الأحد 14 مايو 2023 / 16:38

هل حققت إسرائيل "استعادة الردع" بعد التصعيد في غزة؟

انتهت، مساء السبت، جولة مواجهة بين إسرائيل حركة الجهاد الفلسطينية بقطاع غزة، وسط تساؤلات في إسرائيل حول تحقيق تل أبيب لأهدافها من العملية، وتحديداً تحقيق "الردع العسكري".

العملية العسكرية أظهرت لحماس وحزب الله القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية

نتانياهو حقق أهدافاً سياسية أكثر من العسكرية بعد التصعيد الأخير في غزة

وتمكن الجيش الإسرائيلي، خلال العملية العسكرية التي استمرت خمس أيام من اغتيال ستة من القادة العسكريين لحركة الجهاد، وقصف العديد من منصات إطلاق الصواريخ والمقرات العسكرية للحركة في غزة، وفق ما أعلن في بيانات متلاحقة.
ويرى مسؤولون ومحللون إسرائيليون أن المؤسستين الأمنية والعسكرية حققت أهدافها من عملية "السهم الواقي"، ودفعت الفصائل المسلحة بغزة وإيران ووكلائها في المنطقة للتراجع خطوة للوراء، على حد تقديرهم.
لكنهم يرون في الوقت ذاته أن معضلة تحقيق الاستقرار الأمني لم تتحقق بعد، في ظل محاولات بعض الفصائل والقوى المرتبطة بإيران لترميم قوتها قبل المواجهة الجديدة، وأن الهدف من هذه العملية هو "رفع ثمن استفزاز إسرائيل".

هدف رئيسي

وقال المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلي، رون بن يشاي، إن "عملية السهم الواقي تهدف بالدرجة الأولى لجعل قادة حركة الجهاد يفكرون مرتين وثلاث مرات قبل إطلاق الصواريخ تجاه الأراضي الإسرائيلية".
وأضاف بن يشاي "يمكن الافتراض بأن العملية العسكرية حققت هذا الهدف، إضافة إلى أنها أظهرت لحركة حماس وحزب الله القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية في الوصول إلى مواقع وكبار القادة العسكريين".
وأشار إلى أن "إسرائيل تمكنت من استعادة قوة الردع بالعملية العسكرية، كما أنها حافظت على الشرعية في مهاجمة أعدائها، الأمر الذي يمكن اعتباره أهم انجاز عسكري للجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك"، على حد تعبيره.
وبين أن "صدى إنجازات إسرائيل من العملية العسكرية يتردد ليس فقط بغزة وإنما في إيران ولبنان واليمن أيضاً"، متابعاً "تلقى أعداء إسرائيل درساً أن البلاد متماسكة أمام التحديات الخارجية حتى في خضم الانقسام الاجتماعي والسياسي".
ولفت إلى أن "العملية العسكرية لن تجبر حركة الجهاد فقط على إعادة حساب مسارها، ولكن أيضاً إيران وحزب الله وحماس".
واستدرك "لكن يجب التأكيد على أن العملية العسكرية لن تنهي المعضلة بالكامل، ولكنها ستمنح إسرائيل فترة تهدئة طويلة نسبياً، خاصة في حال عرف الجيش والشاباك الاستمرار بالعمل في الضفة الغربية بحكمة ودقة عملياتية".

جولة جديدة

ولم يستبعد رئيس قسم العمليات في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية، اللواء عوديد باسيوك، أن تضطر إسرائيل لإطلاق عملية عسكرية جديدة ضد الفصائل المسلحة بقطاع غزة، وفق ما أوردت صحيفة "معاريف" العبرية.
وقال باسيوك، إن "إسرائيل أظهرت قوتها بالعملية العسكرية الأخيرة، ولقد رأى الجميع تلك القدرة في وقت قصير جداً".
وبين أن "إسرائيل أظهرت قوتها في تصفية القادة العسكريين للجهاد ومن استبدلتهم الحركة خلال المواجهة العسكرية، وذلك عبر معلومات استخباراتية دقيقة"، مؤكداً أن العملية أظهرت القدرات الاستثنائية للأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
وأضاف "العملية العسكرية التالية يمكن أن تكون بنفس المقياس، ونحن مستعدون لزيادة الإنجازات في المرة القادمة"، متابعاً: "بعملية السهم الواقي ركزنا جهودنا على حركة الجهاد وذلك من أجل ردعه، وهذا ما حققناه".

رفع الثمن

ورأى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، مائير بن شبات، أن "القضاء على كبار مسؤولي حركة الجهاد العسكريين في غزة كان رسالة إسرائيل إلى الاستراتيجية متعددة المجالات للمحور الموالي لإيران.
وقال بن شبات، في مقال عبر صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية: "من وجهة نظر إسرائيل فإن الضربة الأولى بالعملية العسكرية حققت هدفها الأساسي وهو تعزيز الردع، إلى جانب رفع ثمن استفزاز حركة الجهاد لإسرائيل وإطلاقها القذائف الصاروخية".
وأضاف "المطلوب الآن من إسرائيل أن تركز جهودها على هدفين، الأول منع الخصم من تحقيق إنجاز قد يغير التوازن، والثاني اغتنام الفرصة لتعميق الضرر الذي يلحق بالفصائل المسلحة في غزة، إلى جانب زيادة الجهود الدفاعية لمنع أي مفاجآت".
وبين أن "إسرائيل لديها هدف بعيد المدى يتمثل في ضمان أن تكون غزة منطقة منزوعة السلاح وتحت سيطرة كيان شرعي يعترف بإسرائيل ولا يستخدم العنف ضدها"، متابعاً: "بالوقت الحالي هذا الهدف ليس واقعياً ولا يمكن تحقيقه". وأضاف "المستوى السياسي الإسرائيلي يواجه خيارين للتعامل مع التحديات الأمنية بغزة، الأول إعادة احتلال القطاع بعملية عسكرية عميقة تكلفتها المباشرة وغير المباشرة باهظة ومدتها غير واضحة".
وتابع "أما الخيار الثاني يتمثل في الحفاظ على الهدوء عن طريق الردع الذي تحققه جولات القتال العسكرية المتواصلة، مع بذل جهد لتقليل مدة كل جولة، واستخدام أدوات الضغط والحوافز بشكل روتيني".

أهداف سياسية

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية، مخيمر أبو سعدة، أن "حكومة بنيامين نتانياهو كانت معنية بجولة قتال سريعة ضد الجهاد الإسلامي بغزة لتحقيق أهداف سياسية أكثر من الأهداف العسكرية، خاصة بعد تراجع شعبيتها بالشارع الإسرائيلي".
وأوضح أبو سعدة، لـ 24 أنه "وعلى المستوى السياسي نجحت حكومة نتانياهو في تحقيق هدفين سياسيين رئيسيين؛ الأول يتمثل في إنهاء الأزمة الداخلية بين أحزابها، خاصة الأزمة مع وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير". وأضاف "الهدف الثاني تعزيز شعبيتها لدى الجمهور الإسرائيلي وهو ما ظهر في استطلاعات الرأي التي جرت خلال الأيام الماضية"، لافتاً إلى أن نتانياهو سيعمل على الترويج للعملية العسكرية على أنها انتصار سياسي وعسكري غير مسبوق.
وأشار أبو سعدة، إلى أن "تحقيق أهداف عسكرية يحتاج إلى جولة قتال أطول وأوسع من ذلك تكون حركة حماس جزءاً منها"، معتبراً أن "الهدف العسكري الوحيد لإسرائيل بالجولة الأخيرة تحييد قيادات حركة الجهاد المسؤولين عن التواصل مع المسلحين بالضفة الغربية".
ويرى المحلل السياسي أن "وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل المسلحة بقطاع غزة لن يدوم طويلاً، وأن الجانبين سيجدان أنفسهما أمام جولة قتال جديدة خلال الأشهر المقبلة، والتي ستكون من أعنف جولات القتال"، حسب تقديره.