الجمعة 22 أبريل 2022 / 11:33

بايدن يسلّم بوتين امتيازاً نووياً.. كيف؟

وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديدات مبطنة باستخدام أسلحة نووية في أوكرانيا، وأعربت إدارة بايدن عن قلقها. لهذا السبب، رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" في افتتاحيتها أن توجه الرئيس جو بايدن إلى إلغاء نشر سلاح جديد قادر على تشكيل ردع نووي أمام هذه التهديدات هو أمر أكثر إثارة للحيرة.

الأسلحة النووية هي واقع قاتم للحياة المعاصرة، لكن سيكون استخدامها أكثر ترجيحاً إذا اعتقد الأعداء أن الولايات المتحدة والناتو يفتقران إلى الردع النووي المناسب

 لقد ألغت موازنة البنتاغون الأخيرة طلب نشر صواريخ كروز النووية التي تطلق من البحر. يعد هذا الصاروخ سلاحاً نووياً "تكتيكياً" ذا تأثير أقل من الخيارات "الاستراتيجية" ويمكن أن يستخدم ضد أهداف ميدانية. وبالإمكان إطلاق هذ الصاروخ من الغواصات أو المدمرات.

يهدف السلاح إلى ردع خطر معروف: ما يصل إلى 2000 صاروخ نووي تكتيكي، من ضمنها أسلحة "يمكن استخدامها من قبل سفن، طائرات، وقوات برية" كما أشارت إلى ذلك مراجعة الوضع النووي لسنة 2018. يتضمن المخزون النووي الروسي "صواريخ جو-أرض، صواريخ بالستية قصيرة المدى، شحنات العمق للقاذفات المتوسطة النطاق، القاذفات التكتيكية، والطيران البحري، وكذلك الصواريخ المضادة للسفن والغواصات والطائرات، والطوربيدات للسفن السطحية والغواصات،" وغيرها.

كيف ستردون لو كنتم مكانه؟
بوتين غير متأثر بشكوك الغرب حيال الأسلحة النووية. هو يرى أن ترسانته مزية يمكنه استغلالها للتنمر على الغرب كي يتراجع. وهو مستعد لتقبل المخاطر حيث يحجم القادة الغربيون عن ذلك. رسم الكاتب في وول ستريت جورنال ماثيو كرونيغ هذا السيناريو سنة 2018: تغزو روسيا إستونيا. "تأتي الولايات المتحدة للدفاع عن حليفتها في الناتو، لكن مع تدفق القوات الأمريكية إلى الأمام، تستخدم روسيا سلاحاً نووياً تكتيكياً ضد مجموعة حاملات طائرات أمريكية في بحر البلطيق، قاتلة بضعة آلاف. إن كنتم الرئيس، فكيف ستردون؟" المقصد هو إجبار الناتو على الاختيار بين حرب نووية كاملة أو الاستسلام.

يعتمد الناتو على قنابل الجاذبية المخزنة في أوروبا لردع هذا السلوك أو الرد إذا دعت الحاجة. لكن إيصال هذه الأسلحة النووية التكتيكية إلى الهدف يتطلب من طياري الناتو اختراق الدفاعات الجوية المتطورة. مخاطر التعرض لإطلاق النار كبيرة. نشرت الولايات المتحدة مؤخراً سلاحاً نووياً منخفض التأثير على صواريخ بالستية تطلقها الغواصات، لكن أمريكا لا تملك سوى قرابة اثنتي عشرة غواصة منها.

رسالة ترامب إلى بوتين
أضافت الصحيفة أن صواريخ كروز النووية التي تطلق من البحر ستكون أقل تصعيداً من الوصول إلى غواصات مجهزة بصواريخ بالستية كما يمكن أن تضرب بسرعة أكبر بكثير من القاذفات الاستراتيجية. اقترحت إدارة ترامب نشر صواريخ كروز النووية في 2018. كانت الرسالة إلى بوتين: إذا ألقيت سلاحاً نووياً على تراب الناتو، فللحلف الإرادة والقدرة على الرد بالمثل. يقلل ذلك من خطر استخدم بوتين السلاح النووي.

هذا ليس نوعاً جديداً من السلاح ولا يلغي التزام الولايات المتحدة بالمعاهدات. خلال الحرب الباردة، كان للبحرية الأمريكية صواريخ توماهوك مجهزة برؤوس نووية قبل أن يحيلها الرئيس باراك أوباما إلى التقاعد سنة 2010. قد تخدم صواريخ كروز كرادع من دون الاضطرار إلى توفير كميات كبيرة منها أو نشرها على كل غواصة هجومية.

رمزية أخرى في لحظة متقلبة

وذكرت الصحيفة أنه لو تصور الحلفاء عدم وجود قدرة أو رغبة أمريكية بالرد إذا تعرضوا للهجوم من قبل روسيا أو كوريا الشمالية أو طرف آخر، فسيقومون بتطوير ردعهم النووي الخاص. إن صواريخ كروز قد تقلص الانتشار النووي في لحظة متقلبة.

قالت إدارة ترامب إن الولايات المتحدة ستعيد دراسة قرارها بشأن صواريخ كروز النووية إذا "عادت روسيا للامتثال بموجباتها بالحد من الأسلحة، قلصت ترسانتها النووية غير الاستراتيجية، وأصلحت سلوكياتها الأخرى المزعزعة للاستقرار". يتخلى بايدن عن هذا النفوذ، على الأرجح من أجل تهدئة التقدميين المعارضين للأسلحة النووية كعقيدة إيمانية. أخبر عدد من كبار الضباط الأمريكيين الكونغرس عن اعتقادهم بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى هذا الصاروخ. وهذه النصيحة جديرة بالملاحظة.

واقع قاتم
حذر رئيس القيادة الاستراتيجية الأمريكية من "فجوة في الردع والضمان". وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي إنه يعتقد أن "هذا الرئيس أو أي رئيس يستحق الحصول على خيارات متعددة للتعامل مع أوضاع (مرتبطة بـ) الأمن القومي" وهذه نصيحة جيدة حسب الصحيفة.
يريد كثر في الكونغرس إعادة إدخال صواريخ كروز النووية التي تطلق من البحر في الموازنة العسكرية، وتأمل الصحيفة أن ينجحوا. إن الأسلحة النووية هي واقع قاتم للحياة المعاصرة، لكن سيكون استخدامها أكثر ترجيحاً إذا اعتقد الأعداء أن الولايات المتحدة والناتو يفتقران إلى الردع النووي المناسب.