الثلاثاء 2 مايو 2023 / 10:45

ماريا دعدوش والصوت المميز

جاء فوز الأديبة السورية ماريا دعدوش بجائزة الشيخ زايد فرع أدب الأطفال عام 2022 ليكون تتويجاً لكل نجاحاتها، وهي الجائزة الأبرز بعد أن حصلت على معظم جوائز أدب الأطفال العربية. ما السر الذي تملكه؟ ما مفاتيح نجاحها؟ من المنطقي أن يكون الجواب هو اكتمال عناصر العمل الفني في كتبها وتميزها، وأنها تكتب بوعي واحتراف، لكن مازال الكلام عاماً، لهذا سأتوقف عند بعض العناصر المهمة في كتابتها، مع تطبيق ذلك على روايتها لليافعين التي فازت بجائزة الشيخ زايد للكتاب قبل عام، "لغز الكرة الزجاجية"، من إصدارات الساقي 2021. تجدر الإشارة هنا إلى أن رواياتها وقصصها تحصد أعلى المعدلات في تقييم القراء ضمن مواقع الكتب، مثل موقع جودريدز.
"لغز الكرة الزجاجية" هي رواية لليافعين، تدخل ضمن روايات التشويق والإثارة، مع جانب علمي، أوجز هنا مضمون الرواية التي تبدأ أحداثها عام 2041 في رحلة بالقطار لمراهقين اثنين كل واحد منهما مع جده، دون سابق معرفة بينهما، يستمع أحدهما لحوار بين شخصين متنكرين في ملابس نسائية، ينويان رمي الكرة الزجاجية، التي تحوي مادة سامة، في البحيرة لتسميم الحيوانات وقتلها، من أجل هذا يبذل المراهقان اللذان يتعرفان على بعضهما في الرحلة جهوداً مستمرة لمنع حدوث هذه الكارثة البيئية.
أتوقف عند أمرين مهمين في هذه الرواية هما الفويس (صوت الشخصية) والعالم، وأشير للباقي باختصار شديد. "الفويس" حيث تعبر الشخصيات عن نفسها بكلام يناسب سنها والزمن الذي تعيشه، فما يغلب على كتاب قصص الأطفال أن يعبروا بلغة الكبار! دون قصد منهم أو وعي، لكن لتعودهم على ذلك. اقتراب ماريا من عالمهم جعلها تختار جملاً مثل: "قطعة سجق معلقة على شوكة"، "سأصير هريسة تحت القطار"، "كاد قماشه يخبزني"، "لم أتوقع يوماً أن تتوقف حياتي على عضلات فتاة ضئيلة"، "البنات يعتقدن أن الإشارة فوق أفضل من الأسفل"، إضافة لتشبيهات كثيرة مرتبطة بعالم الطفولة مثل توم وجيري وغيرها.
والأمر الآخر هو العالم، فمن خلال الكلمات يمكن تصوره، من وصفه بالحواس، كما أنه ينقل الطابع السائد في المكان والأحداث. تؤسس المؤلفة عالم الرواية بذكاء شديد واحتراف، فأحداث قصتها تحدث في إحدى دول الخليج العربي، وغالباً هي الإمارات العربية المتحدة، نظراً لاسم المنتجع الذي يعطي هذا الانطباع، وهو منتجع الليوي الصحراوي. تؤسس للعالم الروائي من معرفتها بالدولة وما تركز عليه مثل الاهتمام بالعلوم بشكل عام، وأبحاث الاستمطار بشكل خاص، حيث تحدثت عن توليد المياه من الغيوم، وجبل جيس، والبحث عن اللؤلؤ.
اختارت المؤلفة عام 2041 لأن أغلب المشاريع التي ستنفذ بعد عشرين عاماً مرتبطة في دراساتها وأبحاثها بما يقدم حالياً، ومنها موضوعات المحافظة على البيئة باستخدام الطاقة الشمسية، وتوليد الأمطار من الغيوم وهذا يتعلق بالجانب العلمي، وأما الاجتماعي فموضوع الهوية، حيث سخر غسان الغريري من صوفيا العدناني، وهما شخصيتان رئيستان يسافر كل منهما مع جده، رغم توتر العلاقة بينهما في البداية إلا أنهما تحدثا مع بعضهما، وأكدت له صوفيا أن الحكم على الآخرين يجب أن يتجاوز المظاهر للجوهر، حين انتقدت موقفه قائلة: "ظننت نفسك عربياً أكثر مني، لم يهمك أني أمضيت كل عمري أساعد جدي، وهو يخترع جهازاً يحل مشكلة المياه، ويحافظ على نظافة البيئة في صحرائنا، وكل ما استطعت رؤيته في هو مظهري المختلف".
اعتمدت رسومات الرواية على فن المانجا الياباني، الذي يحبه الأطفال والمراهقون، كما جاءت كرة البوكيمون على الغلاف كطريقة للتسويق وزيادة التوزيع، فهي عامل جذب لهم، يلفت انتباهم. الرواية تملك عناصر النجاح والتميز التي نالت عنها أغلى جائزة ألا وهي جائزة الشيخ زايد للكتاب.