شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان أثناء توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية بحضور رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد ونائبه الشيخ محمد بن راشد (أرشيف)
شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان أثناء توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية بحضور رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد ونائبه الشيخ محمد بن راشد (أرشيف)
الإثنين 6 فبراير 2023 / 11:43

رسالة من الإمارات إلى العالم... في يوم الأخوة الإنسانية

للمرة الثالثة في ظرف أسابيع قليلة، تشهد الجبهة المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا ما يُشبه الهدنة غير المعلنة بإعلان تبادل أسرى، بين موسكو وكييف، ما يبعث الأمل في وضع حد للمذبحة وآلة القتل الناشطة بقوة في تلك المنطقة رغم البرد والثلوج.
وجاء إعلان وزارة الدفاع الروسية استعادة 63 روسياً من أوكرانيا، وكييف استعادة 116 من موسكو، ليؤكد أنه لا يأس مع الحياة، وأن وساطات الخير والإنسانية يمكنها، أن تفضي إلى تجاوز الأحقاد والصراعات، شرط توفر الرغبة الصادقة في تجاوزها، وما إعلان روسيا تحرير أسراها في أوكرانيا بعد وساطة إماراتية إلا دليل جديد على ذلك.
وبالنظر إلى مسار الأحداث على الجبهة، نجحت الإمارات في هذا السياق في إطلاق عشرات الروس والأوكرانيين، وفي إنجاز صفقات تبادل أخرى أُعلن بعضها، وربما يُعلن بعضها الآخر عندما تكون ظروف الإعلان مناسبة، مثل تبادل لاعبة كرة السلة الأمريكية الشهيرة بريتناي غرينار، بالسجين الروسي في أمريكا فيكتور بوت، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأعلنت موسكو أيضاً نجاح الوساطة الإماراتية الأخيرة في الإفراج عن "عشرات الحالات الخاصة" في التبادل الأخير، في حين أعلنت وسائل إعلام دولية وبريطانية تحديداً، إعادة جُثتي "متطوعين إنسانيين" بريطانيين قتلا في باخموت الأوكرانية.  
تؤكد هذه التطورات، أن الدبلوماسية الإماراتية ماضية، وفي صمت، في الاضطلاع بدور نشط في الوساطة ومحاولة المصالحة بين الجاريين الروسي والأوكراني، للتخلي عن لغة المدافع والاستكانة إلى الحوار الهادئ والسلمي، لوضع حد للمشاكل الكثيرة التي تفرق البلدين، وتهدد ليس فقط علاقاتهما وجوارهما، بل كامل دول المنطقة، وصولاً إلى سائر أوروبا، ومنها إلى كل العالم، الذي أصبح مترابطاً ومتداخلاً أكثر من أي مضى، ما يجعل صدى أبسط تفجير في أبعد منطقة، يتردد في كامل أرجاء المعورة.
إن هذه المقاربة العقلانية، هي التي تبرز تمسك الإمارات بالحوار والبحث عن نقاط الوفاق بدل القطيعة والفراق، وتعكس تحركاتها من شرق إفريقيا، بين إثيوبيا وأريتريا، إلى الصومال، في القرن الإفريقي، إلى الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى روسيا وأوكرانيا، وغيرها من الدول والمناطق التي شهدت وساطات وفاق وتقريب، قادتها الإمارات، أو أشرفت عليها، أو سهلتها، بحثاً عن السلام  والأمن للجميع، إيماناً منها بأن العالم لكل سكانه، وحل مشاكله وصراعاته مسؤولية الجميع أيضاً.
وكان لافتاً في الوساطة الأخيرة التي تصدت لها أبوظبي، إعلانها في 4 فبراير (شباط)، أي في اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، الذي أحيته دول العالم امتثالاً لقرار الأمم المتحدة، الذي اعتمده رسمياً، إحياءً لذكرى توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية بين بابا الفاتيكان، وشيخ الأزهر، رمزي أكبر مؤسستين دينيتين في العالم  بأبوظبي، في 4 فبراير (شباط) 2019، وليس أبلغ من إطلاق سراح أسير، أو إعادة جُثة قتيل، لتأكيد الإيمان بالأخوة الإنسانية، رغم صخب السلاح وهدير المدافع، ما يُعزز فرصة الخروج من نفق الحرب والدمار في أوكرانيا وغيرها، بفضل شمعة وثيقة الأخوة الإنسانية، وبفضل حرص الإمارات على أن يصل نورها إلى كل أرجاء الدنيا، وأن تبلغ رسالتها كل أذن، وتلامس كل قلب.