الثلاثاء 11 أبريل 2023 / 01:12

حماس وحزب الله.."تقارب اضطراري" لخدمة إيران

دخل "التحالف الاضطراري" بين حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني، مرحلة جديدة بعد سماح الحزب للحركة بتنفيذ عملية إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان على إسرائيل، الخميس الماضي، ما شكل إيذاناً بفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل لكسر حالة الهدوء النسبية في شمال إسرائيل امتدت منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز (يوليو) عام 2006.

هذا التصعيد الذي بدا في ظاهره تفاعلاً مع التطورات التي تجري في المسجد الأقصى، إلا أن ما وراءه كان أكبر من ذلك، خاصة وأن التوتر في مدينة القدس المحتلة ليس حدثاً طارئاً، وسبق أن تسبب في مواجهة واسعة بين حماس وإسرائيل عام 2021، إلا أن هذه المواجهة لم يتخللها أحداث غير عادية في الجبهة الشمالية، على غرار إطلاق 34 صاروخاً من لبنان تجاه إسرائيل، كما حدث الخميس الماضي.
واعتبرت تقديرات إسرائيلية أن حزب الله استخدم حركة حماس في هذه الحادثة من أجل ترسيخ معادلة جديدة في العلاقة مع إسرائيل، تخدم الرؤية الأوسع لإيران في نقل المعركة مع إسرائيل إلى حدودها، استغلالاً للظروف الداخلية في إسرائيل، ولردع إسرائيل عن المضي في فكرة توجيه ضربة عسكرية لمشروع طهران النووي.

توهج العلاقات

واضطرت حركة حماس إلى إعادة سريعة للعلاقات مع حزب الله في لبنان، بعد القطيعة مع حلفاء إيران على خلفية الأزمة السورية، وتوهجت العلاقات بين الجانبين مؤخراً مع تطبيع تركيا علاقاتها مع إسرائيل، حيث فقدت حماس مأوى مهماً لقادتها وأنشطتها.

ويستضيف حزب الله نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري، والذي سبق أن أشارت تقارير عدة إلى أن تركيا طردته من أراضيها، وتتهم إسرائيل العاروري بالوقوف وراء أغلب العمليات المسلحة التي تنطلق من الضفة الغربية وتمويل خلايا مسلحة هناك، ضمن ما تقول إسرائيل إنه استراتيجية حماس لإضعاف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والسيطرة عليها أسوة بما حدث في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس بعد انقلابها على السلطة الفلسطينية منذ العام 2007.
وعقد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، لقاءات مع قيادات في حزب الله على أعلى مستوى، كان آخرها مع الأمين العام للحزب حسن نصرالله، بعد يومين من حادثة إطلاق الصواريخ من لبنان على إسرائيل، كما تسعى الحركة بشكل حثيث لإعادة العلاقات مع سوريا بوساطة من حزب الله، أملاً في توفير قاعدة لنشاطاتها ومقر لقياداتها في الخارج.

خطة إيرانية

وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية إن "الهجمات على إسرائيل بصواريخ من قطاع غزة وجنوب لبنان وسوريا بعيدة عن الأحداث في المسجد الأقصى، وهي بداية تنفيذ خطة إيرانية لتشديد الخناق على إسرائيل تمهيدًا لتدميرها".
وأضافت "تتمثل الخطة الإيرانية في تضييق الخناق حول إسرائيل وإحاطتها بالصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة من عدة جبهات، وأن إيران ليست في عجلة من أمرها لأن هذه خطة طويلة المدى تهدف أيضاً لإحباط إسرائيلي الهجوم على منشآتها النووية".
وتابعت الصحيفة الإسرائيلية أن "إيران سرعت من وتيرة تنفيذ خطتها بسبب الهجمات الناجحة لسلاح الجو الإسرائيلي على أهداف إيرانية وحزب الله داخل الأراضي السورية".
وقالت: "نسق قادة حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي في الأسابيع الأخيرة الخطة الجديدة لمهاجمة إسرائيل مع الحرس الثوري في إيران، وترد إسرائيل بحذر حتى اللحظة على الهجمات الصاروخية عليها في محاولة لتجنب حرب شاملة على عدة جبهات، وتفكر في تجديد الإجراءات المضادة التي تستهدف قادة حماس في قطاع غزة وفي الخارج".
وأضافت "الكلمة الأخيرة لم تُقل بعد، وإسرائيل تعيد تنظيم نفسها الآن لإحباط خطة إيران المرحلية، وتستعد لهجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية ولن تسمح لها بالحصول على أسلحة نووية".

استغلال الأزمة

وأشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية إلى أن نشاط حركة حماس الاستثنائي من لبنان، يأتي استغلالاً للأوضاع الداخلية المضطربة في إسرائيل، لافتة إلى أن إيران وحزب الله يراقبون رد الفعل الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة إن "النشاط الاستثنائي لحركة حماس في لبنان وغزة والضفة الغربية، والافتراض بأن حزب الله غض الطرف وسمح بإطلاق الصواريخ على إسرائيل، يظهر أن الردع الإسرائيلي قد تآكل بسبب قرار حكومة بنيامين نتانياهو الاكتفاء برد محدود للغاية، يقرب من الانفجار التالي مجدداً".

وأضافت "زعماء النظام الايراني وقادة حزب الله يراقبون من وراء ستار التطورات في الوقت الحالي، ويفهمون أن السياسة الضعيفة لبنيامين نتانياهو ووزرائه تنبع من الضعف، ويشمون رائحة التردد في القرارات الإسرائيلية".
وتشير الصحيفة إلى أن لقاء نصر الله مع كبار مسؤولي حماس بعد إطلاق الصواريخ من لبنان على إسرائيل، يبعث برسالة مفادها أن الطرفين ينسقان بالفعل، أو على الأقل يعرفان أنشطة بعضهما البعض، وأن الحزب لديه أهداف في دفع حماس لإطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية على شمال إسرائيل.

حرب المأزومين

وقال الكاتب حميد قرمان، إن "طبول الحرب التي قرعت مؤخراً هي حرب إسرائيل مع إيران ووكلائها، وليست حرب الشعب الفلسطيني، وليست حرب القدس، بل حرب الرسائل بين حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف ونظام الملالي".
وأضاف في مقال له أن "هذه حرب الردود المحدودة التي يعزفها بنيامين نتانياهو ببراعة هرباً من ضجيج الاحتجاجات ضد حكومته في إسرائيل، وتجيدها إيران بحثاً عن أوراق تفاوضية تخدم أجنداتها الإقليمية".
وتابع أن "هذه حرب محدودة الأهداف، واضحة المسار، بعيدة عن تعقيدات الحروب التقليدية، وتحفظ لكل طرف ماء وجهه، وتنقذ الجبهات الداخلية، فهي ليست الحرب المنشودة التي سيقضي بها طرف على الآخر، بل هي حرب المأزومين التي يبحث عنها كل طرف في سبيل مصالحه".
وقال الكاتب: " إيران اختارت حركة حماس للرد، ضاربة بذلك عدة عصافير بحجر واحد، فلم تتورط بشكل مباشر بحرب قد تخرج تداعياتها عن حساباتها الإقليمية والدولية، وحافظت بذات الوقت على حزب الله ومنظومته العسكرية، من خلال إرسال رسائل سياسية، تم توجيهها إلى إسرائيل بشكل سريع ومباشر بعدم مسؤولية حزب الله عن الصواريخ التي أطلقت من الجنوب الذي يبسط الحزب سيطرته عليه".
وأضاف "قيادة حماس في الخارج تتعرض لضغوط هائلة من قبل النظام الإيراني لتوسيع حجم عمليات التصعيد ضد إسرائيل، وإيجاد بدائل فعالة تحقق غايات عسكرية وسياسية تخدم أجنداتها في المنطقة"، مشيراً إلى أن ذلك تسبب في انقسام بين قيادة حماس.