مسلح في ميناء نفط على ساحل  اليمن (أرشيف)
مسلح في ميناء نفط على ساحل اليمن (أرشيف)
الخميس 1 ديسمبر 2022 / 16:13

الصراع في اليمن يدخل مرحلة خطيرة مع شروع الحوثيين مهاجمة موانئ النفط

مرّ شهران على انتهاء هدنة استمرت نصف عام في اليمن، من دون تصعيد كبير، لكن سلسلة هجمات شنها الحوثيون ضد موانئ نفطية تثير مخاوف من تصعيد عسكري وعواقب اقتصادية على البلد الغارق في الحرب.

فقد تبنت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران هجمات بطائرات مسيّرة تسببت بمنع ناقلات نفط من الرسو في موانئ تسيطر عليها الحكومة، في مسعى للضغط لانتزاع مكاسب من السلطة في خضم سعي الأمم المتحدة إلى تمديد الهدنة، وفقاً لمحللين.

ويطالب الحوثيون الحكومة اليمنية، بدفع رواتب الموظفين العامين والعسكريين المتقاعدين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وهو ما ترفضه السلطة.

وبحسب المصرف المركزي في عدن (جنوب)، بلغت عائدات الحكومة اليمنية من صادرات النفط حوالى 1.4 مليار دولار العام الماضي. ويُنتج البلد الفقير نحو 80 ألف برميل يومياً، تصدّر غالبيتها لتمويل 70% من النفقات.

ويقول الباحث في مركز "مالكوم كير - كارنيغي" في بيروت أحمد ناجي، أن الدافع وراء مهاجمة الحوثيين للموانئ هو رغبتهم بـ"الضغط من أجل تحقيق مطالبهم".

تحديات اقتصادية
وأضاف "هذا يكشف حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها الجماعة في مناطق سيطرتها، وتكشف تحولاً مهماً في سياق الحرب وهو الانتقال من النقاش حول تقاسم السلطة إلى تقاسم الثروة والموارد".

ويسيطر الحوثيون على مناطق شاسعة في شمال وغرب اليمن، بينها العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر التي تضمّ ميناء رئيسياً تعبر منه غالبية المواد التجارية والمساعدات الإنسانية.

ويدور النزاع على السلطة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية منذ 2014. وقد تسببت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة التي تقول إنّ اليمن يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ويواجه مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ صعوبات في إحياء هدنة استمرت 6 أشهر، بعد عدم توصل الحكومة اليمنية والحوثيين إلى اتفاق على تمديدها في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ومنذ انتهائها، أعلن الحوثيون أنهم شنوا ثلاث هجمات ضد موانئ نفطية.

وحذّر رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي خلال لقاء مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي من أن تؤدي هذه الهجمات إلى "نسف مساعي السلام".

وتحدّث العليمي أيضاً عن خطر "تداعياتها الإنسانية الكارثية التي قد تشمل عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين والوفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه المواطنين".

في هذا الوقت، يتهدد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج آلاف، بينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير.

ويعتمد نحو 80% من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات للاستمرار.

ويرى مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي، أن ما يقوم به الحوثيون هو بمثابة "ابتزاز" للحكومة، مضيفاً "يريدون حصة من هذه الموارد دون تقديم أي تنازلات".

ويعتبر المذحجي أن استهداف الموانئ يعد "مقامرة كبيرة قد تدفع الحكومة باتجاه خيارات متطرفة، إذ إن استهداف الموانئ يعني حرمانها من مواردها ما يعني عدم قدرتها على دفع الرواتب. وفي هذا الركن الخطير..، ممكن أن تذهب باتجاه كل الخيارات السيئة".

لكن الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط إليزابيث كيندال ترى، أن الحوثيين "لا يملكون ما يخسرونه مقابل ما يمكنهم كسبه عبر مواصلة القتال"، معتبرة أنهم أصبحوا يحتجزون "موانئ النفط اليمنية للحصول على فدية".

في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي في 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، قال غروندبرغ إن الهجمات التي نفذها المتمردون على الموانئ تهدف إلى "حرمان الحكومة اليمنية من مصدر إيراداتها الرئيسي من تصدير النفط".

وحذر المبعوث الدولي من أن هذه الهجمات "تقوض في نهاية المطاف من رفاه الشعب اليمني، كما تترتّب عليها مخاطر زيادة التصعيد العسكري والاقتصادي".

وكان الحوثيون رفضوا خطة غروندبرغ لتمديد الهدنة التي تقرر في البداية أن تستمر لشهرين وتم تجديدها على مرحلتين، إلى فترة 6 أشهر وتوسيعها لتشمل نقاط اتفاق جديدة.

خلال فترة الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والحوثيون اتهامات بخرق وقف إطلاق النار، ولم يطبّق الاتفاق بالكامل وخصوصاً ما يتعلّق برفع حصار المتمردين لمدينة تعز في جنوب شرق البلاد، لكنّه نجح في خفض مستويات العنف بشكل كبير.

وترى كيندال، أنه "لا يزال هناك أمل (للهدنة) ولكنه يتلاشى بسرعة" خصوصاً في ظل الهجمات ضد الموانئ النفطية.