الثلاثاء 25 يناير 2022 / 13:14

ناشونال إنترست: هل تبقى أمريكا دولةً موحدةً؟

24-زياد الأشقر

تناول أستاذ العلاقات الحكومية والسياسات في جامعة جورج مايسون الأمريكية مارك إن. كاتز مستقبل الولايات المتحدة، دولة موحدة، قائلاً إن في بعض الأحيان تفقد الدول السيطرة على جزء مهم من أراضيها قبل أن تستعيد بعضها أو كلها، نتيحة غزوٍ خارجي، أو نزاع سياسي داخلي يؤدي إلى انفصال، أو حتى نتيجة لضغوط داخلية وخارجية في آن واحد.

الولايات المتحدة تشهد تحولاً ديموغرافياً من غالبية بيضاء إلى غالبية غير بيضاء ربما بحلول 2040. لكن الأمريكيين البيض، خاصةً المحافظين، لن يسلموا السلطة طوعاً للغالبية غير البيضاء الصاعدة

وفي بعض الأحيان، ورغم ذلك، يمكن للحكومة أو لحكومة تأتي بعدها، أن تستعيد السيطرة على كل الأراضي التي خسرتها. وهذا ما حدث في الولايات المتحدة، والصين، وروسيا.

يذكر الكاتب في مقاله في مجلة "ناشونال إنترست" أنه بعد سنوات من النزاع السياسي بين شمال أمريكا وجنوبها حول العبودية وقضايا أخرى، انفصلت معظم الولايات الجنوبية عن الاتحاد بعد انتخاب ابراهام لينكولن رئيساً في 1860. وبعد حرب أهلية شرسة، هُزمت الكونفيديرالية، استعيد الاتحاد.

وفي أوائل القرن العشرين، أطاحت ثورة صينية بسلالة مانتشو، ما أدى إلى تفكك الصين إلى مناطق يحكمها أمراء حرب. لكن هذا الواقع تحول بعد صعود الكومنتانغ في العشرينيات.

الامبراطورية الروسية
وانهارت الإمبراطورية الروسية بدورها عقب سقوط حكم القيصر نيكولا الثاني، والتقدم الألماني. وبعد التخلي عن الكثير من الأراضي الغربية للقيصر، في معاهدة بريست-ليتوفسك في 1918، تمكن البلاشفة بالقوة من إعادة توحيد معظم الأراضي، عقب انهيار الإمبراطورية الألمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى.

ولم يهدد الغزو الياباني لمنشوريا في 1930 وبقية الصين في 1937، الوحدة الصينية فحسب، وإنما وجود الصين الدولة المستقلة نفسها. وبعد هزيمة اليابان في 1945، وصعود الماوية الشيوعية في 1949، أعيد توحيد الصين، بإستثناء تايوان، ومضت لتصبح قوة عظمى.

إن خسارة الأراضي، وانهيار الحكومات، يمكن أن يقلل أو يقضي على قدرة بلدٍ معين على أن يكون قوة عظمى. وفي بعض الأحيان، قد يخضع يتبقى منه إلى لقوى أخرى. إن استعادة بلدٍ يمكن أن تعيده قوة عظمى، كما أثبتت الصين وروسيا.

وعلى العموم، تميل الحكومات إلى فكرة انهيار الدول المنافسة، بفضل حكومة أكثر مواءمة لها أو بتفتيتها إلى دول عدة. وبعد الحرب الباردة، كان هناك أمل في أن تتطور روسيا والصين في نهاية المطاف إلى ديمقراطيات متعاونة مع الغرب، أو على الأقل أن تنضما إليه. لكن ذلك كان تمنيات.

وعلى نحوٍ مشابه، يوجد في روسيا والصين من يتمنى شكلاً من أشكال الإنهيار في الولايات المتحدة. وفي 1998، توقع البروفسور الروسي إيغور بانارين تفكك الولايات المتحدة إلى 6 أجزاء بحلول 2010، حتى أنه رسم خريطة توضح ذلك.

وكان هذا مجرد تمنٍ. واليوم، يوجد الكثير من العلماء في الصين على ثقة أن أمريكا في انحدار بسبب الانقسامات الداخلية في الولايات المتحدة. وفي مؤتمرات مختلفة شارك فيها الكاتب بعيداً عن الإعلام سواء حضورياً أو عبر تطبيق زوم، قال المتحدثون الروس والصينيون إن الانهيار الأمريكي، حتمي.

تحوّل ديموغرافي
كيف سيحدث ذلك؟ يقول الكاتب إن المنطق الذي يتحدثون به ينص عادة على الآتي، أن الولايات المتحدة تشهد تحولاً ديموغرافياً من غالبية بيضاء إلى غالبية غير بيضاء ربما بحلول 2040. لكن الأمريكيين البيض، خاصةً المحافظين، لن يسلموا السلطة طوعاً للغالبية غير البيضاء الصاعدة.

وعوض ذلك، فإنهم سيعملون على الحفاظ على سلطتهم بالقوة. وفي أفضل الأحوال، من وجهتي النظر الروسية والصينية، فإن الولايات المتحدة ستتفكك إلى أجزاء.

وهذا ما سيمنحهم فرصة الوقوف إلى جانب دولة أو أكثر من الدول التي ستنشأ ضد الدول الأخرى.

 وحتى لو بقيت الولايات المتحدة موحدة، فإن الجهد القوي المطلوب من الشريحة البيضاء المنكمشة للحفاظ على سلطتها، سيجعل الولايات المتحدة أقل رغبة وقدرة على إرسال قوات إلى الخارج، ما يصب في مصلحة روسيا والصين، وخصوم آخرين للولايات المتحدة.

ويلفت الكاتب إلى أن أمريكا بهذا الشكل لن تشكل أيضاً إزعاجاً لروسيا والصين بسبب افتقارهما إلى الديمقراطية.

مستقبل أمريكا
فهل هذه الرؤية الروسية والصينية لمستقبل أمريكا، مجرد تمنٍ؟ هذا عائد للأمريكيين ليقرروا. لكن إذا كان مستقبل الولايات المتحدة سلبياً مثلما يتمنون، فإن روسيا والصين، ودول أخرى، ستراه فرصة لتعزيز طموحاتها قوىً عظمى. وحتى لو تصاعد الخلاف داخل الولايات المتحدة، فإن تجارب روسيا والصين، تثبت أنه يمكن أن يلي ذلك، عودة جديدة.