رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان (أرشيف)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان (أرشيف)
السبت 27 مايو 2023 / 18:43

حُكّام باكستان يُضيّقون الخناق على عمران خان

مع المحاكم العسكرية وتخويف الصحافة وحملات الاعتقال الجماعية، يرى محللون أن حكام باكستان يسعون لتدمير رئيس الوزراء السابق عمران خان قبل تنظيم الانتخابات.

وكان خان (70 عاماً) قد أوقف في 9 مايو (أيار) في إسلام أباد في قضية فساد، ثم أطلق سراحه بكفالة بعد 3 أيام. وأدى توقيفه إلى صدامات عنيفة بين أنصاره والشرطة خلّفت تسعى قتلى على الأقل.

ووصفت إسلام اباد هذه الأعمال بأنها "مناهضة للدولة"، ما برر الاعتقالات الجماعية وإعادة تفعيل المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين الذين استهدفوا منشآت حكومية وعسكرية.

ويقول صحافيون ومحامون وناشطون ومؤيدون لحركة الانصاف وقادة منها إن هناك حملات ترهيب وتأثير مؤكدين أن "المؤسسة" تقف وراءها، وهو مصطلح للإشارة إلى الجيش الذي يدعم الحكومة المدنية.

ولطالما شكّل الدعم العسكري حجر زاوية لاستقرار أي حكومة باكستانية، على رغم أن مؤسسة الجيش دائماً ما تنفي أداء أي دور سياسي.

وقال المحلل حسن عسكري: "يرغبون في أن يوضحوا لعمران خان أنه لا يمكنه قتال المؤسسة (الحاكمة)".

وأكد "يتم تحطيم الناس بممارسة الضغط بطرق مختلفة، يرغبون بوضع السياسيين في مكانهم".

ولم يرد الجناح الإعلامي التابع للجيش الباكستاني على طلبات للتعليق.

وكان الجيش ساند في بادئ الأمر وصول خان الى السلطة في 2018 قبل أن يسحب دعمه له.

ثم تمت إزاحة خان عبر تصويت لحجب الثقة عن حكومته في البرلمان في أبريل (نيسان)2022.

يأمل خان في العودة إلى السلطة ويضغط عبثاً على الحكومة من أجل تنظيم انتخابات مبكرة قبل أكتوبر(تشرين الأول) في بلد غارق في أزمة اقتصادية وسياسية عميقة.

ويعتبر انتقاد الجيش في باكستان خطاً أحمر.

ويقول خان إن القضايا المرفوعة ضده هي جزء من حملة تقوم بها الحكومة والجيش لمنعه من العودة إلى السلطة.

وبعد أيام من التظاهرات، تم اعتقال عشرات من قيادات حزبه ثم إطلاق سراحهم بدعوى التحريض على العنف.

وفي مؤتمرات صحافية بعد إطلاق سراحهم، دان بعض من أقرب مناصريه أعمال العنف وانسحبوا من الحزب.

وقال خان في خطاب "وضعوا الجميع في السجن"، مضيفاً "إذا قلتم الكلمات السحرية لسنا أعضاء في الانصاف بعد الآن سيتم إطلاق سراحكم".

واعتقل آلاف من مناصري خان أيضاً من الناس العاديين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.

معقل خان

وفي مدينة لاهور (شرق) التي تعد معقلاً لخان، روت ربة منزل مؤيدة لحركة الانصاف الباكستانية أن نجلها اعتقل بعد أن تظاهر سلمياً.

وقالت مشترطة عدم الكشف عن اسمها: "كان من الواضح أنه تعرض للضرب وكان خائفاً". وأضافت "لم تطأ قدمه خارج المنزل منذ ذلك الحين. ويتلقى مكالمات من أرقام مجهولة تحذره من أنه مراقب".

ذكرت منظمة العفو الدولية أنه يتم استخدام "أحكام فضفاضة وغامضة للغاية لمكافحة الإرهاب" و "تخيم ظلال من الخوف على مؤيدي خان في أعقاب الاعتقالات التعسفية التي طالت عددا من قادة المعارضة".

وكتبت صحيفة "داون" في افتتاحية "القصة مألوفة. يعتقد حزب سياسي أنه قادر على مواجهة المؤسسة القوية في البلاد ليجد نفسه بسرعة يخسر حرب استنزاف قاسية ومن طرف واحد". وأضافت "المخرج الوحيد هو أن تفعل بالضبط ما قيل لك".

في كراتشي، قال صحافيون انهم يتلقون أنباء من قبل العلاقات العامة في الجيش تستهدف سمعة خان.

وأكد صحافي يعمل في التلفزيون مشترطاً عدم الكشف عن اسمه: "نتلقى الكثير من الأخبار المشوهة للسمعة من "الأخوة الكبار" عبر واتساب، والتي من المفترض أن تكون غير قابلة للنشر ونحن مضطرون لبثها بدون أي مصدر" مستخدماً مصطلحاً للإشارة إلى الجيش، وأضاف "نمارس الرقابة الذاتية طوعاً لتجنب أي ازعاج".

وتحدثت "مراسلون بلا حدود" ومنظمة العفو الدولية عن اختفاء الصحافي البارز والمؤيد لحركة الإنصاف عمران رياض خان منذ اختطافه من وكالات الاستخبارات العسكرية قبل أسبوعين.

الجيش في المقدمة

وأصبح الاعلام المحلي مليئاً بالأخبار المؤيدة للجيش منذ اعتقال خان، بما في ذلك "يوم الشهداء" الذي أعلن عنه يوم الخميس على عجل.

وقال مايكل كوغلمان مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون إنه "لم يفاجأ بأن الجيش يرغب في اطلاق حملة علاقات عامة".

واوضح كوغلمان أن الجيش "تلقى ضربة كبيرة لشعبيته وحتى مصداقيته بسبب كلام خان المناهض له".

وانتقد رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف المحكمة العليا علناً بعد قرارها بابطال اعتقال خان، واصفاً ذلك بأنه "جنازة للعدالة".

وقال المحامي في المحكمة العليا جوهر علي خان وهو من فريق الدفاع عن خان إن القضاء يواجه "وضعاً استثنائياً".

وأضاف "تصرفات الشرطة وأساليب المماطلة والتعقيدات القانونية الأخرى التي تخلقها السلطات عمداً تشكل عقبة أمام العدالة السريعة".

من جهته، رأى وزير الخارجية بيلاوال بوتو زارداري أن هذه "نتائج تصرفات عمران خان".

وقال لفرانس برس في وقت سابق هذا الأسبوع "أعتقد أنه في حال سلك القانون مجراه، سنكون قادرين على العمل نحو الاستقرار السياسي".
ومع استمرار المواجهات المتزامنة بين خان والمؤسسة العسكرية والحكومة والقضاء، فإن عزلته ازدادت.

وعلق كوغلمان "من وجهة نظري، يبدو أن القيادة العليا المدنية والعسكرية تشترك في هدف يتمثل بتفكيك حركة الانصاف بشكل تام".