يهود في مكناس أمام لوحة الحاخام رافييل بيردوغو (أرشيف)
يهود في مكناس أمام لوحة الحاخام رافييل بيردوغو (أرشيف)
الجمعة 20 مايو 2022 / 19:16

حجاج يهود يعودون إلى مكناس المغربية للمرة الأولى منذ الستينات

شارك عشرات اليهود هذا الأسبوع في زيارة "الهيلولة" التقليدية في مدينة مكناس بالمغرب، وذلك للمرة الأولى منذ ستينات القرن الماضي، اثر ترميم للمقبرة اليهودية التاريخية، في المنطقة.

وهي المرة الأولى التي يعود فيها الزوّار اليهود إلى المدينة، وبعد التطبيع  في ديسمبر(كانون الأول) 2020.

ويقول الفرنسي المغربي أندريه ديرهي، 86 عاماً، وهو يتمشى في محيط بيت حاييم، بيت الحياة بالعبرية، في مكناس: "لا أجد الكلمات للتعبير عما أشعر به، رائعة هي عودتي التي كانت منتظرة إلى مسقط رأسي إثر سنوات من الغياب".

واستقبلت هذه المقبرة القديمة في الحيّ اليهودي "الملّاح" وسط المملكة، الأربعاء ولأول مرة منذ 1960 حجاجاً يهوداً غالبيتهم من أصول مغربية، للاحتفال "بالصديقين" تحت رقابة أمنية كبيرة.

ويقول الحاخام الشاب الإسرائيلي من أصول مغربية نضام 31 عاماً، الذي يزور المكان لأول مرة في حياته "أفخر بالمجيء إلى مكناس حيث يرقد أسلافي".

وأقيمت هذه المقبرة في 1682 ثم تداعت وكانت ضمن برنامج ترميم أكثر من 160 مقبرة يهودية في المغرب، بدأها الملك محمد السادس في 2010.

ويقارب عدد الطائفة اليهودية في المغرب اليوم 3 آلاف شخص وهي الأكبر في شمال إفريقيا رغم هجرة كبيرة إلى إسرائيل منذ إنشاء الدولة اليهودية في 1948، ويحتفظ 700 ألف إسرائيلي من أصول مغربية بعلاقات قوية مع بلدهم الأم.

ووجدت هذه الطائفة منذ القديم في المغرب، وتعززت منذ القرن الخامس عشر بعد طرد اليهود من إسبانيا، وناهز عددهم 250 ألف شخص في 1940، وإثر تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل سمح بعودة السياح اليهود إلى المملكة.

ويطوف مئات الزائرين يحملون الشموع بين أيديهم بين القبور المطلية بالجير الأبيض في مدينة مكناس، ويؤدي البعض صلاة أمام لوحة الحاخام رافييل بيردوغو "أستاذ التورات" الذي توفي في 1821.

ويقول الأمين العام لمجلس الطائفة اليهودية في المغرب سيرج بيردوغو: "هذا التجمّع دليل على أنه يمكن أن نجعل من الآثار مكاناً للاحتفال بذاكرة اليهود في المغرب".

وتحظى القضية الفلسطينية بدعم وتعاطف سكان المملكة لكن التطبيع مع إسرائيل لم يثر احتجاجات في البلاد، ويعتبر يوسف إسرائيل وهو قاض يتحدر من مدينة تطوان، أن "المغرب كان دائماً رمزاً للتعايش الديني".

ويؤكد الحاخام نظام أنه قبل تطبيع العلاقات كان المغرب يستقبل كل عام بين 50 و70 ألف سائح يهودي غالبيتهم من إسرائيل، ومن المرتقب أن يستقبل المغرب نحو 200 ألف سائح بعد إطلاق خطوط جوية مباشرة بين البلدين.

وولد جيل بيردوغو الإسرائيلي من أصول مغربية في مكناس ويستفيد من الزيارة للعودة لأول مرة إلى المغرب التي غادرها في 1970 في الحادية عشرة.

ويقول متفقد التعليم الوطني الإسرائيلي مصحوباً بزوجته وأطفاله الستة: "عدت إلى حينا مغمض العينين، وعادت لي كل الذكريات وكأني لم أغادر البلاد".

ويضيف "التجربة مؤثرة" خاصةً لأبنائه الذين قدموا لأول مرّة إلى المغرب، ويورد ابنه افيخاي 30 عاماً، مبتسماً "نشأنا مع حكايات أبينا ويبدو الأمر كأننا عثرنا على القطعة الناقصة من اللغز".

ويحيي جيل بيردوغو المغرب على "العمل الاستثنائي للحفاظ على الذاكرة"، ويضيف دامعاً "هذه الرحلة بمثابة رمز كبير لأبنائي، لا مثيل له".