لافتة على السفارة الروسية في نيقوسيا كتاب عليها "العراق 20 سنة. نتذكر".(أف ب)
لافتة على السفارة الروسية في نيقوسيا كتاب عليها "العراق 20 سنة. نتذكر".(أف ب)
الثلاثاء 21 مارس 2023 / 11:47

بعد 20 عاماً.. غزو العراق يدمّر العالم ويُفرز التنظيمات الإرهابية

24-زياد الأشقر

شكّل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق قبل 20 عاماً في مارس (آذار) 2003، فاتحة لسلسلة من الأحداث التي لا يزال صداها يتردد في أنحاء الشرق الأوسط وحتى أبعد منه، وتغذي العنف وعدم الاستقرار في العالم عقب مرور عقدين على الحرب.

الغزو الأمريكي والاحتلال الذي تلاه يرتبطان ارتباطاً مباشراً بصعود داعش


وكتب توم أوكونور في مجلة "نيوزويك" الأمريكية أنه بعد أقل من 18 شهراً على اقتحام الولايات المتحدة لأفغانستان، لتدشن بذلك مرحلة ما عُرف بعد سنوات بـ"الحروب الأبدية"، وهو مصطلح يستخدمه الديموقراطيون والجمهوريون على حد سواء، أتى الهجوم الزلزالي على العراق ليشكل فصلاً جديداً من إرث القوات المسلحة الأمريكية في الخارج. وبعدما كانت هذه الخطوة تتمتع بشعبية في الداخل، فإن النزاع  وطريقة التعامل معه، باتا مصدراً منتظماً للانتقاد من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في أمريكا، فضلاً عن غالبية المواطنين.


والأقوى من ذلك بكثير، كانت تلك التداعيات التي أدى إليها هذا التدخل في العراق، وفي المنطقة الأوسع، وفي عدد متزايد من الدول، خصوصاً في أفريقيا، التي تتعرض الآن لهجمات تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي كان أحد إفرازات هذا النزاع.

وقال المحامي زياد علي زياد الذي عمل في السابق مستشاراً قانونياً لبعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في العراق "يونامي" "إن الغزو الأمريكي والاحتلال الذي تلاه يرتبطان ارتباطاً مباشراً بصعود تنظيم داعش الإرهابي.

نظام فاشل في الحكم


ومع تفكيك الحكومة العراقية وأسر صدام حسين الذي حكم العراق لمدة طويلة، وإعدامه في 2006، فإن الجيش الأمريكي شرع في أحد أكثر مشاريع الاحتلال وبناء الدول طموحاً حتى الآن. وقليلون يجادلون حالياً بأن تلك كانت محاولة ناجحة.
ولاحظ علي أن "الولايات المتحدة أنشأت وشجعت نظاماً فاشلاً من الحكم، ذاك النظام كان يتغذى على الفساد والسماح باستمرار النزاعات السياسية والجغرافية دون حل منذ 2003، مما أتاح المجال للمجموعات المسلحة العمل فعلياً، دون معارضة لسنوات في أنحاء كثيرة من البلاد".
وبين هذه المجموعات كان تنظيم "القاعدة" الإرهابي، الذي تحول إلى قوة مرعبة في بلد تمزقه الحرب، بينما كانت القوات الأمريكية تقاتل متمردين من الشيعة والسنة. وشكل صعود القاعدة فقط الفصل الأول من رد فعل طويل مرتبط بالتدخل الأمريكي في المنطقة.

 


وبحلول عام 2010 وبينما كانت الولايات المتحدة تسحب نفسها من النزاع، أعادت القاعدة تسمية نفسها لتصبح تنظيم داعش الإرهابي بقيادة أبو بكر البغدادي، الذي تمدد في 2013 إلى سوريا.

صعود "داعش"


وأدى صعود "داعش" إلى تدخل أمريكي جديد عام 2014 من ضمن ائتلاف دولي أوسع هذه المرة.
وتقول إيما سكاي التي أسست مركز القيادة الدولي في جامعة يال الأمريكية وسبق أن عملت مستشارة سياسية لقائد القوات الأمريكية في العراق "ما كانت القاعدة لتوجد في العراق، لولا الغزو الأمريكي عام 2003 والسياسة الأمريكية باجتثاث البعث وحل الجيش العراقي". وأضافت أنه من خلال اتباع هذه السياسات فإن الولايات المتحدة "من دون عمد دمرت الدولة، وتسببت بانهيار النظام الاجتماعي في الوقت الذي سعى العراقيون ليثأروا من بعضهم نتيجة عقود من السلوك السيئ، مما أدى إلى إنزلاق العراق إلى الحرب الأهلية، وضمن هذه الفوضى تمت تعبئة أجيال جديدة من المتطرفين، وجذب مجندين".
ويصف صاموئيل هيلفونت البروفسور المساعد في كلية الحرب البحرية الأمريكية والذي خدم كضابط استخبارات بحري إبان الحرب العراقية، بأن هذه الحرب شكلت "مَعْلماً" لأكثر من سبب. ويجادل بأن "الحرب وتبعاتها لم تتسبب فقط في إلهاب الجهاديين في أنحاء الشرق الأوسط الكبير" وإنما مهدت لعواقب جيوسياسية واسعة، خصوصاً في علاقة واشنطن بموسكو.


بوتين والغزو


وعندما وصل الرئيس فلاديمير بوتين إلى السلطة في مستهل القرن الجاري، بدأت طبول الحرب تقرع في واشنطن. وقبل يوم من الغزو في مارس (آذار) 2003، وصفه بوتين بأنه "خطأ"، محذراً من أنه سيتسبب بـ"عواقب وخيمة".
وشكل الغزو وتداعياته هدفاً لانتقادات متكررة من بعض أقوى خصوم الولايات المتحدة، بمن فيهم روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية. وعندما تُواجه هذه الدول بالتنديد من قبل واشنطن، فإن المسؤولين فيها وفي غيرها، يزعمون بوجود معايير مزدوجة.
وبعدما أعلنت المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق بوتين بتهمة إرتكاب ترحيلات جماعية للأطفال الأوكرانيين وسط النزاع الجاري، فإن المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة السفير فاسيلي نيبينزيا سلط الضوء على كيفية "اتخاذ القرارات عشية الذكرى العشرين للغزو الأمريكي غير الشرعي للعراق، حيث كانت هناك صلاحية للمحكمة الجنائية الدولية، لكنها لم تفعل شيئاً لمحاسبة الفاعلين".
وعلى غرار الولايات المتحدة، فإن روسيا ليست جزءاً من معاهدة روما التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية، وسبق لواشنطن أن حذرت المحكمة وقضاتها من أي محاولة لتوجيه الإتهام إلى مواطنين أمريكيين، بمن فيهم الجنود، في ما يتعلق بإرتكاب جرائم حرب.
وفي الوقت الحاضر، يجري استعمال لغة في روسيا لتبرير غزو أوكرانيا كتلك التي إستخدمتها إدارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش لتبرير الحرب في العراق، بما فيها اتهامات لكييف بالسعي إلى حيازة أسلحة الدمار الشامل ومساعدة المتطرفين.