الصين وأمريكا (أرشيف)
الصين وأمريكا (أرشيف)
الجمعة 19 أغسطس 2022 / 15:45

ما هي سيناريوهات الصراع المحتمل بين الولايات المتحدة والصين؟

24 - شيماء بهلول

نشرت مؤسسة البحث والتطوير الأمريكية (راند) مؤخراً دراسة في نحو 120 صفحة بعنوان "عودة حرب القوى الكبرى"، أعدها عدد من الباحثين على رأسهم كبير الباحثين في مجال الدفاع والشؤون الدولية الدكتور تيموثي هيث، وكريستين جونيس، وهي إحدى كبار الباحثين في مجال السياسات بالمؤسسة.

ويتصور الباحثون من خلال تحليل دقيق للبيانات الحالية والتاريخية للعوامل ذات الصلة، والاتجاهات المتوقعة والتكهنات المبنية على أساس الأبحاث، عدة سيناريوهات لصراع منهجي بين الولايات المتحدة والصين في ظل ظروف افتراضية اقتربت فيها الصين من الوصول إلى نقطة الأولوية العالمية.

واعتماداً على النتائج الأكاديمية ونتائج الأبحاث المتعلقة بالمسار المحتمل للأمن الدولي والحرب في السنوات المقبلة، وموقف الصين بالنسبة للحرب المستقبلية، وتجارب القوى الكبرى السابقة ذات الصلة، والأنماط التاريخية للحروب بين الدول، يحاول معدو الدراسة استكشاف إمكانية اندلاع حرب تتعلق بتحول القوة بين الولايات المتحدة والصين.



سيناريوهات محتملة
وتوصل معدو الدراسة إلى سيناريوهين لحرب منهجية بين الولايات المتحدة والصين: يتصور الأول صراعاً منخفض الشدة يتكشف في أنحاء كثيرة من العالم، عبر الكثير من المجالات وعلى مدار سنوات كثيرة، وأما السيناريو الثاني، فإنه يتصور حرباً عالية الشدة تنجم عن الحرب منخفضة الشدة، ووقوع أعمال عدوانية من جانب الدولتين لتدمير قدرة الخصم على خوض القتال، وهي تحمل في طياتها خطر تصعيد مرتفع للغاية إلى المستويات الأكثر تدميراً.

ويحدث السناريوهان في نطاق سياق موقف دولي متفكك بشكل عميق، يعاني فيه الجيشان الأمريكي والصيني من ضغط شديد نتيجة مواصلة المجهود الحربي، بينما يتعاملان مع مجموعة من التهديدات غير التقليدية ويستجيبان لمطالب للحصول على الدعم من جانب شركاء في حالة معاناة.

وعلى الرغم من أن تحليل معدي الدراسة يتعلق بموقف صراع افتراضي تقترب فيه الصين من بلوغ الأولوية العالمية، من الممكن أن تفيد النتائج التي توصلوا إليها في التخطيط الدفاعي للحالات الطارئة المحتملة حتى في الوقت الحالي.



تخطيط دفاعي
ومن أبرز النتائج التي توصل إليها الباحثون هو أنه من المحتمل أن يمتد أي صراع منهجي بين الولايات المتحدة والصين في أنحاء العالم، ولكل المجالات بما في ذلك الفضاء السيبراني والفضاء الخارجي، وسوف يتخذ مثل هذا الصراع شكلاً منهجياً وربما يستمر سنوات، ولن ينتهي الصراع إلا إذا تخلى أحد الطرفين عن القتال واعترف بخضوعه للطرف الآخر، كما يمكن أن يجد الجيشان الأمريكي والصيني نفسيهمما تحت وطأة ضغط كبير للغاية في أي صراع منهجي، بسبب المطالب المتنافسة لمواصلة المجهود الحربي والتعامل مع مجموعة من التهديدات الحادة العابرة للحدود، ومساعدة الشركاء على مواجهة تحدياتهم الأمنية.

وتوصل الباحثون إلى أن أي حرب منخفضة الشدة يمكن أن تشمل قتالاً واسع النطاق يتم أساساً من خلال دول شريكة وجماعات غير تابعة لدول، وسيظل خطر التصعيد مرتفعاً حيث إن أياً من الطرفين قد يمل الطابع غير الحاسم لمثل هذا القتال ويسعى إلى أعمال أكثر ضراوة لوضع نهاية للحرب.

ويرى الباحثون أن جيش التحرير الشعبي الصيني قد يحبذ لمقاتلة القوات الأمريكية في حرب منخفضة الشدة، العمليات التي تعتمد على أسلحة أقل تكلفة وأقل مخاطرة، ووسائل مثل الهجوم الدقيق طويل المدى، والعمليات السيبرانية، ودعم القوات غير النظامية.

كما توصل الباحثون إلى أنه رغم أن مثل هذه الحرب قد تبدأ بأهداف حربية أقل تواضعاً في تصورهم، سوف يكون من الصعب مقاومة إغراء التصعيد، بسبب الدافع الكامن وهو الهيمنة على الطرف الآخر، وقد يشمل القتال هجمات صاروخية واسعة النطاق في كل منطقة المحيط الهندي والهادىء بهدف تحطيم القوة العسكرية الأمريكية.



توصيات مهمة
وقدم الباحثون في نهاية دراستهم مجموعة من التوصيات شملت ضرورة أن يأخذ المخططون الأمريكيون في الاعتبار مجموعة أوسع نطاقاً من الاحتمالات الطارئة لحرب منخفضة، أو مرتفعة الشدة مع الصين، يمكن أن تنطوي على خيارات قتالية تتجاوز نقاط ساخنة مثل تايوان.

كما يتعين على المخططين بحث احتمال اندلاع صراع بين الولايات المتحدة والصين، ليس كمعركة واحدة أو صدام بشأن منطقة ساخنة معينة مثل تايوان، ولكن كسلسلة من الاشتباكات المتصلة طبيعياً، ومتفرقة جغرافياً بين القوات الأمريكية والقوات الموالية للصين، تمتد لتشمل الكثير من المجالات، ومثل هذا الصراع يمكن أن يستمر لسنوات، وسوف يمثل ضغطاً شديداً على الجيش الأمريكي الذي يواجه بالفعل مطالب بتقديم المساعدات الأمنية لحلفاء وشركاء، وربما يتعامل أيضاً مع تهديدات شديدة عابرة للحدود.

وينبغي على الولايات المتحدة بحث تعزيز قدرتها على خوض حرب منخفضة الشدة، وهو سيناريو أكثر ترجيحاً من أي حرب مرتفعة الشدة، بالنسبة لأي صراع بين الولايات المتحدة والصين، كما يتعين على المخططين ضمان القدرة على الدفاع عن النقاط الحاسمة الحيوية في الشرق الأوسط وعلى طول المحيط الهندي وتأمينها، بالإضافة إلى التركيز على بناء التحالفات وعلى الأسلحة والمنصات التي تساعد على التميز في الحصول على المعلومات.



مكافحة التضخم
ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي جيفري ساكس لشبكة سي إن بي سي الأمريكية، إن "التوترات بين الولايات المتحدة والصين لا تساعد جهود الرئيس جو بايدن في السيطرة على التضخم".
وأوضح ساكس، الأستاذ بجامعة كولومبيا ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، أن إدارة بايدن لا ينبغي أن تستمر في فرض الرسوم الجمركية على الصين التي أقرت في عهد ترامب.

وأضاف "يتبع بايدن إلى حد كبير نفس الخط المناهض الذي اتبعه سلفه ترامب مع الصين، أعتقد أن هذا سيء للعالم وسيسبب العديد من المخاطر، كما أنه لا يساعد في حل قضية التضخم"، وتوقع الباحث أن يظل التضخم مرتفعاً في المستقبل المنظور، موضحاً أن "المخاطر السياسية المستمرة بما في ذلك الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا، تزيد من الضغوط على الاقصاد العالمي".

وحسب ما ذكرت الشبكة، قدر بعض الاقتصاديين والمسؤولين الأمريكيين أن إزالة الرسوم الجمركية على الصين يمكن أن تساعد في خفض نسبة التضخم إلى 1% مع مرور الوقت.



تأثير محدود
وبدورها، ترى غرفة التجارة الأمريكية في تايوان أن التوترات بين الصين وتايوان لها تأثير محدود على الأعمال، وقالت المجموعة اليوم الجمعة لصحيفة (ذا إيكونوميك تايمز): إن "معظم الأعضاء الذين استطلعت آراؤهم قالوا إنهم لم يتأثروا بشكل كبير بالتدريبات العسكرية الصينية الأخيرة حول الجزيرة، لكنها زادت من مخاوفهم".

وأضافت أن 126 من أصل 529 عضو استجابوا للاستطلاع الذي أجري في الفترة من 8 إلى 17 أغسطس(آب) الجاري، أفاد 77% بأن أعمالهم لم تتأثر بشكل كبير، بينما قال 17% إنهم عانوا من اضطراب، بما في ذلك زيادة تكاليف الشحن أو التأمين أو تأخيرات في سلسلة التوريد.

ووفقاً للاستطلاع، توقع 46% من الشركات التي شملتهم الدراسة أن تزيد الصين من نشاطها العسكري هذا العام ما سيؤثر على أعمالها، في حين أشارت البقية إلى أنها لن تتأثر أو أنها غير متأكدة من تأثير التصعيد.

وحول طبيعة التهديدات، ذكرت الشركات أن المخاوف الرئيسية التي ستعاني منها في ظل التصعيد الصيني، تشمل حملات التضليل، والقيود أو الحواجز على أطراف تايوان، والعقوبات وحظر السفر، والمقاطعات والحظر على المنتجات والأفراد التايوانيين.

وقال رئيس غرفة التجارة الأمريكية في تايوان أندرو وايلغالا، إن "المنظمة ستدعو إلى أجندة طموحة لتسريع التعاون الاقتصادي مع تايوان"، مضيفاً أن "التطورات في الأسابيع الأخيرة تؤكد أهمية دعم مرونة تايوان من خلال تكثيف التعاون الاقتصادي، فالحقيقة الحاسمة هي أن علاقة تايوان الاقتصادية مع الولايات المتحدة تمثل قضية أمنية".