الأحد 28 نوفمبر 2021 / 11:42

بعد خوزستان..ما قصة انتفاضة المياه في أصفهان؟

24-زياد الأشقر

تجاهلت السلطات الإيرانية قبل أسبوعين الإحتجاجات المتصاعدة في أصفهان ضد الجفاف الذي يضرب نهر زاينده رود، وكانت تراقب حجمها المتزايد فيما تقدم مطاعم المدينة للمتظاهرين الحساء مجاناً وتعرض صالونات تشذيب الشعر خدماتها بلا مقابل.

الإحتجاجات التي انطلقت في يوليو (تموز)، وبشكل أساسي نظمها مزارعون من الأقلية العربية في محافظة خوزستان، تعرضت أيضاً للقمع بعنف من قبل السلطات

لكن الصحافية فرناز فصيحي لفتت إلى أنه بعدما امتدت التظاهرات إلى مدينة أخرى على الأقل، حصل المتوقع الجمعة، إذ لجأت الحكومة إلى القمع العنيف. واجتاحت قوى الأمن التي كانت مسلحة بالهراوات والدروع والبنادق ضفة النهر عند الساعة الرابعة فجراً بينما كانت مجموعة من المزارعين تناقش استراتيجية الإحتجاج حول نار أوقدت في مخيم.

وقال المزارع حسن تافاكولي (47 عاماً) في مقابلة عبر الهاتف مع "نيويورك تايمز"، إن قوى الأمن استخدمت مكبرات الصوت لإبلاغ المزارعين، أن لديهم 10 دقائق لإخلاء المكان. و"قبل أن تتاح لنا فرصة للتحرك، أُضرمت النار فجأة في الخيام وبدأت الشرطة في إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وإطلاق النار في الهواء". وأشار إلى أنه كان يتواجد بين المحتجين العديد من العائلات مع أولاد وطفلين. وقال: "لم أتوقع منهم فعل ذلك، أن يتعرضوا لنا بالضرب وإطلاق النار نحونا وإصابة مزارعين".

نهر زايدة رود
ومنذ أسبوعين، يحتج تاكافولي ومئات المزارعين الآخرين على جفاف نهر زايندة رود الذي يمر في المدينة. وانضم إليهم آلاف الأشخاص تضامناً. وكان مطلبهم هو إستعادة تدفق المياه إلى النهر للمساعدة في ري الأراضي الزراعية التي جفت منذ سنوات نتيجة سوء إدارة مصادر المياه. وأوضح تاكافولي قائلاً: "لم يتبقَ لنا شيء في أراضينا ومصادر رزقنا، إننا نطالب فقط بحقوقنا المائية". وكان هذا المزارع يملك ثلاثة هكتارات من الأراضي المزروعة التي كانت في السابق تزخر بمحاصيل القمح والشعير والخضار. لكن هذه الأراضي باتت منذ 15 شهراً قاحلة، مما أرغم تاكافولي علي بيع ماشيته كي يؤمن سبل معيشته.

وتواجه إيران ندرة متزايدة في المياه بسبب سنوات من سوء الإدارة. وبالنسبة إلى أصفهان، تم تحويل المياه عبر أنابيب تحت الأرض بعيداً عن الأراضي الزراعية نحو مجمعات صناعية في صحراء محافظة يزد ولتأمين مياه الشرب لمدينة قم الدينية.

نقص في الكهرباء والمياه

وتقدر مصلحة الأرصاد الجوية الإيرانية أن نحو 97 في المئة من البلاد تعاني من الجفاف بدرجات معينة. وحذر وزير الطاقة السابق في مايو (أيار)، من أن البلاد، التي تواجه صيفاً هو الأكثر جفافاً منذ 50 عاماً ودرجات حرارة تقترب من 50 درجة مئوية، ستعاني نقصاً في الكهرباء والمياه.

كما أن الإحتجاجات التي انطلقت في يوليو (تموز)، وبشكل أساسي نظمها مزارعون من الأقلية العربية في محافظة خوزستان، تعرضت أيضاً للقمع بعنف من قبل السلطات. وكحل مؤقت، فتح المسؤولون سداً وعادت المياه للتدفق في النهر، مما ساعد على ري الأراضي الزراعية وسقاية الماشية.
ويقول الخبراء في الشؤون المائية الإيرانية، إن التغير المناخي وقلة الأمطار، قد فاقما من مشكلة الجفاف التي تسبب بها سوء الإدارة. ويقول الخبير المائي العالمي المشهور كاوه مديني والرئيس السابق لوكالة البيئة الإيرانية إن "هذا إفلاس مائي، هناك الكثير من أصحاب الحقوق لكن ما من حسابات مائية كافية. يطالب الناس من منبع نهر زاينده رود إلى مصبه بالمياه للجميع. لكن هذه مهمة مستحيلة".

ويتعرج نهر زاينده رود عبر مدينة أصفهان التاريخية. وتعتبر ضفاف النهر هي المساحة الخضراء الرئيسية في المدينة، وتتجمع العائلات عندها في أمسيات الصيف للنزهات، كما تتخذها الطيور المهاجرة ً محطة توقف لها، في طريقها جنوباً.