الرئيس الأمريكي جو بايدن.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي جو بايدن.(أرشيف)
الخميس 14 يوليو 2022 / 13:46

فورين بوليسي: على بايدن تغيير سياسته الشرق أوسطية

توقع رئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي جون حنا، ألا يصدّق أحد الرئيس جو بايدن حين سيتوجه إلى الشرق الأوسط لإعادة طمأنة حلفاء واشنطن بأنها ملتزمة بأمن واستقرار المنطقة.

بعدما وجد نفسه في مباراة موت مع روسيا حول أسعار الطاقة العالمية استدار بايدن واكتشف أن السعودية، وهي أعظم منتج للنفط وشريك استراتيجي لبلاده لأكثر من 80 عاماً، لم تعد في المعسكر الأمريكي

الضرر التراكمي الذي تحقق خلال أكثر من عقد مع توجه رؤساء أمريكيين من كلا الحزبين إلى الابتعاد عن الشرق الأوسط كان عظيماً جداً. إذا طمح بايدن فعلاً إلى كسر دينامية تآكل الردع والصدقية الأمريكيين فسيحتاج للذهاب أبعد من التقاط الصور والحديث السعيد في مقاله الأخير بواشنطن بوست، مع إيضاح أن زيارته تمثل بداية تغيير أكثر جوهرية للاستراتيجية الأمريكية، من الانسحاب نحو إعادة الالتزام. لن يكون الأمر سهلاً.

لائحة اتهام طويلة
كتب حنا في مجلة "فورين بوليسي" أن مسار فك الارتباط الأمريكي وصل إلى ذروته في الأشهر السبعة عشر الأولى لبايدن في البيت الأبيض. الانسحاب الكارثي من أفغانستان ربما كان الدليل الأول على ذلك. لكن قائمة الاتهام أطول بكثير. هي تتضمن تعهد بايدن تحويل المملكة العربية السعودية إلى دولة منبوذة، علماً أنها كانت أقدم شريك عربي لواشنطن وأكثرهم تأثيراً. وعلقت أمريكا مبيعات أسلحة إلى المملكة والإمارات العربية المتحدة وسط حربهما ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

وسحبت الولايات المتحدة أصولاً جوية دفاعية من الخليج العربي بالتحديد حين بلغ إطلاق الحوثيين طائرات بلا طيار وهجمات صاروخية على مراكز سكنية وبنى تحتية حيوية أوجه. يضاف إلى ذلك رفض الرد أو الرد بشكل غير متناسب لا على عشرات الهجمات المدعومة من إيران ضد الجنود والديبلوماسيين الأمريكيين وحسب بل أيضاً ضد هجمات صاروخية وبالمسيرات استهدفت حلفاء قدامى.

ثمة المزيد
تابع حنا أن ما جعل الأمور أسوأ وبشكل لا حد له جهد الإدارة المفتوح لإغراء إيران كي تعود إلى الاتفاق النووي. يعارض معظم أصدقاء واشنطن الأقوياء في المنطقة، الاتفاق لكونه وصفة مؤكدة النجاح لتعزيز إيران وشحن برنامجها للعدوان الإقليمي. هذه عقبات أكثر من إمكانية تخطيها.

إيقاظ فظ
بعدما وجد نفسه في مباراة موت مع روسيا حول أسعار الطاقة العالمية استدار بايدن واكتشف أن السعودية، وهي أعظم منتج للنفط وشريك استراتيجي لبلاده لأكثر من 80 عاماً، لم تعد في المعسكر الأمريكي. كان ذلك بلا شك إيقاظاً فظاً لبايدن. لقد أثمرت جهوده في تقليل أهمية العلاقة مع الرياض نتائج عكسية وأضرت بمصالح الولايات المتحدة في واحدة من أسوأ الأزمات التي تواجهها السياسة الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. يساعد ذلك في تفسير قرار بايدن الصعب بالاعتراف المذل بأخطائه والسفر إلى المملكة يوم الجمعة لبذل جهد في إجراء تعديلات بالرغم من صيحات الاحتجاج في حزبه.

التغيير الهامشي غير كاف
أضاف حنا أنه بينما قد تساعده الزيارة في إجابة الرياض على اتصالاته في المستقبل، من غير المرجح أن تكون الزيارة كافية واحدها لمعالجة التهديد الطويل المدى لقوة وتأثير الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إن التعديل البسيط والهامشي لميزان سياسات بايدن الحالية، كاسترضاء أقل بقليل لإيران واستعداء أقل بقليل للسعوديين، من غير المرجح أن يكون كافياً للتخلص من المخاوف العميقة حيال التزام واشنطن الاستراتيجي في المنطقة. لتحقيق هذه الغاية في وقت متأخر كما هي الحال اليوم يجب اتخاذ خطوات أكثر جذرية.

عقيدة كارتر
قد يكون التطلع إلى الرئيس الأسبق جيمي كارتر غير بديهي لاستلهام الطموح حسب حنا. لكن في أواخر سنة 1979، وبعد احتجاز رهائن أمريكيين في إيران والغزو السوفياتي لأفغانستان، كانت صدقية الولايات المتحدة تنزف في الشرق الأوسط. رد بايدن عبر خطاب حال الاتحاد سنة 1980 معلناً ما سيتحول إلى عقيدة كارتر التي ألزمت الولايات المتحدة باستخدام كل الوسائل الضرورية، بما فيها القوة العسكرية لمنع أي قوة خارجية من السيطرة على منطقة الخليج العربي.

لا تحبسوا أنفاسكم
يجب على عقيدة بايدن إلزام واشنطن بشكل علني ولا لبس فيه باستخدام جميع عناصر القوة الوطنية بما فيها القوة للدفاع عن مصالحها الحيوية في الشرق الأوسط ومنع سعي إيران للحصول على إمكانات تصنيع سلاح نووي. إن عقيدة جديدة ستشدد على أولوية دعم أقوى شركاء أمريكا في الشرق الأوسط والعالم العربي لصياغة تحالف قادر على الرد على التهديدات المشتركة. لكن لا تحبسوا أنفاسكم، حسب نصيحة حنا.

ليس على مستوى المهمة
ما من سبب وجيه للاعتقاد بأن بايدن على مستوى المهمة. تضمن مقاله في واشنطن بوست لائحة تبييض لمزاعم مشبوهة بغالبيتها حول مساهمة سياساته بتحسين المنطقة. وسيرفض فريق بايدن أي مقترح يتضمن مقارنة مع آخر رئيس ديموقراطي فشل في التجديد لولاية ثانية. مع ذلك، أصبحت عقيدة كارتر واحدة من أكثر المبادرات تأثيراً في السياسة الخارجية خلال العقود الماضية وبقيت حجر الزاوية للاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. وختم الكاتب أن إعادة إحياء عقيدة كارتر ستساعدة الولايات المتحدة في العودة إلى المسار الصحيح وسط الصراع الجيلي ضد أخطر أعدائها.