الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.(أرشيف)
الخميس 18 نوفمبر 2021 / 11:35

لعبة شد حبال بين روسيا وأوروبا.. من ينتصر؟

استهل الكاتب السياسي في مؤسسة الرأي الأمريكية "ناشونال إنترست" مقاله بتذكر كيف تفاءل أحد زملائه، خلال نقاش حصل أواخر 2020، بالمسار المحتمل للعلاقات الروسية-الغربية

مع تدهور الأوضاع قد تكون الحكومات الغربية أقل رغبة لقبول هذه التسويات. سينحصر الخيار بين قيام روسيا بالمزيد من التصعيد أو التفكير بأن الخطوات التصعيدية قد تؤتي نتائج عكسية

 كانت روسيا تتعامل مع انهيار في أسعار الطاقة وتأثير فيروس كورونا. وكانت التوقعات مرتفعة بإمكانية أن تطيح زعيمة المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخونوفسكايا بالرئيس ألكسندر لوكاشينكو وأن ترسله إلى المنفى الروسي كما حصل مع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش سنة 2014. وسادت توقعات مشابهة بأن تبدأ بيلاروسيا ولو متأخرة مساراً موالياً للغرب كما هي الحال مع أوكرانيا.

تطورات أخرى صبت في السياق نفسه
كذلك، وعلى الرغم من الإلهاء الذي تسبب به اتهام ترامب باستغلال نفوذه في أوكرانيا لمصالح شخصية، كان من المقرر أن تستفيد كييف من تدريبات وأسلحة أمريكية جديدة لدحر الانفصاليين. وبدت مرتفعة آمال تعزيز الإصلاحات فرص انضمام أوكرانيا إلى المؤسسات اليورو-أطلسية بدءاً بحلف شمال الأطلسي (ناتو).

وكان متوقعاً أيضاً أن توجه العقوبات الأمريكية ضربة قاتلة إلى مشروع نورد ستريم 2 في الدقائق الأخيرة، الأمر الذي كان سيجبر روسيا على مواصلة استخدام أوكرانيا كدولة ترانزيت لصادرات الطاقة إلى أوروبا. هذا في وقت أمكن أن تقلص مصادر الطاقة ومشاريع البنى التحتية الجديدة مبيعات روسيا بشكل إضافي. وبسبب نقص المداخيل والتحديات الداخلية، سيضطر الكرملين كي يصبح أكثر استيعاباً لتفضيلات واشنطن.

الحسابات الروسية
انتقل غفوسديف للكتابة عن الحسابات الروسية مشيراً إلى أن موسكو افترضت وجود إمكانية لديها لإدارة علاقاتها مع الغرب بناء على تقايض براغماتي. ويبدو أن أحداث معظم سنة 2021 أكدت هذا التوقع. تم إنجاز نورد ستريم 2 وتوصلت إدارة بايدن إلى تفاهم مع ألمانيا حول الشروط التي تمكّن الغاز الروسي من أن يتدفق بشكل مباشر إلى ألمانيا عبر تجاوز أوكرانيا. وخلال جولته الأوروبية، قلل الرئيس جو بايدن من احتمالات انضمام أوكرانيا سريعاً إلى الناتو قائلاً إن البلاد لا تزال بعيدة عن توفير الشروط الضرورية لدراسة هذا الأمر.

من جهة ثانية، كانت تيخونوفسكايا تتحول إلى النسخة الأوروبية من قائد المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو. علاوة على ذلك، صمدت الحكومة الروسية أمام الانتقادات العلنية لطريقة تعاملها مع المعارضين مثل أليكسي نافالني أو مع حادثة رايان إير في بيلاروسيا حيث تم إجبار طائرة على الهبوط في مينسك كي تستطيع السلطات الأمنية البيلاروسية اعتقال معارضين. وباسم مكافحة التغير المناخي وحماية البيئة، كان هنالك حديث عن كيفية إعفاء مشاريع "الطاقة الخضراء" في روسيا من العقوبات الغربية الحالية أو المستقبلية.

أمل برصاصة رحمة؟
بحسب الكاتب، إن ما يمكن إحباط مؤسسة السياسة الخارجية في روسيا هو أن الأخيرة لا تستطيع أبداً الحصول على ضمانات بشأن خضوع هذه المقايضات البراغماتية للمصادقة والاحترام. لا يزال بالإمكان وقف مشروع نورد ستريم 2 في اللحظات الأخيرة عبر الاعتماد على مسار عملية المصادقة من قبل المنظمين الألمان مع مراجعة على مستوى الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يعطي المزيد من الوقت لجولة جديدة من العقوبات الأمريكية والمزيد من الآمال بأن يطلق ائتلاف جديد في ألمانيا رصاصة الرحمة على المشروع.

اختبار إجهاد
يعتقد الكاتب أن الأزمات المختلفة في أوروبا الشرقية، مثل نشر القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا، والجهود البيلاروسية لاستخدام الهجرة كأداة للضغط على الاتحاد الأوروبي، وقرار غازبروم الالتزام الصارم بعقودها وعدم إرسال إمدادات إضافية من الغاز إلى أوروبا، وحتى الاختبار الروسي الأخير ضد الأقمار الاصطناعية، هي بمثابة تحذيرات بأن افتراض قبول روسيا بما يرسمه الغرب هو مسعى محفوف بالمخاطر.

هذا نوعٌ من اختبار الإجهاد بشأن كشف أزمة الهجرة انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي والناتو وبشأن مساهمة ارتفاع أسعار الطاقة في زيادة أسعار كل المواد والخدمات بدءاً من التدفئة وصولاً إلى البقالة. وبسبب الإرهاق الذي تعاني منه السياسات الداخلية في أوروبا والولايات المتحدة، يتجه التفكير إلى اعتبار أن الرأي العام الداخلي سيكون أقل اهتماماً بتغيير التوازن الجيوسياسي في شرق أوروبا وأكثر اهتماماً بالتوصل إلى هذه الترتيبات التقايضية من أجل الحصول على زيادة الإمدادات وانخفاض الأسعار.

علاوة على ذلك، سحبت الأسواق عن طاولة البحث مقترحات إدارة ترامب بضرورة استعداد أوروبا لشراء المزيد من الطاقة من الحلفاء في أمريكا الشمالية حتى ولو بأسعار أعلى، بما أن الشركات اليابانية والصينية تسعى إلى حجز كميات أكبر من الطاقة من تلك المنطقة لتغطية حاجاتها الخاصة. وروسيا نفسها تحول بعض إمداداتها من الطاقة إلى الشرق أيضاً.

هل ينجح الرهان؟
إلى الآن، قد لا ينجح هذا الرهان بحسب غفوسديف. دعا المنظمون الألمان شركة الطاقة الأوكرانية الرسمية للتشاور حول عملية المصادقة. وينظر الاتحاد الأوروبي والناتو إلى طرق لتعزيز الحدود الشرقية، حيث تحولت السردية بشأن بولونيا من دولة معارضة للقيم الليبيرالية إلى حصن للتحالف الأورو-أطلسي. وأعاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأكيد التزام فرنسا بوحدة الأراضي الأوكرانية.

بالنسبة إلى الخطوات المقبلة، يرى الكاتب أن اتصالات بوتين مع المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل تقترح أنه بعدما أوضح موقفه، سيرغب الكرملين بالمحادثات والعودة إلى طاولة المساومات لتفادي المزيد من التصعيد وإحياء التسويات التي كانت سائدة في الصيف مثل التسامح مع بقاء لوكاشينكو في السلطة، والتأجيل غير المحدد لمسألة عضوية أوكرانيا في الناتو والقبول بنورد ستريم 2 مع ضمانة بمرور بعض الطاقة عبر الترانزيت الأوكراني.

لكن مع تدهور الأوضاع قد تكون الحكومات الغربية أقل رغبة لقبول هذه التسويات. سينحصر الخيار بين قيام روسيا بالمزيد من التصعيد أو التفكير بأن الخطوات التصعيدية قد تؤتي نتائج عكسية. جميع اللاعبين موجودون الآن في منطقة اللايقين هذه، ختم غفوسديف.