العراقيتان نوال سويدان ونضال علي (أب)
العراقيتان نوال سويدان ونضال علي (أب)
الخميس 6 أبريل 2023 / 17:39

20 عاماً على غزو العراق..آلاف لايزالون مفقودين

تطوي نوال سويدان ملابس ابنها بهدوء وتكوي ملاءات الأسرة في غرفته، كما كانت تفعل عندما كان في العمل أو في الجامعة. ولا تزال تفعل بانتظام، رغم أنه لم يع منذ أن اقتادته ميليشيات قبل عشر سنوات تقريباً.

وفي تحقيق من بغداد، تروي وكالة "أسوشيتد برس" أن صفاء، ابن نوال، اختفى في أواخر يوليو (تموز) 2014. في حوالي الـ 1:30 صباحاً، قبل أيام فقط من انتهاء شهر رمضان المبارك، وبداية الاحتفالات بالأعياد، ظهرت مجموعة رجال على عتبة الأسرة وطلبت صفا، طالب القانون في مطلع العشرينات من عمره. وتذكرت سويدان "قالوا لنا إنهم يريدون فقط استجوابه وسيعيدونه قريباً".

بعد 20 عاماً 
بعد عشرين عامًا من غزو الولايات المتحدة للعراق في  2003، هدأ الكثير من الصراع وإراقة الدماء الطائفية التي أطلقها. لكن تلك السنوات خلفت إرثًا للآلاف، وربما عشرات الآلاف، مثل صفا، الذين فقدوا، وتشعر عائلاتهم بأنهم منسيون وهم يبحثون عن إجابات لمعرفة مصير أحبائهم. وبينما تحاول الحكومة طي صفحة ماضي العراق المضطرب، لم تنشئ لجنة للتحقيق حول المفقودين، كما يقول المدافعون عن حقوق الإنسان، لأن السياسيين متواطئون نوعاً ما مع الجماعات المسلحة المتورطة في الخطف والقتل.
كانت المحمودية، مسقط رأس سويدان، بؤرة عنف طائفي على مدى العقدين الماضيين، على طول الطريق الرئيسي الذي يسلكه الحجاج الشيعة للوصول إلى مدينة كربلاء المقدسة، وهي مدينة مختلطة للسنة والشيعة. ويقول السكان إنهم تعايشوا بشكل عام قبل الغزو الذي أطاح بصدام حسين في 2003.

 


وبعد 2003، أصبحت جزءاً من "مثلث الموت" سيئ السمعة حيث تبادلت الميايشيات السنية والشيعية المتطرفة الهجمات الوحشية، وهاجم متمردو القاعدة القوات الأمريكية. وقُتلت ابنة سويدان في  2004 في انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق مزقت سوق البلدة.

 انتقام طائفي

واختفى  صفاء وسط موجة أخرى من الأعمال الانتقامية الطائفية والخطف المتبادل في 2014. في ذلك الوقت، اندفع تنظيم داعش"في الجوار واستولى على مناطق قريبة على بعد 20 كيلومتراً من المحمودية، ما تسبب في رد فعل عنيف من الميليشيات الشيعية. ولئن لا تسمي عائلة سويدان المسؤول عن اختفاء ابنها، قالت إحدى قريباتها إنها تعتقد أنه من الميليشيات الشيعية.
طيلة سنوات، بحثت سويدان في سجون العديد من المدن وتحدثت إلى مسؤولين وكل من قد يعطيها قرائن. وكلما وردت أنباء عن إطلاق سراح سجناء، كانت تندفع إلى السجن لمعرفة إذا كان ابنها بينهم.

 في كل مكان

وقالت وهي تكافح من أجل حبس دموعها: "في كل مكان بحثت فيه، لم يكن هناك. لذلك جلست بهدوء منذ ذلك الحين وقررت ترك الأمر في يد الله".
نضال علي، جارة سويدان، شيعيية  وتواجه نفس الألم. نجلها عمار اختطف في نفس الوقت تقريباً.
قالت وهي تحمل صورة ابنها على صدرها: "أخذوه وقالوا إنه سيعود بعد خمس دقائق". وتعتقد أن خاطفيه كانوا من المتطرفين السنة:"أخذوا 6 من منطقتنا. كانوا جميعاً من الشباب والفقراء".
هي أيضاً بحثت في السجون والبلدات في كل أنحاء البلاد ودفعت للمحتالين الذين ادعوا أنهم يستطيعون الحصول على معلومات داخلية عن مكانه.
كان عمار يبلغ 40 عاماً تقريباً عندما اختُطف تاركًا وراءه زوجته وأطفاله الخمسة. كان ابنه الأصغر محمد صغيراً في ذلك الوقت. وهو اليوم في الحادية عشر يجلس بهدوء بجانب جدته.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها استقبلت 43293 حالة  لمختفين منذ 2003. ومن بينهم لا يزال أكثر من 26700 دون حل. وهذا أعلى بكثير مما تقدره الحكومة العراقية بـ16 ألف عراقي فقدوا في نفس الفترة.