جزائريون في سوق شعبية بالعاصمة (أرشيف)
جزائريون في سوق شعبية بالعاصمة (أرشيف)
الإثنين 22 نوفمبر 2021 / 16:40

قلق في الجزائر من إنهاء الدعم على المواد الاستهلاكية

تثير النهاية الوشيكة للدعم على المواد الاستهلاكية الأساسية المخاوف في الجزائر، رغم أن جلّ الخبراء الاقتصاديين يؤيدونها، شرط أن يكون نظام التعويض النقدي الذي وعدت به الحكومة، جيداً.

وفي مواجهة تراجع عائداتها من النفط والغاز منذ 7 أعوام، قررت الجزائر في الأسبوع الماضي التخلي عن نظام الدعم العام للمواد الاستهلاكية الذي يبتلع مليارات الدولارات كل عام، ووعدت بمواصلة دعم الفئات الأكثر حرماناً بصفة مباشرة.

ووافق النواب الأربعاء الماضي على مادة في قانون المالية في 2022، تمهد لإلغاء هذه الإعانات التي يستفيد منها الجميع، وسيستبدل هذا النظام بتعويضات مالية للطبقات الأقل دخلاً.

ورغم ذلك، تخشى شريحة واسعة من الجزائريين تأثير رفع الدعم على معشيتهم، وتعبر حفيظة، أم لطفلين، بينما كانت تتسوق في سوق رضا حوحو في العاصمة الجزائرية، عن قلقها "إنها كارثة بالفعل، نحن نكافح لتغطية نفقاتنا مع الأسعار الحالية المرتفعة".

كما يخشى رابح المتقاعد الذي لا يتجاوز معاشه الشهري 50 ألف دينار (355 دولاراً) أن ترتفع "أسعار السكر والوقود والماء".

وحافظت ميزانية الدولة لـ 2022 على ما يعادل 17 مليار دولار من الإعانات الاجتماعية، التي تشمل التعليم، والصحة، المجانيين والإسكان، والمساعدات المباشرة للأسر الفقيرة، بينما كان مبلغ هذه الإعانات يصل إلى ما بين 30 و40 مليار دولار سنوياً بين 2012 و2017.

ومع الانتقال إلى نظام اقتصاد السوق، حلّ نظام دعم المواد الاستهلاكية محل نظام تسقيف الأسعار  الموروث من الاقتصاد الاشتراكي المعتمد عندما نالت الدولة استقلالها في 1962.

وارتفعت أسعار الخضر والفواكه في الأسابيع الماضية، وتضاعف مثلاً سعر كيلو البطاطا ثلاث مرات  ليبلغ 140 ديناراً (دولار واحد) مقابل 40 ديناراً في الأيام العادية، تحت تأثير ندرة هذه المادة الأساسية على موائد الجزائريين، وحسب السلطات، فإن الندرة وارتفاع الأسعار سببها التجار المضاربون.

واستطاعت الجزائر، لسنوات، أن تحافظ على السلم الاجتماعي بتمويل نظام المساعدة، بفضل مداخيل تصدير المحروقات التي كانت توفر أكثر من 95% من دخلها الخارجي وحوالي 60% من تمويل ميزانية الدولة.

ولكن مع انخفاض أسعار النفط "لم تعد للدولة وسائل لمثل هذه السياسة الاجتماعية السخية وغير التمييزية"، وفق الخبير الاقتصادي عمر برقوق، الذي يضيف أن "جميع الخبراء من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والاقتصاديين لفتوا الانتباه إلى الحاجة إلى تقليل المساعدات باستهداف المستفيدين منها بشكل أفضل".

وفي بداية أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، دعا صندوق النقد الدولي الجزائر إلى "إعادة ضبط" سياستها الاقتصادية وتنفيذ "إصلاحات هيكلية"، وحاولت حكومات سابقة إعادة توجيه الإعانات إلى مستحقيها، لا خاصة في 2015، وفي 2017 عندما كان الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، رئيساً للوزراء.

ويقول برقوق: "الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة هو الذي منع أي تحرك في هذا الاتجاه، كان يفكر في الترشح لولاية خامسةفي 2019، قبل أن تدفعه حركة احتجاجات شعبية مع ضغط من الجيش إلى الاستقالة".

ويرى نائب رئيس حزب "جيل جديد" زهير رويس، أن إلغاء الدعم لا يجب أن يكون "غاية في حد ذاته، بل وسيلة إضافية لإصلاح الإنفاق العام".

ونقلت صحيفة "الوطن" بالفرنسية عن الخبير محمد سعيد كحول "أياً كان شكل إعادة توزيع الريع، على الدولة تغيير النموذج والاستعداد لإخراجه من الاقتصاد".

وطمأن رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمن النواب قائلاً: "لم يكن أبداً في نية الدولة رفع الدعم للأسر محدودة الدخل"، مضيفاً "نفكر في فلسفة جديدة تسمح لنا بتوجيه هذا الدعم إلى أصحابه، وهذا الدعم سيكون نقداً ولن تدعم الدولة المواد ولكن مداخيل الأسر بعد تحديد المستوى الذي يجب ابتداء منه دفع هذا الدعم النقدي".

ويتساءل الخبير الاقتصادي عمر برقوق عن كيفية احتساب التعويض وتوزيعه، "بالنظر إلى وجود اقتصاد غير رسمي، وعدم التصريح بالمداخيل والممتلكات، من الصعب تحديد الذين يحتاجون إلى الإعانات بشكل صحيح".

ويضيف "الفقراء موجودون فعلاً في الشوارع ولكن لا توجد أدوات إحصائية للتعرف عليهم"، معتبراً أن من الممكن أن يستمر المستهلكون الميسورون "في الاستفادة من حقوق لا يستحقونها".