الأربعاء 22 مارس 2023 / 13:03

هل تتجه مصر لشراء القمح الروسي بالروبل؟

24 ـ القاهرة ـ أحمد علي عكة

تسعى مصر خلال الفترة الحالية لإيجاد حلول للخروج من أزمة نقص الدولار، وتوفير السلع الأساسية والاستراتيجية دون الحاجة للعملة الأمريكية التي تمثل ضغطاً كبيراً على الحكومة لتوفيرها، ما جعل مصر تفكر في الاتجاه للتبادل التجاري مع عدد من دول العالم بالعملات المحلية.

وترى مصر أن البداية تأتي من خلال تفعيل التبادل التجاري بينها وبين روسيا بالعملات المحلية، خاصةً في استيراد القمح الروسي وغيره من الحبوب بالروبل بدلاً من الدولار، والخروج من الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الحرب الأوكرانية وغيرها من الأزمات العالمية، التي أثرت بالسلب على الاقتصاد المصري.

تصريحات وزير التموين المصري

وأعلن وزير التموين والتجارة الداخلية المصري الدكتور علي المصيلحي، أن الحكومة تبحث استيراد القمح من روسيا باستخدام الروبل، وأن الأمر مازال قيد الدراسة والجميع يدعمه.

وأوضح المصيلحي، في تصريحات له على هامش افتتاح معرض أهلا رمضان، أن الأمر يحتاج إلى قيام البنك المركزي المصري بالارتباط مع نظيره الروسي من الناحية التقنية وفي نفس الوقت إعادة العمل بنظام الصفقات المتكافئة.

وأشار وزير التموين، إلى أنه لابد من وضع قواعد للمحاسبة واعتماد سعر الروبل مقابل الدولار في روسيا مع اعتبار الجنيه مقابل الدولار، حتى يسهل عمل مقاصة، ما يقلل احتياج مصر للدولار .

ونوه، إلى أن الحكومة المصرية تسعى لتطبيق التجربة مع كل من الهند والصين بحيث يكون هناك تبادل تجاري بالعملات المحلية وهذه الأمور تحتاج إلى تنظيم تكنولوجي متميز.

اتفاقية بين مصر وروسيا

من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد السياسي الدكتور كريم العمدة، أن الاتفاقية الموقعة بين مصر وروسيا تتيح للبلدين التبادل التجاري بالعملات المحلية، وتسعى مصر لتفعيل ذلك مع روسيا وعدد من دول العالم.

وقال العمدة لـ24: "التعامل في التبادلات التجارية بالدولار يسبب الكثير من الأعباء على العملة الصعبة في مصر، فحجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا يصل إلى 6 مليارات دولار سنوياً، تمثل صادرات مصر لروسيا بنحو مليار ونصف المليار دولار، فيما تستورد منها بنحو 4 مليارات ونصف المليار دولار، وأغلب وارادت القاهرة من موسكو حبوب خاصةً القمح".

شروط التعامل بالعملات المحلية

وأضاف أستاذ الاقتصاد السياسي، "من شروط التعامل بالعملات المحلية في التبادلات التجارية أن يكون هناك استقرار في عملة البلدين، بالإضافة إلى وجود توازن في التبادلات التجارية".


وتابع العمدة، "واضح جداً من الأرقام أن هناك عجز في التبادل التجاري بين مصر وروسيا، ما يجعل مصر بحاجة لزيادة عدد الروبل الذي يدخل إليها، وأفضل حل لذلك حالياً بجانب زيادة الصادرات المصرية لروسيا هو العمل على زيادة عدد السياح الروس الذين يأتون لمصر".

وأشار أستاذ الاقتصاد السياسي، إلى أنه إذا لم تستطع مصر توفير الروبل عن طريق قطاع السياحة، فلن يحدث توازن تجاري، ما يجعل الحكومة لن تقدر على توفير الروبل لشراء القمح الروسي.

مصر الأولى في استيراد القمح

من جهته أكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد عياد، أن مصر تحاول حالياً استيراد القمح الروسي بالروبل، وتسعى الحكومة المصرية لذلك من أجل توفير الدولار الأمريكي، خاصةً أن مصر الدولة الأولى في استيراد القمح على مستوى العالم، فميزانية استيراد القمح على الدولة المصرية كبيرة جداً وتمثل 5% تقريباً من ميزان المدفوعات للدولة".

وقال عياد لـ24: "تحويل استيراد القمح الروسي من الدولار إلى الروبل يمثل توفيراً كبيراً لمصروفات الدولة المصرية الدولارية، وبالتالي سيتم تقليل ضغط الطلب على الدولار في السوق، ويؤدي ذلك إلى القضاء على الأزمة الدولارية في مصر".

معوقات شراء القمح بالروبل

وتابع الخبير الاقتصادي، "هناك معوقات لشراء مصر القمع الروسي بالروبل، وهي أن اعتماد الروبل في العالم لم يتحقق حتى الآن، فهي اتفاقية ثنائية بين مصر وروسيا، ومازالت في طور دراسة تطبيقها".

وأضاف عياد، "هناك تنسيق حالياً بين البنك المركزي المصري ونظيره الروسي لوضع آلية تنفيذ عمليات تحويل العملات المحلية بين البلدين دون الاعتماد على الدولار، كما تسعى مصر لتنفيذ ذلم مع دول أخرى مثل الصين والهند، لكن تبقى عمليات تحويل الأموال، والبحث عن آلية لذلك هي موضوع البحث حالياً".

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن مشكلة تحويل الأموال بالعملات المحلية يعود إلى أن النظام المعمول به للتحويلات حالياً هو نظام سويفت ومقره في الولايات المتحدة الأمريكية ويشترط التعامل بالدولار الأمريكي، وبالطبع واشنطن لا ترحب بذلك بل وتحاربه لأنه سيقضي على هيمنة الدولار في التعاملات عالمياً، وأتوقع أن يكون هناك نظاماً جديداً منافساً لسويفت يقدم مثل هذه الخدمات في التحويلات المالية بين الدول بالعملات المحلية.

خروج مصر من اتفاقية الحبوب

ونوه عياد، إلى أن خروج مصر ن اتفاقية تجارة الحبوب الأممية، كانت خطوة مهمة نحو التعامل مع عدد من دول العالم بالعملات المحلية في التبادلات التجارية، لأن الاتفاقية تمنع مثل هذه الإجراءات التجارية بين الدول بعيداً عن النظام التجاري العالمي المعمول به حالياً.

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور علي إدريس، أن هناك اتجاهين تعمل عليهما الحكومة المصرية حالياً لشراء القمح الروسي بالروبل، لتوفير الدولار، الأول هو اعتماد الجنيه المصري في البنك المركزي الروسي، والثاني التعامل بالعملات المحلية طبقاً للبريكس، فمصر اتخذت خطوات جادة للحصول على عضوية البريكس، ونأمل في الحصول عليها قريباً.

عضوية البريكس

وقال إدريس لـ24: "حصول مصر على عضوية البريكس سيساعد في عمليات التبادل التجاري بالعملات المحلية بين مصر وعدد من دول العالم، وعلى رأسهم روسيا والصين والهند، لتخفيف الضغط على الدولار، في ظل أزمة الدولار".


وتابع الخبير الاقتصادي، "أزمة الدولار مازالت قائمة وتجددت مرة أخرى، فهناك بضائع في الموانئ المصرية لم يفرج عنها بقيمة 3.9 دولارات وفقاً لتصريحات رئيس الوزراء المصري، بالإضافة إلى عودة السوق السوداء للدولار مرة أخرى، بسبب الشائعات حول تعويم جديد للجنيه".

وأضاف إدريس، "كل ما سبق يمثل ضرورة ملحة لاتجاه مصر لتوفير احتياجتها الأساسية بعيداً عن الدولار الأمريكي، وبالطبع القمح يعد السلعة المستوردة الأهم لدى الدولة المصرية، حيث أن مصر الدولة رقم واحد في استيراد القمح بالعالم".

رسالة للغرب

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن استيراد مصر للقمح الروسي بالروبل يمثل رسالة للغرب بأن الدولة المصرية تبحث عن مصالحها مع روسيا والصين، دون الالتفات للعقوبات الغربية الموقعة على روسيا، وخروج مصر من اتفاقية تجارة الحبوب الأممية كانت أيضاً بمثابة رسالة مصرية قوية للغرب.