الإثنين 20 مارس 2023 / 08:38

كيف كان غزو العراق تمهيداً للحرب الروسية الأوكرانية؟

24- طارق العليان

فيما كانت القذائف والصواريخ تنهمر في 20 مارس (آذار) على المدن العراقية في مستهل حملة "الصدمة والرعب" ضد صدام حسين، تغيّرت الصفائح الزلزالية لنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى الأبد.

التلاعب بالإستخبارات والمعلومات المضللة حدث قبل عهد وسائل التواصل الإجتماعي وقبل تطبيع الكذب السياسي






وكتب بيتر بيمونت في صحيفة "غارديان" البريطانية أن الغزو والتبعات الطويلة الأمد للاحتلال، انطبعت بالصراع الطائفي العنيف لهذا البلد، كما أن العواقب العميقة لذلك اليوم البالغ الأهمية، تجاوزتها عليها الأحداث الصادمة التي تكشفت في ما بعد.وعندما ألقى الرئيس جورج دبليو بوش خطابه بعنوان "المهمة أنجزت" في الأول من مايو (أيار)، طغت عليه نفحة من الغطرسة في بلد بدا واضحاً أنه منهوب وبدأ يشهد صراعاً على السلطة.
ما لم يعرف وقتذاك هو أن يوم الحساب قادم. وفي حينه، ساد السرور في أوساط أولئك الذين دعموا الغزو، وثبت خطأ الرافضين. فقد سقط صدام ونظامه في عملية عسكرية نموذجية قصيرة. وسادت الأسلحة الأمريكية. لكن ذلك كان وهماً.

لولا غزو العراق


قبل أسبوعين، عاد بيمونت من الخطوط الأمامية لنزاع وحشي واسع النطاق، هي الحرب الروسية ضد أوكرانيا. ويقول: "من دون التقليل من الجرائم التي يرتكبها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هناك، فإن العدوان الروسي ضد أوكرانيا لم يكن ممكناً لولا غزو العراق. لا أجادل بأن أوكرانيا هي نتيجة مباشرة للعراق. إن المعادلات الأخلاقية –حيث يمكن تلمسها- هي أكثر تعقيداً مما يشير إليه المدافعون عن بوتين عندما يتحدثون عن العراق".


ومثلما قالت لي رئيسة برنامج الأمن الدولي في تشاتهام هاوس باتريسيا لويس الأسبوع الماضي، خلال مناسبة لتتبع عقدين من العراق إلى أوكرانيا: "لم يكن خطاً مستقيماً. كانت ثمة مسارات أخرى يمكن انتهاجها. لكنه كان هدفاً كبيراً خاصاً به. وعندما تحدث بوتين عن أسلحة الدمار الشامل في أوكرانيا، فإن جزءاً من ذلك كان للتذكير بالشعب العراقي". ذلك، لأن غزو العراق أتاح مجالاً للاعبين سيئين مثل بوتين كي يتحدى أحد أكثر دعائم القانون الدولي،  الذي ينص على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
ومهما كانت الأحكام التي توصف بها دوافع بوش ورئيس الوزراء البريطاني وقتها توني بلير، مثل الحماقة والفساد والمصلحة الذاتية، فإن تمزيقهما قواعد القانون الدولي لشن تدخل مبني على معلومات مضللة، أرسى سابقة استغلتها موسكو وآخرون.

نقاط الضعف


ولفت الكاتب إلى أن نقاط الضعف للقوة العسكرية الغربية بقيادة الولايات المتحدة، لم تظهر في العراق فقط، وإنما في أفغانستان أيضاً، مما أحدث خرقاً في الزعم الأمريكي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، عن القوة العظمى الوحيدة في عالم متعدد الأقطاب. وكان "التأثير العراقي" الأكثر ضرراً. إنه حالة توصف بالوهن العميق على المسرح الدولي، وذلك نتيجة سلطة أخلاقية مشوهة والتعب من الحرب.


وعندما كان المحافظون الجدد حول بوش يسوقون الغزو على أنه وسيلة إعادة تشكيل الشرق الأوسط كمنطقة مستقرة وديمقراطية، فإن النتائج كانت تأتي عكسية في غالب الأحيان.
وفي نهاية المطاف، ربما تجدر العودة إلى الأكاذيب التي أدت إلى حرب العراق. إن التلاعب بالإستخبارات والمعلومات المضللة حدث قبل عهد وسائل التواصل الإجتماعي وقبل تطبيع الكذب السياسي في عهدي دونالد ترامب وبوريس جونسون. لكن فبركات حرب العراق يمكن رؤيتها في عهد جديد من معلومات مضللة تطلقها الدول، بحيث باتت الصين وروسيا اللاعبين الأكثر بروزاً.
بعد عقدين، لا نزال نحصي الأثمان.