده الغرب. هما تريان السيادة الوطنية على أنها أهم من الأعراف الدولية. كذلك، إن محاولات الغرب تغيير موسكو وبيجينغ عبر العقوبات والوعظ الأخلاقي أعطتهم مظلومية مشتركة. لدى روسيا والصين أسباب عملية للتعاون، ليس أقلها إرادة الاقتصاد الصيني الشره الحصول على الطاقة والمواد الخام التي تؤمنها روسيا، وكذلك الأسلحة المتطورة مثل صواريخ أس-400.

وتتفق الدولتان في المجال الاقتصادي بشأن حرصهما على تقليص هيمنة الدولار عالمياً. لكن الحقيقة هي أن الصين مهمة لروسيا أكثر من العكس. ما تريده الصين من روسيا تستطيع شراءه، والروس يحتاجون لبيعه. لقد تضاعفت حصة الصين في التجارة الروسية مرتين تقريباً منذ 2013. ويتساءل غاليوتي: إذاً من الذي يحب حقاً دائنيه؟

هل يعرضون الدعم؟
أضاف الكاتب أن موسكو سعيدة بالوقوف إلى جانب بيجينغ من أجل الحصول على انتباه الغرب لكنها تدرك أيضاً أنها تخاطر بأن تصبح "الأخ الأصغر". في الوقت الحالي، تفرض الصين الشروط. يتزايد حضورها في الفضاء التقليدي للنفوذ الروسي، آسيا الوسطى، ومؤخراً في أفغانستان.
وبينما اقتصر الموقف الروسي بشكل كبير على التعاطف بشكل هادئ مع مواقف بيجينغ حول تايوان، هنالك قلق متزايد في موسكو التي يمكن أن تجد نفسها منجذبة بالقوة إلى بعض الخلافات الأمريكية-الصينية في المستقبل. وبيجينغ نفسها لم تعترف قط بضم روسيا القرم. إذا حاول الرئيس الصيني شي جينبينغ إعادة توحيد تايوان مع البر الرئيسي بالقوة، فلن يكون واضحاً ما إذا كان الروس سيعرضون الدعم على الصينيين.

غضب
بينما يتعاون كبار القادة العسكريين الروس مع نظرائهم الصينيين وبشكل علني جداً، تبقى علاقتهم أكثر محدودية بكثير مما يفترضه البعض. خلف الأبواب المغلقة، لا يزالون يجرون محاكاة لنزاعات محتملة بين بعضهم البعض على طول الحدود. وأصبح جهاز الأمن الفيديرالي الروسي أكثر صراحة في ما يخص التجسس الصيني بحسب الكاتب، وخصوصاً التجسس السيبيراني. كانت إدانة أليكسي فوروبيف هذا العام بناء على تهم بنقل أسرار إلى الصين، وسجنه لعشرين عاماً، بمثابة تصريح علني قوي عن هذا الغضب.

لا للتطرف في الرؤية
إن الميل إلى جمع روسيا والصين معاً هو مؤذ للغرب. لكن ذلك لا يعني أن يتحاذق الغرب إلى درجة أن يدق إسفيناً بين بيجينغ وموسكو. فموسكو لن تصبح بيدقاً بيد الغرب. عوضاً عن ذلك، على الغرب الاعتراف بأن روسيا لن تصبح تابعة للصين – إذا استطاعت تفادي ذلك. إن ما يرجح خلق محور روسي-صيني هو إجراءات غربية قاسية ستجبر الكرملين على رؤية بيجينغ بأنها أهون الشرين، أو بشكل أكثر ترجيحاً، هو إنشاء ظروف في السوق والتكنولوجيا والمال تجعل الدولتين تترابطان أكثر وأكثر. في تلك الظروف، ستجعل قوة الجاذبية الهائلة للاقتصاد الصيني من روسيا قمراً يدور في فلكه. وسيكون الغرب قد ساعد في ذلك، وفقاً لغاليوتي.