السبت 19 أبريل 2014 / 14:33

هل عاشَرته أم صلّيت وراءه؟



لا يخفى على متابع المشهد السياسي في مصر اتخاذ جماعة "الإخوان المسلمين" الدين مطيةً يعتلونها، فيما اعتلوه، ليؤمنّوا بذلك "شرعيةً" لحكمهم في مصر. فلولا كلمة "المسلمين"، لكانوا محض "إخوان"، وما أكثر الإخوان حين تعدهم، لكنهم في النائبات قليل!

ورغم وجود معارضة كبيرة في مصر عند فوز المعزول محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية في 2012، بفارق طفيف على نظيره أحمد شفيق، الذي لم يكن أسوأ أو أفضل الاحتمالين المرشحين بالنسبة للشعب المصري، إلا أن قاعدةً عريضةً من الشعب آمنت بالمثل المصري "الميه تكدّب الغطّاس"، وعليه رأت هذه الفئة أن على الشعب الانتظار، فيما اتُفق على ألا يتجاوز الـ 100 يوم، لتحكم بصدق على ما يمكن لمرسي إنجازه من عدمه.

ومضت الـ 100 يوم، و100 غيرها، وغيرها، حتى دار عام كامل على مرسي، دون تحقيق إنجازات، فهاج الشعب وماج، واعتبر أن الثورة "سُرِقت" منه، بينما بقي أتباع الإخوان "يهللون" و "يلتمسون العذر" لمرسي، على اعتبار أن مصر "دولة كبيرة" وأن "مسؤوليتها بالتالي كبيرة"، وكأنهم لم يكونوا واعين بـ "حجم" بلادهم هذا الذي يتحدثون عنه، وكنت لتتوقع أن الجماعة، بعد أخطائها الكبيرة من عصر عبد الناصر إلى مبارك، ستكون "أنضج" وأكثر حكمةً وتتلافى أخطاء الماضي والأسباب التي جعلت تنظيمها يُحَل في مصر أكثر من مرة في السابق، لكن يبدو أن "السكينة كانت سارقاهم"، ولم يصدقوا أعينهم أو آذانهم أن تنظيمهم قد وصل لحكم مصر، وما أدراك ما مصر!

وبالرغم من ذلك فإن هناك، حتى هذه اللحظة، من يدافع عن الجماعة، حجته في ذلك أنها لم تأخذ فرصةً كافية، وهي حجة ساقطة سلفاً، لأنه، رغم قصر فترة تولي مرسي الرئاسة، إلا أن التنظيم كتنظيم لم يكن وليد 2012، ولا 2011، بل امتد منذ عشرينيات القرن الماضي، ومن حكم مصر السنة الماضية ليس مرسي، بل التنظيم بأكمله، لذا ليس مبرراً أن مدة حكمه القصيرة هي السبب فيما آلت إليه الأوضاع من تدنٍ اقتصادي، وعنفٍ لم تشهده مصر من قبل.

والحجة الاخرى التي يسوقها أتباع النظام الساقط أن الإخوان على الأقل كانوا "يعرفون شرع الله"، ناسين، أو متناسين، أن أعضاء التنظيم أنفسهم هم من كانوا يكيلون السباب لمن يعارضهم طوال الوقت، ويصلون إلى مستوى لا تتوقع أن يصله من يصر على إيمانه بتعاليم الدين، فأي شرعٍ لله في قتل أبناء بلدك والتنكيل بهم؟

يُذكَر أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن "فلاناً" رجل صدق، فقال له : هل سافرت معه ؟ قال : لا، قال: فهل كانت بينك وبينه معاملة؟ قال : لا، قال : فهل ائتمنته على شيء؟ قال : لا، قال : فأنت الذي لا علم لك به، أراك رأيته يرفع رأسه ويخفضه في المسجد.

وقد أثبت الإخوان صحة قول عمر، إذ اكتسبوا قبولهم الشعبي والإيمان بأنهم "رجال صدق"، من منبر "الدين"، وهو منبر ما كان يجب الذهاب إليه، خاصةً في ظل التشققات البارزة والازدواجية الواضحة، التي عانى منها النظام، فعندما حانت ساعة الحقيقة، وجاء وقت "المعاملة" و "الائتمان"، اتضح أن هذه جماعة لا يمكن للمصري التعامل معها بـ "شرع الله" الذي تدعيه، ولا هي جماعة تؤتمن على أم الدنيا، مصر، وما كان من الممكن، مهما بلغت درجة تديّن المصري، أن يسمح لمن يقتل ابنه وينتهك عرضه ويسجن صديقه أن يبقى حاكماً، لمجرد أنه رآه يوماً في المسجد، وربما صلّى وراءه.