منطاد التجسس الصيني فوق ولاية مونتانا قبل إسقاطه.(ألإ ب)
منطاد التجسس الصيني فوق ولاية مونتانا قبل إسقاطه.(ألإ ب)
الأربعاء 15 فبراير 2023 / 20:09

"حرب المناطيد" تهوي بالعلاقات بين واشنطن وبكين

24- طارق العليان

وصف بيار هاسكي ما يحصل في سماء أمريكا الشمالية بأنه "حرب المناطيد"، تعليقاً على إسقاط مقاتلات أمريكية أربعة أجسام طائرة مجهولة الهوية في أسبوعٍ واحدٍ. لكن غموض التفاصيل لا ينبغي أن يخفي الصورة الأكبر لمدى تداعي العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في الأيام العشر الماضية.

تراجعت العلاقات الصينية الأمريكية إلى أدنى مستوياتها. والعالم كله سيشعر بالتبعات


كان أول هذه الأجسام منطاد التجسس الصينيّ الذي اكتُشِفَ فوق ولاية مونتانا. وأما الأجسام الثلاثة اللاحقة، التي لا تزال طبيعتها وجنسيتها مجهولتين، فرُصِدَت ودُمِّرَت كلها؛ واحدة فوق ألاسكا، والثانية فوق كندا، والثالثة فوق ولاية ميشيغان.

فضلاً عن ذلك، شاركت الطائرات الكنديَّة في العملية بوصفها جزءاً من قيادة الدفاع الجويّ الأمريكية الكندية المشتركة لأمريكا الشمالية. وقالت الحكومة الصينية، إما لحفظ ماء الوجه وإما للتملص من اللوم، إن منطاداً مشبوهاً رُصِدَ فوق مياه البحر الأصفر، وأن الجيش الصينيّ يستعد لإسقاطه. هناك العديد من الأمور المجهولة في هذه القضية التي ساقت العلاقات الصينية الأمريكية إلى أدنى مستوى لها منذ المصالحة بين البلدين في عام 1979.
ومن المدهش، يقول الكاتب في موقع "فرنس أنتر" أنّ هذه القضية قد اكتسبت هذا القدر من الأهمية، لأنها ليست مشكلةً كبيرة حقاً. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الأجسام الثلاثة الأخرى التي أُسقطت في نهاية هذا الأسبوع هي أيضاً أجهزة تجسس، ولكن لا ينبغي أن يكون من قبيل المفاجأة أن الصين تتجسس على الولايات المتحدة، والعكس صحيح.


العداء المتبادل
إن المناطيد أو الأجسام الطائرة ليست مهمة بذاتها، يضيف الكاتب، لكنها تشكل جزءاً من أجواء عدم الثقة والعداء المتزايد بين البلدين. فبمجرد وصولها إلى الأراضي الأمريكية، أمست موضوعاً لنقاشٍ سياسي مكثف في الولايات المتحدة كادَ يصبح هستيريّاً.


وتتبنى إدارة بايدن موقفاً دفاعيّاً بعد اتهامات الجمهوريين لها بأنّ الحكومة لم تتصرف بالسرعة الكافية، وأنّ الدفاع الجوي للبلاد قاصر، وأن الرئيس الأمريكي جو بايدن "متساهل" مع الصين. ولكان الموقف مختلفاً لو كان دونالد ترامب على سدة الحكم.
إنّ هذا التصعيد، برأي هاسكي، يقف عائقاً أمام أي تقارب في العلاقات الصينية الأمريكية الذي يُعدُّ مجهوداً مطلوباً بشدة ناقشه جو بايدن وشي جين بينغ على هامش مجموعة العشرين في بالي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. والآن بلغ هذا المجهود طريقاً مسدوداً.


لُب قضية المنطاد
قبل أن نتمكن من التغلب على هذه الأزمة، علينا أولا أن نصل إلى لُب قصة المنطاد تلك. ما السر وراء استخدام تلك المناطيد؟ وما حجم برنامج التجسس هذا؟ يتساءل الكاتب.

لقد استجابت الولايات المتحدة بالفعل بفرض عقوبات على الشركات الصينية التي عُثِرَ على معدات إلكترونية تابعة لها في أول منطاد أُسقِطَ فوق المحيط الأطلسي.
ولكن، أُثير سؤال آخر محير. وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، عندما أجرت الحكومة الأمريكية تحقيقاً سريّاً مع وزارة الخارجية الصينية بعد اكتشاف المنطاد الأول، لم تكن الوزارة على دراية بالأمر ولم تستجِب سوى بعد 36 ساعة، أي بعد فوات الأوان.

يبدو من الصعب أن نؤمن بأن هذه المبادرة كان يمكن أن تحدث على نحوٍ منعزل داخل النظام الصيني الشديد المركزيّة. لكن الأمريكييت يريدون أن يفهموا ما يحدث حقاً قبل أن يُقدِموا على الخطوة المحفوفة بالمخاطر المتمثلة بإعادة العلاقات مع بكين.


تبعات وخيمة
ولذلك، فهذه الحالة أعمق بكثير مما توحي به تسمية "حرب المناطيد". فبين التوترات التي تكتنف قضية تايوان، والصراع التقني المُتصاعد بين الولايات المتحدة والصين، والآن قصة المناطيد الغامضة، تراجعت العلاقات الصينية الأمريكية إلى أدنى مستوياتها. والعالم كله سيشعر بالتبعات الوخيمة لهذا التردي في العلاقات.