السبت 29 أبريل 2023 / 14:00

أكاديميون فرنسيون يدعمون وجود كيانات إسلامية بديلة لتنظيم الإخوان الإرهابي

أدخلت الانتكاسات المتوالية للإخوان المسلمين في عدد كبير من الدول الإسلامية التنظيم الإرهابي في أزمة عميقة، ولم يتبقَّ من جبهاته الفاعلة اليوم سوى "جبهة لندن" التي تُدير الإخوان الفارّين إلى عدد من الدول الأوروبية، وتُحاول استغلال مُبادرات العمل ضدّ الإسلاموفوبيا لتحقيق مصالح سياسية وأيديولوجية ذاتية، لكن لا يبدو أنّ تلك المساعي تستجيب تماماً لتوقعات نشطاء الإخوان المسلمين.

في فبراير (شباط) الماضي تمّ تعيين ماريون لاليس منسقة لمحاربة الكراهية ضدّ المسلمين من قبل المفوضة الأوروبية للمساواة هيلينا دالي، وذلك بمهمة مكافحة "التمييز الهيكلي والفردي" ضد المسلمين. وإذا كان هذا المنصب، الذي ظلّ شاغراً لعدّة أشهر، لا يزال مثيراً للجدل، فذلك لأن مكافحة "الإسلاموفوبيا" تُستخدم كسلاح للقوة الإسلاموية الناعمة التي تهدف إلى منع أيّ انتقاد للإسلام السياسي، بما في ذلك الأصولية والتطرّف.

الإسلاموفوبيا في خدمة الإخوان

ويرى خبراء فرنسيون أنّ تضخيم ظاهرة محاربة "الإسلاموفوبيا" بحجة "النضال ضد العنصرية" يعمل على جعل جزء كبير من المُجتمعات الأوروبية متوافقاً مع الشريعة، وبالتالي تحقيق الخطوة الأولى الحاسمة في خطة أسلمة المجتمعات للإخوان المسلمين. ولذلك فقد دعا سياسيون وبرلمانيون أوروبيون على وجه السرعة لتقييم أهمية البرامج والتقارير والمؤسسات التي تهدف إلى مكافحة "الإسلاموفوبيا" ومدى استغلال الجماعات الإرهابية لذلك خاصة من قبل الإخوان.
وبالنسبة لعالمة الأنثروبولوجيا في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي فلورنس بيرجود-بلاكلر، فإنّ الخطط التي وضعها الإخوان المسلمون تسير كما هو مخطط لها، فقد انتشرت أيديولوجيتهم إلى ما وراء دائرة الأخوة التي يدّعونها، إلى درجة أصبحت منهجيتهم هي الهوية الرئيسة والمعايير الدينية للمسلمين الأوروبيين. وقد حاولوا بكل الوسائل- وبنجاح في كثير من الأحيان- تخريب المؤسسات الأكاديمية الأوروبية عبر "أسلمة" المعرفة، وخاصة العلوم الإنسانية.
وهي ترى أنّ "مكافحة الإسلاموفوبيا" ليست فقط سلاحاً يهدف إلى منع انتقاد الأديان، فقد أنتج ذلك مؤسسات وسياسات لإعادة أسلمة المسلمين و"التوافق مع الشريعة" لمجتمعات أوروبا التعددية والعلمانية والديمقراطية. ومن خلال ذلك، بسط الإخوان المسلمون الأوروبيون سيطرتهم على جميع قطاعات المجتمع.
وتُحذّر بيرجود-بلاكلر من أنّ بعض برامج مكافحة الإسلاموفوبيا تقوم بما يحلم به الإخوان من أجل تطوير نظام إسلامي محكم ومستدام في البلدان غير الإسلامية، وخاصة عبر العمل الثقافي خارج العالم الإسلامي بحجة حماية المسلمين من الغزو والاغتراب الثقافي وضمان الأمن الاجتماعي لهم.

نحو وجود كيانات إسلامية بديلة للإخوان في أوروبا

وسبق أن رأت تقارير تمّ إعدادها لصُنّاع القرار في لندن وبروكسل أهمية التدخل المُستهدف من قبل قادة الرأي والمؤثرين ووسائل الإعلام ومراكز الفكر للشروع في إعادة النظر إلى الإسلام باعتباره "متنوعاً وتقدّمياً" و"شريكاً فعلياً أو محتملاً" وليس أيديولوجية سياسية تخدم مصالح تنظيمات الإسلام السياسي، لذا فإنّه يجب تلبية احتياجات المسلمين الدينية بموجب الشريعة الإسلامية مع عدم المخاطرة بالسماح بأيّ نفوذ مُحتمل للإخوان.
يُشار إلى أنّه، وفيما تتوقع مراكز بحوث ودراسات أن يصل عدد المسلمين في فرنسا إلى ما يزيد عن 12 مليون شخص بحلول عام 2025، يُسابق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الزمن، لتحجيم نشاط جماعات الإسلام السياسي ودعاة الانعزالية التي تؤسس للطائفية الإسلاموية، ومنعاً في ذات الوقت لاستغلال القضية من قبل اليمين المُتطرّف.
ودعت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، جاكلين أوستاش برينيو إلى وجوب التحرّك بسرعة حيث تتأثر غالبية مناطق فرنسا اليوم بأفكار الإسلام السياسي المتشددة، مُحذّرة من خروج بعض المناطق والأحياء في نزعات انفصالية عن الجمهورية في غضون أعوام قليلة.
وبالمقابل يرى أكاديميون فرنسيون أنّه بات من الضروري إيجاد كيانات بديلة للإخوان تُمثّل الجاليات المسلمة، بحيث تعكس العقيدة الدينية المُعتدلة التي يتبناها معظم المسلمين، وليست لديها أي أطماع أو طموحات سياسية، وبحيث يُمكن للحكومة الفرنسية التعامل معها لمصلحة إدماج أفرادها في المُجتمع في إطار نُظم وقيم الجمهورية وخاصة العلمانية.