الخميس 27 أكتوبر 2022 / 21:05

من زايد إلى محمد بن زايد.. مصر دائماً في قلب الإمارات

"أوصيت أبنائي بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر، وهذه وصيتي أكررها لهم أمامكم، بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب، إن مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة".. هكذا أوصى المغفور له الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وهكذا هي مصر في خاطر الأب المؤسس، وهكذا هي مصر بالنسبة لكل إماراتي وإماراتية: الوصية الخالدة لحكيم العرب.

ولذلك، فالاحتفال بمرور خمسين عاماً على بدء العلاقات الإماراتية المصرية، لا يقتصر على الجانب الرسمي، بل هو احتفال شعبي يجسد المحبة العارمة بين أبناء الشعبين الشقيقين، تلك المحبة التي تقيم في وجدان كل إماراتي ومصري على حد سواء.

ذكريات غامرة
يصعب أن تقابل إماراتياً إلا ويحكي لك ذكريات طيبة عن مصر والمصريين، مصر التي عرفناها في أدبها ومثقفيها ومطربيها وأفلامها. مصر أحمد شوقي ونجيب محفوظ وطه حسين وعبد الرحمن بدوي وعباس محمود العقاد ومحمد مندور ويوسف إدريس وجابر عصفور وغيرهم الكثير. مصر أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفاتن حمامة وسعاد حسني وعادل إمام. مصر الأزهر الشريف ومحمد رفعت والمنشاوي وأحمد زويل. مصر التي نحب تفاصيلها ومدنها وشوارعها وحكاياتها وناسها.

لطالما كانت مصر جزءاً من ذكرياتي، هي التي اخترت أديبها الكبير نجيب محفوظ ليكون موضوع رسالتي للدكتوراه. وهي التي نشأت على أصوات مطربيها العظام؛ كوكب الشرق وموسيقار الأجيال والعندليب الأسمر، هي التي أزورها مشتاقاً في كل رحلة عمل، ولا أمل من المشي في شوارعها ولا الحوار مع أبنائها، هي التي أقابلها يومياً في وجوه أصدقائي في العمل وفي الحياة الشخصية.

أما الإمارات بالنسبة للمصريين فلا حديث يكفي محبتهم، ستتصبب خجلاً عندما تسمع الثناء من كل فم أثناء زيارتك لها، يكفيك أن تذكر أمام أي مصري أنك من الإمارات، أو اسم الشيخ زايد أو الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة، بل إنك ترى أسماء قادة الإمارات فوق عشرات المشاريع التنموية من مدارس ومستشفيات وغيرها، وفوق أبرز المحاور والطرق عرفاناً ومحبة وتقديراً.

تاريخ وثيق ومستقبل مشترك
إذا كانت العلاقات الرسمية بين شعبي البلدين قد بدأت قبل خمسين عاماً، فإن التاريخ يرصد علاقات وثيقة تعود إلى ما قبل الاتحاد، علاقات ضاربة الجذور تشكل الثقافة بعداً أساسياً من أبعادها المتعددة، وهي العلاقات التي ظلت تتنامى على مرّ المراحل والحقب وصولاً إلى يومنا هذا.

وإذ نحتفل بمرور خمسين عاماً على بدء العلاقات الإماراتية المصرية، فهو احتفال أيضاً ببدء خمسين عاماً جديدة من علاقات الأخوة والمصير الواحد المشترك، هذه العلاقات التي نراها ونتلمس أثرها في الاتصالات والزيارات الدائمة بين مسؤولي البلدين، وزيارات الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة حفظه الله، التي لا تنقطع إلى مصر للتعاون والتشاور وتقديم الدعم، كما رأينا في حفاوة استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، وكلمة التقدير التي خص بها الإمارات خلال المؤتمر الاقتصادي، تعبيراً عن عمق هذه العلاقات ومتانتها.

لقد أوصى الشيخ زايد أبناءه خيراً بمصر، ونحن نرى تحقق هذه الوصية في تأكيد الشيخ محمد بن زايد الدائم فعلاً وقولاً أن "العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية تاريخية وأخوية متينة، وهناك دائماً رغبة مشتركة ومتجددة لتعزيزها في مختلف القطاعات الحيوية الاقتصادية والاستثمارية وغيرها من المجالات التي تشهد باستمرار تقدماً وتطوراً"، نراه في قوة العلاقات الأخوية بين سموه والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي قال: "لم يكن لي حظ ونصيب أن ألتقى بالشيخ زايد رحمه الله، ولكني أراه في أبنائه وخصوصاً الشيخ محمد بن زايد، زايد في القلب، وبارك الله في أولاده، هم خير سلف لخير خلف"، نراه في متانة العلاقات بين شعبي البلدين وعمق محبتهما، نراه في إرث الشيخ زايد ووصيته ويده التي امتدت بالخير والمحبة لمصر على الدوام، نراه في مستقبل كبير يمتد أمامنا، من البناء والتنمية والتعاون والتآخي ووحدة المصير.