مصنع فولاذ في شمال فرنسا (أرشيف)
مصنع فولاذ في شمال فرنسا (أرشيف)
الجمعة 22 أكتوبر 2021 / 18:16

الصناعة الأوروبية تحت ضغط أزمة الطاقة

تواجه الصناعات الأوروبية المستهلكة للطاقة ضغوطاً هائلة مع الارتفاع الكبير في أسعار الغاز والكهرباء، وتطالب رؤساء الحكومات الذين يعقدون اجتماعا في بروكسل الجمعة، بإجراءات لمساعدتها على مواجهة "انفجار الأسعار الخارج عن حدود المنطق".

وقالت شركة نيرستار الهولندية الرائدة في تنقية الزنك الأسبوع الماضي إنها ستخفض إنتاجها "إلى حدّ 50%" في ثلاثة مصانع أوروبية في هولندا، وبلجيكا، وفرنسا بسبب أسعار الطاقة والكربون المرتفعة جداً في أوروبا.

وأوضحت أنه مع "الزيادات الكبرى في كلفة الكهرباء خلال الأسابيع الماضية" وسعر الكربون المرتفع في السوق الأوروبية، "بات من غير المربح اقتصادياً استغلال المصانع بكامل طاقاتها".

وعلى مسافة 30 كلم من فان في فرنسا، قال جاك بيدو رئيس "بي سي إف ساينسز لايف"، وهي من الشركات المتوسطة والصغرى وتوظف 200 شخص وتنتج حموضاً أمينيّة انطلاقاً من ريش دواجن، إنه يواجه أزمة "غير مسبوقة".

وأضاف أن سعر الغاز المستخدم لإنتاج الحرارة الضرورية للتحليل المائي لمادة الكيراتين الموجودة في الريش "زاد بـ4.5 أضعاف منذ يناي (كانون الثاني) 2020" فيما تضاعف سعر الكهرباء "2.5 مرات".

لكن بيدو الذي يتابع يومياً مؤشر "بيغ نور 2022" لأسعار الغاز بالجملة، يؤكد "لسنا في مأزق".

فبإمكان شركته، الوحيدة الناشطة في هذا القطاع في أوروبا، أن تزيد تكاليف الإنتاج البالغة 20% في ستة أشهر على عاتق زبائنها.

والأمر نفسه ينطبق على شركة "إير ليكيد" العملاقة للغاز الصناعي التي تحمي نفسها من تقلبات الأسعار بتوقيع عقوداً تضع تكاليف السلع والخدمات المستخدمة على حساب زبائنها، وهم من الشركات الكبرى.

ولفت نيكولا دو وارن رئيس "اتحاد الصناعات المستخدمة للطاقة" في فرنسا إلى أن "نقل أعباء ارتفاع التكاليف على الزبائن، لا يكون ممكناً إلا إذا كنت رائداً في سوق معينة، من الجهات التي تحدد الأسعار".

أما الذين لا يملكون هذا الخيار "فقد يتكبدون أضراراً" حسب ما قال دو وارين، مضيفاً "إما أن تبيعوا بخسارة، أو تجازفون بفقدان قسم من حصص السوق" في مواجهة منتجات مستوردة من أمريكا أو آسيا.

وانعكس الأمر بشكل خطير مثلاً على شركة "ألمنيوم دانكرك"،أحد أكبر منتجي الألمنيوم في أوروبا.

وقال رئيس المصنع غيوم دو غويس لوكالة فرانس برس: "ارتفعت أسعار الألمنيوم كثيراً في بورصة لندن للمعادن، لكن أقل بكثير من سعر الكهرباء".

وتابع "زادت حصة الكهرباء في تكاليف إنتاجنا إلى 40% بعدما كان معدلها 25% في السنوات الماضية، ما يعني أنها تضاعفت تقريباً".

وهو يخشى أن يضطر إلى خفض الطاقات الإنتاجية في مطلع 2022 "إذا لم تتخذ تدابير ملموسة على صعيد الطاقة" لمساعدة الصناعيين الأوروبيين.

ولفت إلى أن الصناعيين في روسيا يستفيدون من سعر مضبوط للغاز "يقارب 5 يورو للميغاوات ساعة، في حين أننا نشتريه بأكثر من 100 يورو للميغاوات ساعة".

وأطلقت الجمعيات التي تمثل الصناعات الأساسية في أوروبا إنذاراً معتبرة أن انتعاش الصناعة الأوروبية بعد أزمة كورونا "في خطر"، وكذلك قدرتها على "تحقيق أهدافها على صعيد المناخ".

وفيما يعقد قادة الدول الـ27 قمة الجمعة في بروكسل، طلب الصناعيون في قطاعات الكيمياء، والورق، والسيراميك، والألمنيوم، والصلصال، والزجاج، من الاتحاد الأوروبي وضع "تنظيمات خاصة بالمساعدات الحكومية للسماح للدول الأعضاء بالتحرك بشكل أوضح مما هو مسموح به اليوم خلال فترات التوتر في سوق الطاقة".

كما دعوا التكتل إلى "استخدام ضغطه التجاري والدبلوماسي الكامل على كبار مزودي الغاز" مثل روسيا.

وفي موقف بدا بمثابة رد على هذه المطالب، انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر شبكة "إن إس 2" التلفزيونية "فلسفة المفوضية الأوروبية" التي تظن أن أسواق الطاقة "يمكن ضبطها في البورصة، بسوق الصفقات الفورية".

واعتبر أن "ما نراه اليوم في أسواق الطاقة، تعبير عن الرأسمالية التي لم تعد تعمل بطريقة مجدية" مضيفاً "أرادوا إقناعنا بضرورة التخلي عن العقود طويلة الأمد".