كمال كليجدار أوغلو (رويترز)
كمال كليجدار أوغلو (رويترز)
الخميس 11 مايو 2023 / 00:33

كمال كليجدار أوغلو.. خصم أردوغان الصبور

24 - بلال أبو كباش

يتحضر مرشح تحالف الطاولة السداسية وزعيم حزب الشعب الجمهوري التركي جمال كليجدار أوغلو الملقب بـ "غاندي" لخوض انتخابات الرئاسة في 14 مايو (أيار)، ومنافسة نده القوي رجب طيب أرودغان، إلى جانب مرشحين آخرين متسلحاً بدعم واسع من قاعدة شعبية كبيرة، وببرنامج انتخابي متواضع.

أوغلو يعتبر نفسه الوريث الشرعي لفكر مؤسس الجمهورية التركية مصطفى أتاتورك

يسعى أوغلو لمحاربة الفساد وإعلاء الديمقراطية

يفتقر للكاريزما اللازمة لمنافسة نده القوي أردوغان

 

ولد أوغلو في عام 1948 في قرية ديرسم بشرق الأناضول، والتي تحول اسمها لاحقاً إلى تونجلي بعد حملة قمع دامية شنتها الدولة التركية ضد سكانها من الأقلية الكردية العلوية، بحسب "بي بي سي".

تؤكد المصادر التركية، أن عائلة أوغلو العلوية تعود أصولها إلى خراسان في إيران. وكان اسم والده "قمر خان" لكنه عام 1950 غيّر كنيته من "خان" إلى كليجدار أوغلو، بحسب موقع "ترك برس". ويمثل العلويون أقلية عرقية دينية في تركيا.

شق المرشح الهادئ طريقه العلمي بصعوبة بالغة، فهو الوحيد الذي استطاع دخول المدرسة بين أخوته السبعة، وواصل مسيرته التعليمية حتى تخرج من الجامعة في أنقرة تخصص اقتصاد وتمويل وبدأ حياته المهنية في عام 1971 كمستشار في وزارة المالية التركية، بحسب "بي بي سي".

حافظ أوغلو الذي يعتبر الوريث الشرعي لفكر مؤسس الجمهورية التركية وحزب الشعب مصطفى كمال أتاتورك، على تفوقه المهني، وترقى تدريجياً في الإدارة التركية وفي عام 1992 أصبح مديراً لوكالة التأمين الاجتماعي (SSK). في عام 1994، حصل على لقب "بيروقراطي العام" من قبل مجلة مالية. وبقي في منصبه إلى أن تقاعد عام 1999. 

تعريف سياسي 

بدأ كليجدار أوغلو نشاطه السياسي عام 2002 بانضمامه إلى حزب الشعب الجمهوري العلماني. 
خاض انتخابات البرلمان التركي في 2002، ثم في 2007، وفاز بعضوية البرلمان بالدائرة الثانية في إسطنبول. وترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى بالانتخابات المحلية التي أجريت في 2009، لكنه نال 37% فقط من الأصوات فخسر المنصب لصالح مرشح حزب العدالة والتنمية قدير توباش.
وعام 2010، انتخبته الهيئة العامة لحزب الشعب الجمهوري رئيساً بعد استقالة سلفه دينيز بايكال، فقاد الحزب في معركة الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 2011 فحل ثانياً فيها بنسبة 26% من الأصوات.

وفي 2014، أعيد انتخاب كليجدار رئيساً لحزب الشعب فقاده إلى الانتخابات البرلمانية في يونيو (حزيران) 2015 وفي إعادتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الموالي، ونال الحزب المركز الثاني في الجولتين، كما أعيد فيهما انتخاب رئيسه لعضوية البرلمان، بحسب "ترك برس". 

 منذ إعلان الطاولة السداسية ترشيح كمال كليجدار أوغلو نيابة عنها لمنافسة الرئيس التركي وزعيم حزب الوطن محرم إنجه والأكاديمي السابق سنان أوغلو في مارس (آذار) الماضي، والغموض يكتنف برنامجه الانتخابي، خاصة خطته الاقتصادية في مرحلة حساسة تشهد فيها عملة البلاد تدهوراً مستمراً ومستوى تضخم يواصل قفزاته الكبيرة حتى وصل إلى 50%، وتبعات مريرة للزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في فبراير (شباط) الماضي. 

برنامجه الانتخابي

لكن مؤخراً وخلال الحملات الانتخابية الكبيرة التي ينظمها المرشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الجاري، أفصح أوغلو عن مساعيه وطموحاته قائلاً، إن التصدي للفساد يتصدر قائمة أولوياته، موجهاً اتهامات عديدة للسلطات الحالية، ومراهناً على استمالة المتذمرين من الوضع الحالي.

وإلى جانب محاربة الفساد، يسعى أوغلو إلى إحياء الديمقراطية والحرية في تركيا، بعد تراجعهما بشكل كبير في عهد أردوغان الممتد لـ20 عاماً. 


ويعد أوغلو أيضاً، بأن يجعل البلاد "تقف على رجليها، وتتعافى من جروحها، حتى يستعيد الناس فرحة العيش". كما يشدد على إدارة السياسة الخارجية البلاد على نحو مختلف في حال تمكن من الوصول إلى الرئاسة.

ومتحدثاً أمام حشد من الأتراك، معظهم من الطبقة الفقيرة المقربة إليه، قال أوغلو واعداً أنصاره في ساحة جاجابي في مدينة قرشهير، "لن تنقطع الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي للعائلة الفقيرة أبداً، وسأحضر الربيع إلى هذه الأراضي، وسأحقق السلام، وستعيش العائلات الفقيرة في سلام بنفس الطريقة التي يعيش بها الآخرون".
ووعد كيليجدار أوغلو كذلك بتأمين الأسر المحتاجة حيث "لا ينام أي طفل جائعاً"، كما سيكون لكل أسرة دخل لا يقل عن مستوى الحد الأدنى للأجور ، وسيتم إيداع هذا الدخل في حساب المرأة المصرفي. 

ويؤمّل أوغلو الطبقة العاملة بتحقيق العدالة في نظام الأجور المختل، بوجهة نظره. ويقول المرشح الهادئ، أن الأطباء والمهندسين المعماريين والمهندسين يتلقون رواتب قريبة من بعضهم البعض، لذلك "يجب زيادة رواتبهم، فهم بحاجة ليتم زيادتها قليلاً. لقد وعدتهم، سأوفر العدالة ، ستكون هناك عدالة. لن أقبل أبداً بعالم ظالم لأن دين الدولة هو العدل وسنقوم ببناء العدل. أريد أن يعرف الجميع ذلك أيضاً".، وفقاً لما ذكره موقع "نيو ترك برس". 

وفيما يتعلق بملف اللاجئين السوريين في تركيا، يتعهد كيليجدار أوغلو بإرسال 3 ملايين و600 ألف سوري إلى بلادهم في غضون عامين على أبعد تقدير، ويقول، "ابني عاطل عن العمل، وطفلك عاطل عن العمل. إنهم يعملون بنصف الحد الأدنى للأجور. وهم أيضاً ضحايا. سنأخذهم إلى بلدانهم". كما وكرر كيليجدار أوغلو وعده بمكافأة قدرها 15 ألف ليرة للمتقاعدين في عيد الأضحى. 

"غاندي-كمال"

يعرف منافس أردوغان بنفسه الطويل، وصبره وقدرته على التحمل، ومن ألقابه العامة "غاندي-كمال"، بسبب تشابهه الملحوظ في المظهر والأسلوب مع الزعيم الروحي للهند المهاتما غاندي. وقال ذات مرة في مقابلة، إنه "لا يغضب أبداً". وأكدت زوجته سيلفي هذا بالكلمات التالية، "إنه لطيف وهادئ للغاية. هادئ جداً. لا يرفع كمال صوته أبداً، ولا يصرخ أبداً. لا يمكنك حتى أن تتجادل بلطف مع الرجل. حقيقة أنه رجل هادئ جداً". وتقول سيلفي كيليتشدار أوغلو، "يجعلني أحياناً أصاب بالجنون"، وفقاً لما ذكره موقع "دوتشه فيله". 

يفتقر للكاريزما

وإضافة إلى كل ما يتحلى به أوغلو من صفات مهنية رفيعة وخبرات سياسية طويلة، يبقى مفتقراً للكاريزما اللازمة لمنافسة ند قوي كأردوغان، من وجهة نظر الكاتب الأمريكي بوبي جوش. فقد سبق الاتفاق على ترشيحه عن المعارضة حدوث انقسام في ائتلاف الطاولة السداسية. 

 كثيرون يعتبرون أوغلو مرشحاً غير بارز، فقد استغرق الأمر شهوراً لإقناع أحزاب المعارضة الستة بدعمه. ويملك حزب الشعب الجمهوري شخصيات مفوهة، وربما أقوى من كليجدار أوغلو مثل ممثلي الحزب اللذين فازا برئاسة بلديات إسطنبول وأنقرة، لكن مع مرور منافسه الرئيسي في أضعف حالاته، يعتقد زملاؤه في الحزب أن هذه هي فرصة زعيمهم.