(صحف 24)
(صحف 24)
السبت 22 يناير 2022 / 10:25

صحف عربية: تونس بين إصلاحات الرئيس وشماعة "الانقلاب"

24 - أحمد إسكندر

لا زالت حركة النهضة الإخوانية في تونس تعلق على "شماعة الانقلاب" كل ما يتخذه الرئيس التونسي من قرارات في سبيل الخروج بالبلاد من أزمات سياسية واقتصادية وفساد مالي وإداري تغلغل في مرافق الدولة يخدم (الجماعة) ومناصريها دون مصلحة التونسيين.

وبحسب صحف عربية صادرة، اليوم السبت، يواصل الرئيس التونسي مشوار الإصلاح بخطوات ثابتة باستكمال تعيين شخصيات يحسبها البعض على "اليسار الراديكالي" أو "اليسار الآيديولوجي" في مواقع استراتيجية في الدولة، رغم انتقادات خصومه ومعارضيه الذي يتهمونه باحتكار كل السلطات.

عام السقوط
من جانبها تناولت صحيفة "عكاظ" ما تشهده تونس من حراك سياسي يتزايد يوماً بعد يوم في ظل الاستعداد للاستفتاء على دستور جديد يوم 27 يوليو(تموز) القادم يعقبه إجراء انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر(كانون الأول) ومع ذلك كله ما زالت حركة النهضة الإخوانية تخطط لإدخال تونس في نفق مظلم لافتة إلى تصاعد الاحتقان الشعبي من ممارسات الحركة التي هيمنت على مفاصل البلاد، وأصرت بزعامة راشد الغنوشي رئيس البرلمان على مواقفها المتعنتة، حتى جاءت قرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد مجلس النواب وهي القرارات التي لاقت ترحيباً شعبياً داخل البلاد.

وذهبت الصحيفة إلى عدم استبعاد أن يكون لإخوان ليبيا دور في عدم استقرار تونس سياسياً، كون أن ذلك في صالح تلك التيارات التي لا تريد استقرار المنطقة بصفة عامة، مشددة على ضرورة أن يستوعب الشارع التونسي والقوى الوطنية القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد لإنقاذ البلاد والإصلاح ووضع حد للفساد، مؤكدة أن الهدف الأساسي لتلك التيارات ليس لخدمة الدين أو الوطن ولكن للمزيد من التضخم المالي والسياسي لخدمة أغراضهم، متوقعة أن العام الحالي سيكون عام "السقوط المدوي" لحركة النهضة الإخوانية بعدما جعلت البلاد رهناً لصالح دول خارجية.

وأفادت الصحيفة أن غالبية التونسيين حكموا على الحركة بالفشل لدورها في تغذية الفساد والإرهاب والتطرف، خصوصاً بعدما خرجت مظاهرات استهدفت مقرات وقواعد الحركة في عموم تونس، وهي نفس السيناريوهات المصرية بالهجوم على مقراتها، لذا يجب استنساخ النجاح المصري بإقصاء حركة النهضة، وإحالة قيادتها للمحاكمة؛ لكي يعم الاستقرار تونس.

لوبيات الإعلام
وتحدثت صحيفة "العرب" اللندنية عن ما أسمته "كفاح" الرئيس التونسي على واجهات متعددة لتفكيك المنظومة السابقة التي تسيطر على القطاعات الحساسة في البلاد وخاصة قطاعي الإعلام والقضاء اللذين يتحركان بقوة ضد مساعي الإصلاح والتغيير، وتصريحات سعيد عن حرية القضاء فيما اعتبر أن "الإعلام يديره النظام الخفي الذي لا يزال يحكم تونس" على حد تعبيره.

واعتبرت أوساط سياسية تونسية أن الرئيس سعيد دأب على مصارحة التونسيين ليعرفوا حقيقة ما يجري من حولهم، وهو يضعهم الآن أمام حقيقة ما أسماه بـ"النظام الخفي" الذي يعيق جهوده في تفكيك المنظومة السياسية السابقة التي سيطرت على المجالات الحيوية في البلاد، وتحكمت في الإعلام والقضاء مشيرة ذات الأوساط إلى أن الإعلام في أغلبه يعارض التغيير الشامل الذي يقوم به قيس سعيد ويهدف من خلاله إلى ضرب لوبيات الفساد التي تتحكم في الدولة وتضع يدها على القرار السياسي منذ 2011 وذكرت أن هناك أسباباً مختلفة للعداء الذي يكنّه الإعلام لخيارات الرئيس سعيد، وقالت إن "هناك جهات إعلامية نافذة ترفض أي تغييرات لأنها تهدد مصالحها واستمرار النفوذ الذي وسعته بسبب ضعف الدولة، ولفتت الأوساط ذاتها إلى وجود تحالف وثيق بين تلك الجهات الإعلامية ولوبيات الفساد المالي والسياسي التي صارت في "حالة استنفار" إثر تلويح الرئيس سعيد المستمر بفتح كل الملفات واستعادة أموال الدولة المنهوبة".

وتطرقت الصحيفة إلى ما تحظى به حركة النهضة الإخوانية من نفوذ على الإعلام خفيّ، مذكرة بتصريحات أدلى بها الوزير السابق محمد عبو، الذي تحدث عن امتلاك حركة النهضة الإخوانية لأربع فضائيات تلفزيونية ورفعه قضايا ضد الحركة بسبب مخالفتها أحد شروط قانون الأحزاب الذي يمنعها من امتلاك وسائل الإعلام أو السيطرة عليها.

تعقيدات
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن الزعيم الحقوقي واليساري عز الدين الحزقي، أن أولوية الأولويات بالنسبة لليسار يجب أن تكون دعم الحريات وحقوق الإنسان. وأورد أنه "لا بد من التمييز بين صنفين من اليساريين في تونس وفي كامل المنطقة، اليسار الحقوقي الديمقراطي والاجتماعي من جهة، واليسار الآيديولوجي المتطرف من جهة أخرى". معتبراً أن اليساريين في تونس والعرب لعبوا دوراً كبيراً خلال السنوات الخمسين الماضية في النضال من أجل الحريات العامة والفردية والحوار مع كل التيارات والشخصيات الوطنية والقومية والإسلامية.

من جانبه تحدث المحامي الحقوقي والزعيم اليساري التونسي عبد الرؤوف العيادي، للصحيفة عن تعقيدات العلاقة بين أزمة اليسار التونسي والعربي وانخراط قيادات يسارية في معارك آيديولوجية عقيمة تسببت في تحالفهم مع خصومهم، أي مع حكومات الاستبداد منذ 40 سنة، وتناسوأ السنوات التي أمضوها بدورهم في السجون وزنزانات التعذيب، بمجرد أن تلك الحكومات قمعت خصومهم السياسيين والآيديولوجيين، خصوصاً منهم بعض المحسوبين على "التيار الإسلامي" أو "تيارات الهوية".

وتساءلت الصحيفة عن حقيقة وضع اليسار التونسي في ظل المتغيرات التي تشهدها البلاد وتعمق التناقضات بين "اليسار الاجتماعي" و"اليسار الآيديولوجي"؟ وهل ينجح النشطاء اليساريون في تعديل المشهد السياسي مجدداً، تفاعلاً مع دعاة تشكيل "كتلة تاريخية" أم تُستنزف طاقاتهم بسبب حدة صراعات قياداتهم على المواقع ومأزق "الزعاماتية"؟.

نادي باريس والاستدانة

وأشارت صحيفة "الاتحاد" في مقال تحت عنوان "خصخصة تونس والاقتصاد الموازي" إلى مؤسسات التمويل الدولية (صندوق النقد والبنك الدوليين) قد سبق أن حوّلت الاقتصاد التونسي في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة في بداية ستينيات القرن العشرين، من نظام اشتراكي يتمركز فيه القرار الاقتصادي بيد السلطة، إلى نظام ليبرالي يتبع دول المركز الرأسمالي، ويعتمد بشكل كبير على رأس المال الأوروبي، فإنها وبعد 62 عاماً تفرض على تونس "إصلاحات عميقة جداً"، كما وصفها ممثل صندوق النقد جيروم فاشيه، على طريق "ترشيق" القطاع العام، و"خصخصة" الشركات العمومية، ودمج الاقتصاد الموازي و"شرعنته".

ولفتت الصحيفة إلى أن هذا التطور جاء في وقت تشهد فيه تونس تداعيات ناتجة عن كورونا وتعاني من أكبر ركود اقتصادي منذ استقلالها عام 1956، وانكماش الناتج المحلي وأرتفع حجم الدين العام، وعلى الرغم من التصنيفات السيادية السلبية للاقتصاد، لن تتوجه تونس إلى "نادي باريس" للاستدانة وإعادة جدولة الديون، وهي تراهن على اتفاق جديد مع صندوق النقد يمنحها إشارة إيجابية للحصول على ثقة المانحين والمستثمرين الدوليين، ويعيدها للاستفادة من الأسواق المالية، وخطوط التمويل الثنائية مع بلدان صديقة.

وتحدثت الصحيفة في هذا المجال عن اقتراحان للإنقاذ؛ الأول يتعلق بـ"خصخصة" شركات القطاع العام، وعددها 110 منشآت حكومية، وقد بلغت خسائرها المتراكمة نحو 3 مليارات دولار. وباعتراف المسؤولين الحكوميين، باتت هذه الشركات تشكّل خطراً يهدد توازنات البلاد. والاقتراح الثاني، يتعلق بدمج الاقتصاد الموازي و"شرعنته"، بعدما أصبح يمثل 60% من الاستثمارات والأموال المتداولة في الاقتصاد الرسمي، مما يعطي جرعةً كبيرةً لموارد الدولة ويدعم موازنتها.