قصر كوبورغ الذي يستضيف المحادثات النووية في فيينا.(أف ب)
قصر كوبورغ الذي يستضيف المحادثات النووية في فيينا.(أف ب)
الثلاثاء 30 نوفمبر 2021 / 11:47

الغرب يختبر جدية متشددي إيران في فيينا

24-زياد الأشقر

عن آفاق الجولة السابعة من مفاوضات فيينا النووية التي بدأت أمس، كتب أندرو إنغلاند في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن كبير المفاوضين الإيرانيين في فيينا علي باقري كني، وصف الإتفاق النووي لعام 2015 بأنه "خسارة كاملة"، وذلك في معرض تنديده بالمفاوضين السابقين لبلاده على ما اعتبره "ضعفاً" منهم.

الولايات المتحدة تأمل في التوصل إلى إتفاق ديبلوماسي "لكن إذا لم تجد سبيلاً لذلك، فإننا مستعدون لخيارات أخرى.

وأخذاً في الإعتبار وجود إدارة متشددة في إيران، فإن النظراء الغربيين لكني، سيسعون لمعرفة ما إذا كان المفاوض النووي وقيادته السياسية في طهران، جديين في إبرام إتفاق.

وفد اقتصادي كبير
وتجددت المفاوضات بعد خمسة أشهر من التوقف عقب إنتخاب المتشدد إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران- وسط قلق غربي حيال توسيع إيران لبرنامجها النووي وتبني خطاب متشدد في ما يتعلق بالمفاوضات.

وتصر إيران على أنه من أجل نجاح المفاوضات، يتعين أولاً رفع كل العقوبات الأمريكية وتلقي ضمانات من واشنطن بأن أي رئيس مقبل لن يكون قادراً على الإنسحاب من الإتفاق، كما فعل دونالد ترامب عام 2018. وعلى نحوٍ غير معتاد، اصطحب كني معه وفداً إقتصادياً، ضم مسؤولين في المصرف المركزي الإيراني وآخرين، وذلك للتأكيد على أهمية رفع العقوبات.

وبينما كان باقري التقى في الأسابيع الأخيرة بشكل منفصل مسؤولين أوروبيين من الدول الموقعة على الإتفاق، في ما اعتبر خطوة إيجابية، فإن المسؤولين الغربيين يخشون أن تتراجع إيران عن التقدم الذي تحقق في جولات سابقة من المفاوضات.

وقال الخبير في تشاتام هاوس سنام فاكيل إن "ثمة قلقاً عميقاً ومشروعاً في ما يتعلق بالموقف الذي سيتبناه الإيرانيون وما إذا كانوا سيعودون إلى نقطة الصفر، بينما الأمريكيون والأوروبيون ليسوا مستعدين لذلك...لأنهم سيعتبرون الأمر بمثابة إستراتيجية للتأخير بينما تواصل إيران في الوقت نفسه توسعها النووي وسط مهزلة المفاوضات التي لن تؤدي إلى أي نتيجة فعلياً".

وبقيت إيران وموقعين آخرين على الإتفاق-المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين- ملتزمين الإتفاق بعدما تخلت عنه الولايات المتحدة وعاودت فرض العقوبات على طهران. لكن في العامين الماضيين، تخلت إيران إلى حد كبير عن إلتزاماتها ووسعت بشكل متصاعد نشاطها النووي، وهي متهمة بعرقلة عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراقب تنفيذ الإتفاق.

ست جولات
وفي النصف الأول من هذه السنة، أجريت ست جولات من المفاوضات، بوساطة الإتحاد الأوروبي، كانت تتحدث فيها إدارة الرئيس جو بايدن إلى حكومة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني بشكل غير مباشر. لكن تلك المفاوضات كانت مع مسؤولين إيرانيين يدعمون الإتفاق النووي وكانوا يسعون بكل قوة إلى منعه من الإنهيار الكامل.

وللقائد الأعلى علي خامنئي الكلمة الفصل في السياسة الخارجية. وغيّر انتخاب رئيسي، رجل الدين المحافظ، الديناميات السياسية في إيران بعدما بات المتشددون- الذين كانوا ينتقدون الإتفاق الأصلي ويبدون قلقاً من التعامل مع الغرب- يتحكمون بكل مفاصل الدولة للمرة الأولى منذ عقد.

وعبر كني عن آرائه في مقدمة من 30 صفحة كتبها للترجمة الفارسية لكتاب "ليس لضعاف القلوب" الذي ألفته ويندي شيرمان، الديبلوماسية الأمريكية التي شاركت في المفاوضات التي أدت إلى الإتفاق النووي، ونشر قبل ثلاثة أعوام.

ووصف كني الذي كان نائباً لرئيس الوفد النووي إلى المفاوضات بين عامي 2008 و2013، الإتفاق لعام 2015 بأنه "خسارة كاملة" بحيث "تم تجاوز الخطوط الحمر" التي وضعتها إيران. وتوجه باللوم إلى المفاوضين السابقين في حكومة روحاني متهماً إياهم بـ"الضعف"، والوقوع في فخ الديبلوماسيين الأمريكيين بعد إقامة علاقات شخصية معهم.

وكتب أن هذا الأمر مهد الطريق للتأثير الأمريكي على الديبلوماسيين الإيرانيين. وهو يعتقد أن "الولايات المتحدة لم تتخل في سياستها الخارجية عن هدف إسقاط الجمهورية الإسلامية".

إحباط أمريكي
ولا يخفي المسؤولون الأمريكيون إحباطهم من موقف حكومة رئيسي حيال المفاوضات. وقال منسق الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك خلال مؤتمر حول المنطقة هذا الشهر، إن الولايات المتحدة تأمل في التوصل إلى إتفاق ديبلوماسي "لكن إذا لم تجد سبيلاً لذلك، فإننا مستعدون لخيارات أخرى... لن نسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي، ونقطة على السطر".

وفي إيران، يندد المتشددون بالضغط الأميركي بينما لا يزال الإصلاحيون يأملون بالتوصل إلى إتفاق ينقذ الإقتصاد الإيراني. لكن هذا الأمل ضعيف. وقال السياسي الإصلاحي حسين ماراشي: "يبدو أن تطوير التكنولوجيا النووية هي أكثر أهمية من الإقتصاد بالنسبة إلى النظام السياسي". وأضاف أن "فريق التفاوض الإيراني سينفذ السياسات التي تملى عليه، مما يعني أنه لا يمكن التفاؤل بنتائج المفاوضات".