الإثنين 20 مارس 2023 / 11:04

"الرفيق شي" في موسكو.. الصين تستعرض نفوذها العالمي

24 - أحمد إسكندر

تعتبر زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، رفيعة المستوى إلى روسيا ولقاؤه بالرئيس فلاديمير بوتين، فرصة مناسبة لعرض النفوذ الدبلوماسي الصيني المتزايد على المسرح العالمي، وطموحها لتحدي النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.

يظهر موقف بكين غير المتوازن أيضاً ارتباطاتها الدبلوماسية مع موسكو في أوكرانيا وهو عدم تناسق أبرزته زيارة شي إلى روسيا

وبحسب ما ذكرت الوكالة الإخبارية سي.إن.إن، تبدو بصريات الزيارة مختلفة تماماً في العديد من العواصم الغربية، التي تنظر لموضوع على أن اثنين من المستبدين (الرئيس الصيني ونظيره الروسي) اللذين وصفا نفسيهما منذ فترة طويلة بأنهما صديقان حميمان يتصافحان، بينما تشعل روسيا حريقاً في أوروبا.

برغماتية صينية

وفي مقال نُشر في مستهل زيارته لموسكو، والتي تعتبر الأولى من نوعها لزعيم عالمي منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دعا شي أيضاً إلى تبني نهج "براغماتي" بشأن أوكرانيا بحسب صحيفة "روسيسكايا غازيتا" اليومية التي تصدرها الحكومة الروسية إن اقتراح الصين، وهو ورقة من 12 نقطة أصدرتها الشهر الماضي، يمثل "أكبر قدر ممكن من وحدة وجهات نظر المجتمع الدولي.

ويسعى شي إلى تقديم الصين كصانع سلام عالمي وإبرازها بكونها قوة عظمى مسؤولة. وفي العلن، تلتزم بكين الحياد في الصراع الأوكراني، بينما انتقدت العقوبات الغربية ضد روسيا، وأعادت تأكيد علاقاتها الوثيقة مع موسكو مشيراً شي إلى أن الحل السلمي للوضع في أوكرانيا من شأنه أن "يضمن أيضاً استقرار الإنتاج العالمي وسلاسل التوريد".

ووصفت بكين الزيارة بأنها "رحلة سلام" ، حيث من المفترض أن يؤدي شي "دوراً بناء في تعزيز محادثات السلام" بشأن الحرب في أوكرانيا، ويأتي ذلك بعد أيام فقط من تحقيق الصين انتصاراً دبلوماسياً كبيراً من خلال التوسط في تقارب مفاجئ بين المملكة العربية السعودية وإيران ، ما ساعد على استعادة العلاقات الدبلوماسية.

محاور اللقاء

وقالت "سي.إن.إن" سيتناول الزعيم الأعلى في الصين الطعام مع مجرم حرب مشتبه به وصفه سابقاً بأنه "أفضل صديق" ليؤكد شراكته "بلا حدود" مع شخص منبوذ عالمي أدى غزوه إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وإحداث دمار في العالم

بالنسبة للولايات المتحدة وجزء كبير من أوروبا، تُعد زيارة شي عرضاً صارخاً لدعم بوتين المعزول بشكل متزايد، في وقت ينفد من جيشه الإمدادات ويعاني الاقتصاد الروسي في ظل العقوبات الغربية وأعرب مسؤولون غربيون عن مخاوفهم من أن الصين تدرس تقديم مساعدة حاسمة للجيش الروسي لكن بكين أنكرت هذه المزاعم، واتهمت بدلاً من ذلك الولايات المتحدة بإطالة أمد الحرب من خلال "صب الزيت على النار" في ساحة المعركة وتزويد أوكرانيا بمختلف أنواع الأسلحة.

تحت المجهر

وتخضع الزيارة الصينية للتدقيق والمراقبة من الولايات المتحدة والغرب وأوكرانيا في سبيل الحصول على أي إشارات تدل على أن الصين تمضي قدماً في تزويد روسيا بالأسلحة خلال قمة شي مع بوتين ووقالت سفير أوكرانيا في واشنطن أوكسانا ماركاروفا: "نأمل حقاً ألا تصبح الصين شريكاً في هذه الحرب المروعة.

زيارة شي لموسكو تدفع بكين للسير على "حبل مشدود" دبلوماسياً، حيث يسعى شي لتقديم الصين كوسيط محايد للسلام مع تعميق العلاقات مع روسيا ، دون المزيد من العداء لأوروبا (الشريك التجاري الرئيسي الذي سعت بكين إلى اجتذابه بعيداً عن الولايات المتحدة) ونشرت صحيفة بيبولز ديلي، الناطقة الرسمية باسم الحزب الشيوعي الصيني، رسالة من بوتين مليئة بالثناء على من وصفه بـ"الرفيق شي" ورأيه بأن القوى الغربية ستأتي يوماً ما إلى الصين.

وأشارت مصادر إلى أن توقيت الاجتماع الذي طال انتظاره ليس من قبيل الصدفة، لأنه يسمح للزعيم الصيني بالاستفادة من زخم انتصار بكين الدبلوماسي الأخير في الشرق الأوسط لكن الحرب ستكون مهمة أطول من ذلك بكثير حيث يبقى السؤال هو ما إذا كان شي، وإلى أي مدى، يحاول استخدام نفوذه لتشكيل سلوك روسيا في الحروب المستقبلية، إلا أنه مؤكد حتى اللحظة أن العملاق الصيني لم يتخذ خطوات مهمة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

مزاعم الحياد

على الرغم من "مزاعم الحياد" ودعواتها لإجراء محادثات سلام، قدمت بكين لموسكو الدعم الدبلوماسي والاقتصادي الذي تحتاج إليه طوال فترة الغزو، ورددت الصين أصداء الدعاية الروسية واتهمت الغرب بإثارة الحرب في أوكرانيا، ووقفت مراراً مع روسيا في عرقلة تحرك دولي ضد موسكو بسبب الغزو ووسعت علاقاتها التجارية مع جارتها الشمالية، حيث اشترت الصين كميات هائلة من النفط وغاز الطاقة بأسعار مخفضة، وملأت صندوق حرب بوتين بالدولارات، بالإضافة للمناورات العسكرية المشتركة.

ويظهر موقف بكين غير المتوازن أيضاً ارتباطاتها الدبلوماسية مع موسكو في أوكرانيا وهو عدم تناسق أبرزته زيارة شي إلى روسيا، وبحسب احصاءات صحفية تحدث وزراء خارجية الصين مع نظرائهم الأوكرانيين 5 مرات منذ بداية الحرب فقط وتحدث المسؤولون الصينيون بمن فيهم شي وكبار الدبلوماسيين وغيرهم من كبار القادة مع المسؤولين الروس أكثر من 29 مرة.

وتحدث شي إلى بوتين 4 مرات منذ الغزو (بما في ذلك لقاءه وجهاً لوجه في قمة إقليمية في آسيا الوسطى في (أيلول) سبتمبر الماضي، لكنه لم يجر حتى الآن مكالمة هاتفية واحدة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.