مشاركون في استعراض للقوة تابع للجهاد الإسلامي (أرشيف)
مشاركون في استعراض للقوة تابع للجهاد الإسلامي (أرشيف)
الأحد 7 أغسطس 2022 / 14:45

مصلحة مشتركة بين حماس وتل أبيب ضد الجهاد

24 - محمد طارق

مصلحة مشتركة تجمع حركة حماس وإسرائيل في الحرب ضد حركة "الجهاد الإسلامي" وعلى الدولة العبرية إدراك هذه المسألة التي من شأنها التمييز بين المنظمتين في قطاع غزة.

وحدة الساحات
وقال الكاتب الإسرائيلي تسيفي بارئيل المتخصص في الشؤون العسكرية في تحليل له بصحيفة "هآرتس" إن زعيم الجهاد الإسلامي، زياد نخالة، حدد بوضوح "التحدي الذي تشكله حركته على حماس"، لافتاً إلى تصريحاته التي قالها فيها إن "اليوم هو يوم اختبار تاريخي، إما أن نواجهه عندما نتحد أو ندفع ثمن تقسيمنا".

ويقول الكاتب إن زياد نخالة كرر الحديث بشأن "مبدأ وحدة النضال" وأنه ليس من قبيل المصادفة أن يطلق الجهاد على هذه الحملة "وحدة الساحات" الذير يشير إلى ترسيخ المفهوم الاستراتيجي الذي تكون بموجبه الضفة الغربية وقطاع غزة ساحة واحدة للجهاد، وهذه رسالة لحماس بألا تدير ظهرها للجهاد وألا تتركها وحدة لإدارة الحرب ضد إسرائيل.

وتابع بارئيل "هناك ما يدعو إلى القلق، لقد اكتفت حماس حتى الآن بالخطاب الداعم وتجنب التدخل العسكري، بينما أعلنت حركة الجهاد أنها لا تنوي وقف القتال، ونفت التقارير التي تفيد بأنها طلبت من مصر العمل على وقف إطلاق النار، بل وذكر النخالة أنه ليس لديهم خطوط حمراء، ولا توقف في الحرب ولا وساطة، أما حماس تعرب عن المزيد موقف مرن يدل على صراعها"، مشيراً إلى أن حماس لا تزال تعقد لقاءات ومحادثات مع الوسطاء المصريين الذين طلبت منهم عدم إغلاق معبر رفح، وتطمح أن تنقذه جهود الوساطة من الاضطرار إلى اجتياز اختبار علني للجهاد.



وفد من حماس في القاهرة
وقال بارئيل إن وفد من حركة حماس وصل، يوم الإثنين الماضي، إلى القاهرة لبحث التخطيط لعمليات مصر لإعادة الإعمار في قطاع غزة، كما طلب الوفد دراسة جوانب أخرى من صفقة تبادل الأسرى، وبشكل أساسي فرز قائمة الأسرى الذين يقضون عقوبة السجن المؤبد في إسرائيل والذين تريد حماس إطلاق سراحهم كجزء منها.

وأشار بارئيل إلى أنه في الأساس كان من المفترض أن يصل الوفد في وقت لاحق، لكن بسبب التوترات والحديث على أن إسرائيل قد تشن عملية عسكرية تم تقديم وصوله، وتركزت المحادثات على سبل وقف التدهور وتهدئة حركة الجهاد الإسلامي، ونقل الكاتب عن مصادر بأن إسرائيل بعثت برسالة عبر مصر إلى حماس تعتبرها مسؤولة عن أي تطور يحدث في المنطقة، وأنها لا تفرق بينها وبين الجهاد الإسلامي، ففي نظرها هي التي تسيطر على القطاع.

الجهاد ترفض رسائل إسرائيل
وأضاف بارئيل أن يوم الجمعة الماضي قبل ساعات قليلة من بدء الهجمات الإسرائيلية، بعث النخالة برسالة إلى مصر مفادها أنه يرفض الرسائل الواردة من إسرائيل وأن جميع جهود الوساطة "مضيعة للوقت"، ونقل الكاتب الإسرائيلي عن مصادر مصرية أن الشخصيات السياسية في إسرائيل هي التي ناشدت مصر التحرك لمنع التصعيد، لكن "حينها فوجئنا بالعمل العسكري". ووفقاً للمصدر المصري، فإن القاهرة لم تكن تعلم مسبقاً بالعملية رغم وجود تفاهم بين البلدين.



اختلاف أيديولوجي
أشار الكاتب إلى أن حماس والجهاد الإسلامي لديهما غرفة مواقف مشتركة يُفترض أن تُتخذ من خلالها قرارات عسكرية وسياسية مشتركة، لافتاً إلى أنه في ظاهر الأمر، لدى المنظمتين هدف أيديولوجي قومي مشترك يتمثل في إنهاء الاحتلال والقضاء على إسرائيل، لكنهما منفصلان باختلاف أيديولوجي يمنعهما من الاندماج، وقال إن حماس تأسست باعتبارها فرعاً من جماعة الإخوان المسلمين، وعرفت نفسها كحركة شعبية اجتماعية ستؤدي إلى إقامة دولة شريعة، أما الجهاد ففكرته هي القتال المستمر، والقضاء على الأنظمة التي لا تستحق.

وفقاً للكاتب، ترى حماس أن إعادة إعمار غزة وتحسين الوضع الاقتصادي لمواطني القطاع وبناء دعم شعبي واسع هي خطوات ضرورية نحو تحقيق الهدف الأيديولوجي، وعلى الجانب الآخر ليس للجهاد مصلحة في إعادة إعمار القطاع، فإن إنشاء المؤسسات العامة والرفاهية أو إدارة السياسة الخارجية ولكن مطلوب توفير مصادر مالية وعسكرية، وعلى هذه الخلفية نشأت خصومات ونزاعات شديدة على مر السنين بين الحركتين والتي اضطرتا إلى التعاون، وتابع: "على الرغم من أن حماس تتمتع بميزة عسكرية واقتصادية كبيرة، إلا أن جهاد لديها القدرة على تدمير احتكار حماس وزعزعة سيطرتها مع الاستفادة من استراتيجية الرد العسكري التلقائي لإسرائيل".

سياسة مشوشة
يضيف بارئيل أن هذا التنافس يُلزم إسرائيل أيضاً ويملي عليها مسارات عمل متناقضة تبدو سياسة مشوشة، فمن ناحية، تعتبر حماس مسؤولة بشكل كبير عن كل ما يحدث في القطاع، وبالتالي عليها أن تدفع ثمن أي عمل عسكري حتى لو كان من منظمات أخرى، وفي الوقت نفسه، لكي تمارس حماس سيطرتها لتكون عنواناً واحداً لجميع مطالب إسرائيل وقبل كل شيء الحفاظ على السلام، يجب أن تتوفر لديها الأدوات اللازمة التي ستسمح لها بإدارة الساحة المدنية، بما في ذلك تحويل الأموال لدفع الرواتب وإعادة إعمار قطاع غزة، وبالتالي تعزيز الدعم الشعبي لها.



جذور التناقض
يقول الكاتب إن جذور هذا التناقض تعود إلى قرار إسرائيل استخدام التنافس المرير بين فتح وحماس وبين السلطة الفلسطينية وقيادة الفصائل في القطاع لنسف أي فرصة للمفاوضات السياسية، مضيفاً: "وفقا لإسرائيل، بما أن السلطة الفلسطينية غير قادرة على السيطرة على حماس ومنع أنشطتها الإرهابية ، فهي لا تمثل الشعب الفلسطيني بأسره على أي حال، وبالتالي لا يمكن أن تكون شريكا في المفاوضات، لقد حقق هذا الموقف هدفه حتى الآن، لكنه في الوقت نفسه لا يعزز فقط موقف حماس في قطاع غزة، بل يمنحها أيضاً حق انتقاد أي تحرك سياسي".

إسرائيل وحماس في معضلة
وأضاف بارئيل، أن ضرورة المناورة بين هذه الاعتبارات المتعارضة تضع إسرائيل وحماس أمام نفس المعضلة، وأهمها كيفية الرد بطريقة لا تجبر حماس على الانضمام إلى الجهاد الإسلامي، مشيراً إلى أنه حتى الآن امتنعت إسرائيل عن الإضرار بالبنية التحتية المدنية وقصف قواعد ومواقع إنتاج الأسلحة التابعة لحركة حماس، ولا تهدد بالقضاء على قادتها وتواصل إيصال رسائل إليها عبر مصر تفيد بأن الحركة ليست على قائمة أهدافها، وتابع: "من المفارقات أن هذا الموقف يملي على إسرائيل ضرورة التفريق بين التنظيمات وتركيز قدراتها العسكرية فقط على منظمة ثانوية، خلافاً لتأكيدها أن حماس هي المسؤولة، لأنها الآن بحاجة إليها لتحديد نطاق العملية والحد منها.

ضغوط على حماس
وقال الكاتب إن حماس تتعرض لضغوط شديدة للانضمام إلى العملية العسكرية، وتتهمها الجهاد بأن الموقف المحايد يعني التعاون مع إسرائيل وسحق لـ"وحدة خط المقاومة الوطنية"، ومن ناحية أخرى، فإن الدخول في عملية عسكرية يعرض إنجازات حماس للخطر، مختتماً: "مثل هذا القرار قد يخدم المصلحة الوطنية ويظهر جبهة موحدة لفصائل المقاومة، لكنه سيقوض بشكل كبير استقلالية قرار حماس، في الأيام المقبلة وربما في الساعات القليلة القادمة سيتعين على حماس أن تتخذ قرارا سعت للهروب منه. ويعتمد الكثير الآن على الكيفية التي تريد بها الحكومة الإسرائيلية أن تختبر نفسها".