من عملية رفع حطام المنطاد الصيني.(أف ب)
من عملية رفع حطام المنطاد الصيني.(أف ب)
الأربعاء 15 فبراير 2023 / 15:47

واشنطن تسرّع حملتها لتطويق الاقتصاد الصيني

24-زياد الأشقر

أدى انتهاك المناطيد الصينية للأجواء الأمريكية إلى مضاعفات سلبية على العلاقات بين واشنطن وبكين، وفاقم السجال الداخلي في الولايات المتحدة.

وكتب غافين بايد في مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، أن الضجة التي أثارها المنطاد الصيني المشتبه في قيامه بالتجسس-وثلاثة أجسام أخرى غير محددة- قد وضعت حداً لاندفاع بكين نحو واشنطن، وعززت المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن والمشرعين الذين كانوا يتطلعون إلى اتخاذ إجراءات ضد الاقتصاد الصيني.وبعد أشهر من الهدوء الذي ساد انزاع التجاري الذي تأجج منذ ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن إدارة بايدن تفرض الآن عقوبات جديدة على الشركات الصينية، ويستغل مشرعون في الكونغرس المأزق، من أجل إضافة زخم لحملتهم الرامية إلى فرض قواعد جديدة على الاستثمارات الأمريكية في الاقتصاد الصيني.


وتظهر الانعطافة التي وصلت إليها المواجهة، هشاشة أية جهود لترميم العلاقة الاقتصادية بين بكين وواشنطن، في وقت بلغ عدم الثقة مستوى، هو الأعلى منذ تطبيع العلاقات قبل خمسين عاماً.

وعند ظهور المنطاد الأول، قال العضو البارز في لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأمريكي بيل هيوزينغا إن "هذا الانتهاك غير مقبول كلياً وأثار أسئلة لدى الكثيرين من الناس... لا أرى أن (مقاربتنا) باتت أقل تشدداً. وإذا كان ثمة من أمر، فإنها ستبقى هي هي، أو من المحتمل أن تصبح أكثر تشدداً".
ولفت إلى أن لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب بدأت العمل على تشريع يستهدف الشركات الأمريكية العاملة في الصين- وتأمل اللجنة في أن تمنع القوانين المصارف الأمريكية من الاستثمار في تكنولوجيا، يمكن أن تنتهي بين أيدي القوات المسلحة الصينية أو برامج الاستطلاع والمراقبة، على غرار المنطاد أو معدات تجسس أخرى. وتجهز إدارة بايدن أيضاً إجراءات خاصة بها على الجبهة ذاتها، من خلال أمر تنفيذي متوقع الشهر المقبل، عقب قرارها الجمعة الماضي إدراج ست شركات صينية تعمل في مجال الفضاء على اللائحة السوداء، على خلفية اتهامات بوجود علاقة لها بعملية تطوير المنطاد.

 

عداوات الحرب الباردة

وتشكل إعادة فتح العداوات في الحرب التجارية عبر المحيط الهادئ تحولاً عن الهدنة الضمنية التي أبرمها بايدن خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في بالي على هامش قمة مجموعة العشرين في نوفمبر الماضي، عندما تعهد الرئيسان وضع حد للعلاقة المتردية.
ومنذ اللقاء، إمتنعت الولايات المتحدة عن فرض عقوبات تجارية يمكن أن تغضب بكين، على غرار معاقبة شركات متعاقدة مع الجيش، وخططت لزيارات على مستوى عالٍ لمسؤولين اقتصاديين وديبلوماسيين. وفي الوقت نفسه، أطلق مسؤولون صينيون حملة ديبلوماسية في واشنطن من أجل إعادة تنظيم العلاقات التجارية بين البلدين.

تطويق الاقتصاد الصيني

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الوقت الذي استغرقه المنطاد الصيني لقطع المسافة من مونتانا إلى كارولاينا الجنوبية، كان كفيلاً بتبديد أي نية حسنة ناشئة، وإذ بواشنطن تسرع حملتها لتطويق الاقتصاد الصيني.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مايكل ماكول: "تسببوا بإشعال البلاد بكل ما للكلمة من معنى...أعتقد أنهم تسببوا بضرر هائل للعلاقات. وإذا كان ذلك هو ما يريدونه، فلا أعتقد أنه سيصب في مصلحتهم".
وأعد ماكول مشروع القرار في الكونغرس الذي ندد بالإجماع بإرسال الصين المنطاد إلى الأجواء الأمريكية.

وسواء عن عمد أو من طريق الصدفة، فإن حادث المنطاد وجه ضربة قوية لجهود بكين الأخيرة لتحسين علاقاتها التجارية، في الوقت الذي يخرج اقتصادها من وباء كورونا. ومنذ العام الماضي، تقدم الحزب الشيوعي الصيني لواشنطن بعروض ديبلوماسية، مقترحاً قيام نواب أمريكيين بزيارات للصين والإستماع إلى إيجازات تتعلق بالقضايا الخلافية على غرار عمل منصة تيك توك الصينية للتواصل الإجتماعي في الولايات المتحدة.

ويستمر الجدل في البيت الأبيض، حيث يدفع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان وآخرون لتشديد الرقابة على الاستثمارات الأمريكية في الصين، بينما تواجه هذه الجهود من قبل مسؤولين في وزارتي الخزانة والتجارة. وتحض قيادة الكونغرس إدارة بايدن منذ العام الماضي على الإسراع بإصدار قرار في شأن الرقابة على الإستثمارات الأمريكية، بينما المتشددون في الصين يأملون أن يحفزهم حادث المنطاد على إتخاذ إجراءات في المقابل.