الثلاثاء 5 يوليو 2022 / 15:13

أسرة قاهرية طرزت كسوة الكعبة لعقود، تواصل حرفتها بخيوط الذهب

تحت مروحة في القاهرة الاسلامية، يطرز أحمد عثمان قطعة قماش سوداء راسماً حروف آية قرآنية بخيوط الذهب، على غرار أجداده الذين كانوا يصنعون كسوة الكعبة.

قبل 100 عام، كانت ابداعات أسرة عثمان ترسل الى مكة في موكب كبير يحمل كسوة الكعبة.

اليوم، في محله بأحد أزقة خان الخليلي في قلب القاهرة الفاطمية، يعاني عثمان (51 عاماً)، شأنه في ذلك شأن بقية أبناء حرفته، من غلاء المواد الأولية والتراجع الكبير في حركة السياحة وتدهور القوة الشرائية للمصريين، فضلاً عن عزوف الشباب عن تعلم أي حرفة بسبب المداخيل الأكبر التي تدرها مهن أخرى.

في العام 1924، نال جد عثمان الشرف العظيم، بالنسبة لأبناء حرفته، المتمثل بإعداد كسوة الكعبة التي تطرز بأوراق الذهب أو الفضة ويتم تغييرها كل عام في موسم الحج.

ويتذكر عثمان أن إعداد كسوة الكعبة "كان طقساً مقدساً".

ويضيف من سنة لأخرى، كان عشرة حرفيين يطرزون الكسوة بخيوط الفضة" الرقيقة جداً ما يجعل تطريز 10 إلى 20 سنتيمتراً يتطلب يوماً كاملاً، على ما يؤكد.

وكانت كسوة الكعبة على مدى سنين طويلة تقدم هدية من دول اسلامية مختلفة تسعى لنيل شرف إعداد هذا الغطاء الذي تبلغ مساحته 658 متراً مربعاً ويطرز، بالأحجار الكريمة أيضاً.

اعتباراً من القرن الثالث عشر، تولى حرفيون مصريون مهمة إعداد الكسوة وتطريزها وكانت السلطات تنظم بعد ذلك رحلتها الى مكة.

وكانت القافلة التي تضم حراساً ورجال دين تقابل بحفاوة كبيرة على طول طريقها من قبل مصريين فرحين كانوا يرشونها بماء الورد من شرفات منازلهم.

لكن اعتباراً من العام 1927، بدأ اعداد كسوة الكعبة ينتقل الى مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية. ومنذ العام 1962 اصبحت الكسوة تصنع هناك بالكامل.


وتخصصت عائلة عثمان بشكل أساسي في "تطريز آيات قرآنية على منسوجات"، وكذلك في تصنيع نماذج من كسوة الكعبة.

ويقول "اليوم معظم زبائننا يريدون نسخة من الكسوة".

وينطلق سعر قطعة صغيرة من نسخة كسوة الكعبة عند سعر 100 جنيه مصري (5.3 دولارات)، لكن قد يصل سعر بعض المنتجات المصنوعة إلى آلاف الدولارات مثل النسخ المقلدة من باب الكعبة، والتي يؤكد عثمان بفخر أنه لا يمكن تمييزها عن النسخ الأصلية في مكة المكرمة.

ومنذ بدء جائحة كورونا، لم يعد يبيع أكثر من "قطعتين في الشهر"، في حين أنه قبلها كان يبيع قطعة كل يوم.

ويؤكد عثمان أنه لم يعد يتبقى اليوم إلا قرابة عشرة مطرزين "حقيقيين".

لكنه مصمم على الحفاظ على التراث في مصر، حيث قرر جده الأكبر أن يستقر وأن يمارس مهنة التطريز بعدما غادر مسقط رأسه في تركيا قبل قرن ونصف القرن.