شخص يرفع صورة أميني خلال تظاهرة ضد النظام الإيراني في نيويورك (غيتي)
شخص يرفع صورة أميني خلال تظاهرة ضد النظام الإيراني في نيويورك (غيتي)
الأحد 25 سبتمبر 2022 / 13:26

تظاهرات إيران ستفشل.. لكن التغيير قادم

24 - محمود غزيّل

أثارت وفاة مهسا أميني في إيران، الغضب من جديد بشأن قضايا، من بينها القيود المفروضة على الحريات الشخصية، والقواعد الصارمة المتعلقة بملابس المرأة.

أميني، الشابة التي تبلغ من العمر 22 عاماً، كانت دخلت قبل وفاتها في غيبوبة أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق على خليفة قواعد ارتداء الحجاب.

وتعتبر الاحتجاجات اليوم الأكبر التي تجتاح البلاد منذ مظاهرات خرجت اعتراضاً على أسعار الوقود في 2019، بينما الشعار المشترك بينها كان دعوة الحشود الغاضبة إلى سقوط الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي.



وسقط ما لا يقل عن 41 قتيلاً في الاضطرابات المستمرة منذ أسبوع والتي لا تظهر أي بوادر على التراجع، بحسب ما ذكره التلفزيون الرسمي الإيراني أمس السبت، مع اتساع نطاق الاحتجاجات إلى معظم الأقاليم البالغ عددها 31. وأضاف التلفزيون أن هذا الرقم يستند إلى إحصائه وأن الأرقام الرسمية لم تعلن بعد. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيس البلاد قوله أمس إن على إيران "التعامل بحزم مع أولئك الذين يعتدون على الأمن والسكينة".

ويقول خبراء في الملف الإيراني إن الاحتجاجات الدموية تظهر إرادة الشعب لثورة جديدة، لكن عقبات عديدة تقف بوجه المحتجين.



على السطح، فإن التظاهرات جاءت على خلفية الوفاة المريبة بعد أن تم اعتقال مهسا أميني لعدم ارتدائها الحجاب "بشكل مناسب". ولكن في المضمون، يلفت المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، هادي قائمي، الانتباه إلى التحركات الشعبية التي تشهدها الشوارع الإيرانية اليوم هي من أعراض الاستياء العميق الذي يغلي في إيران منذ عدة سنوات، والمطالب بالتغيير الاجتماعي والسياسي ومجال أوسع للحريات.

ويفيد قائمي بإن "الحكومة والدولة الإيرانية والنخبة الحاكمة فصلوا أنفسهم تماماً عن المجتمع واحتياجات الشعب"، وإلى جانب الفساد المتغلغل هناك قمع سياسي واقتصاد يترنح على خلفية العقوبات الغربية. تلك مجموعة من الأسباب التي دفعت العديد من الإيرانيين للتوصل إلى استنتاج "أن الجمهورية الإسلامية في شكلها الحالي لا تخدم أياً من مصالحهم"، وفقاً لقائمي.



واللافت أن شعار "الموت لخامنئي" الذي بقي يصدح من حناجر المتظاهرين في التحركات الشعبية على مر السنوات الماضية، لم يرد عليه بتاتاً المرشد الأعلى لإيران المستلم الحكم الكامل للبلاد منذ 1989. وبحسب "إيران انترناسيونال" فإن هذا التجاهل مستمر حتى اليوم مع عدم تضمن خطاب خامنئي الأخير يوم الأربعاء الماضي لأي إشارة إلى أميني التي توفيت أو حتى الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد.

وينقل موقع "إنسايدر" عن مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط، أليكس فاتانكا، رؤيته بإن إيران، كما هي اليوم، تسير على "مسار" الثورة، لافتاً إلى أن عقبة كبيرة تواجه هذا المسار ألا وهي افتقار تحركات اليوم إلى تنظيم موحد، متسائلاً "كم عدد الثورات التي يمكن أن نشير إليها ولم يكن لديها مجموعة موحدة من القادة؟".



وعلى الرغم من أن جمالية الاحتجاجات في إيران تكمن بكونها انطلقت بصورة عفوية وبدون قيادة وتوجيه، وهو مؤشر صحي على درجة الوعي داخل المجتمع الإيراني، إلا أن الاحتجاجات التي شهدها العراق ولبنان المجاورين بوصفها حركة شعبية شبابية لا قيادة لها قد تشير إلى مجرد تحركات ذات حياة محدودة.

ويرى نديم الجابري الأستاذ في جامعة بغداد لموقع "اندبندت العربية" أن حركة تشرين الاحتجاجية في العراقية تراجع زخمها كثيراً لكون أن أغلب المشاركين بها إما التحق بأحزاب السلطة، أو أسس أحزاباً متعددة بقدرات ضعيفة، أو انكمش بسبب عدم الاتفاق على اختيار قيادة أو قائد سياسي محترف مع برنامج سياسي بديل يتسم بواقعية.


وبالإطار نفسه، تفيد دراسة للمركز اللبناني للدراسات متخصصة بتظاهرات تشرين في لبنان أن عدم وجود قيادة للتظاهرات التي شهدها لبنان انطلاقاً من تشرين الأول 2019 والإطالة في هذا التوجه، وهو سيف ذو حدين، إذ إن تكتيك المتظاهرين هذا يكون مفيداً في البداية، لكن ليس على المدى البعيد ولاسيما إذا كانت الحركة الاحتجاجية ترغب وتخطط لتولي السلطة.

وفيما لا يبدو أن وتيرة التحركات في إيران قد وصلت إلى أوجها، يمكن تذكر عبارة الحقوقي الأمريكي الراحل فريد هامبتون الذي قال "يمكنك قتل ثائر ولكن لا يمكنك أبداً قتل الثورة".