دونالد ترامب يتحدث في مؤتمر الحزب الجمهوري بولاية نورث كارولينا أمس السبت (أ ف ب)
دونالد ترامب يتحدث في مؤتمر الحزب الجمهوري بولاية نورث كارولينا أمس السبت (أ ف ب)
الأحد 11 يونيو 2023 / 12:21

ترامب بانتظار الهدايا و"تفاصيل الشيطان" للنجاة من 37 تهمة

خلافاً للتوقعات بأن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، سيحرم من المنافسة في الانتخابات الرئاسية، بحكم أنه بات مهدداً بالسجن بسبب 37 تهمة وجهت إليه، إلا أن نجاته قد تأتي بدعم غير متوقع من المثل الإنجليزي الشهير "الشيطان يكمن في التفاصيل".

ومنذ اللحظة الأولى لاتهامه، دفع ترامب ببراءته متهماً الرئيس الأمريكي جو بايدن بالوقوف خلف التهم الجنائية لتقويض الحملة الرئاسية الخاصة به، وكذا قال محاميه الذي أكد أن 7 تهم جنائية تلاحق موكله، بما في ذلك انتهاكات قانون التجسس وعرقلة سير العدالة والتآمر، وأي منها لن يمنع ترامب من الترشح والفوز أيضاً.  

وتوجيه الاتهام إلى رئيس أمريكي سابق لارتكاب تهم اتحادية أمر غير مسبوق، ويأتي في وقت يعد ترامب المرشح الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة في 2024.

لمحة دستورية

ويفصل ترامب عن موعد محاكمته أشهر طويلة وهي لن تعقد على الأرجح قبل الانتخابات المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسيكون الرئيس السابق قادراً خلال هذه المدة من الاستمرار في حملته الانتخابية بحرية ودون عوائق، بحسب الدستور الذي يشترط فقط أن يكون المرشحون الرئاسيون مواطنين أمريكيين مولودين على أرض الولايات المتحدة، ويبلغون من العمر 35 عاماً على الأقل، ويعيشون في أمريكا منذ 14 عاماً.

معركة حياة أو موت

وبما أن الفائز في الانتخابات المقبلة، سيكون له تأثير كبير في مسار محاكمة ترامب، فإن الرئيس السابق، سيخوض معركة الترشح، أملاً في العفو عن نفسه في إجراء غير مسبوق، إذا عاد إلى البيت الأبيض، وبالتالي فإن حملة 2024 الانتخابية بالنسبة لترامب، هي أكبر من مجرد سباق على الرئاسة، هي في الحقيقة معركة حياة أو موت، للبقاء خارج قضبان السجن. 

ومن وجهة نظر الخبراء القانونيين، فإنه من غير المرجح أن تُحسم المحاكمة الجنائية لترامب في المحكمة الفيدرالية قبل نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. لذا فإن من يفوز بالرئاسة يمكن أن يكون في وضع يسمح له بالتأثير على قضية ترامب. 

"عفو ذاتي"

ويضيف الخبراء، إذا فاز ترامب بترشيح الحزب الجمهوري، ومن ثم بسباق الرئاسة، فمن الممكن أن يطلق حملة لاستعادة حريته في سيناريو غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة. ومن شأن الفوز بالرئاسة أن يمنح ترامب فرصة لتنصيب مسؤولين متعاطفين في وزارة العدل، أو حتى محاولة العفو عن نفسه إذا أدين لاحقاً.

ويرى الخبراء أيضاً، أنه حتى وإن لم يكن ترامب مرشح الحزب الجمهوري لسباق الرئاسة، فإن بعض منافسيه من الحزب تعهدوا بالفعل إما بالعفو عنه، أو إعادة هيكلة وزارة العدل لضمان نجاة ترامب، وفقاً لما ذكره موقع "أكسيوس". 

الأستاذ المساعد بالجامعة الأمريكية والمتخصص في السلطة الرئاسية كرس إديلسون قال، إن لوائح الاتهام، وحتى الإدانات المحتملة، لا تحرم ترامب قانونياً من الترشح للرئاسة في 2024، أو من الخدمة في البيت الأبيض في حالة انتخابه.وأقصر طريق لاستبعاد ترامب من هذا السباق كان بحسب أديلسون، لو أدانه مجلس الشيوخ بإحدى أو كلتا التهم الموجهة إليه في 2020 و2021، وهما تباعاً إساءة استخدام السلطة، والتحريض على التمرد.

لكن العفو عن الذات يعد مثار جدل دستوري في الولايات المتحدة، فقسم من الخبراء، يرى أن العفو عن الذات سيكون غير دستوري لأنه ينتهك المبدأ الأساسي القائل بأنه "لا ينبغي لأحد أن يكون القاضي في قضيته".


وجادل آخرون بأن العفو عن الذات أمر دستوري، لأن سلطة العفو مصاغة بشكل واسع للغاية في الدستور، الذي ينص على أن الرؤساء "يتمتعون بسلطة منح إرجاء تنفيذ الأحكام، والعفو عن الجرائم المرتكبة ضد الولايات المتحدة، باستثناء حالات الإقالة"، وفقاً لرويترز.

مكسب مادي وجماهيري

وعلى صعيد آخر، قد تشكل كل هذه التهم مكسباً لترامب، من ناحية مادية أولاً، ومن ناحية جماهرية ثانياً.

ووجه ترامب في سلسلة من الرسائل يومي الخميس والجمعة، مناشدة لأنصاره بالتبرع لحملته الانتخابية، معتبراً في رسائله أن التهم العديدة، هجوم من قبل "الدولة العميقة" على "الرجال والنساء المنسيين المجتهدين في هذا البلد"، وفقاً لما ذكرته صحيفة "ذي غادريان".  وقال ترامب في رسالة عبر البريد الإلكتروني وجهت لأنصاره، "يرجى التبرع للمساهمة في  الدفاع سلمياً عن حركتنا من مطاردة (الساحرات) التي لا تنتهي - وسنثبت معاً، حتى في أحلك الأوقات، إن حركتنا لا تنكسر حقاً". 

وقالت الصحيفة، انتهى البريد الإلكتروني بروابط تطلب من مؤيدي ترامب تبرعات بمبالغ متفاوتة، بدءاً من 25 دولاراً إلى 250 دولاراً، تجمعها اللجنة المشتركة لجمع التبرعات لصالح حملة ترامب (Save America).
وجاء في البريد المرسل أيضاً، "لن يستسلم الرئيس ترامب أبداً ولن يتراجع عن مهمة إنقاذ أمريكا، وهو يعلم أنك لن تفعل ذلك أيضاً، لكن إذا كنت تكافح - مثل الكثير من الأمريكيين الآن - يرجى تجاهل بقية هذه الرسالة، ولا تساهم، واعتني بأسرتك ونفسك". 

ويأتي هذا المطلب، على غرار طلب سابق أعقب محاكمة ترامب في مارس (آذار) الماضي بنيويورك بتهمة تزوير سجلات تجارية بشأن مدفوعات مالية لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز في عام 2016، وحينها قال الرئيس السابق لأنصاره إنه يتعرض لهجوم ويحتاج لمساعدتهم، وتجاوب مؤيدوه مع تلك الدعوة، وارتفعت قيمة التبرعات في أبريل (نيسان) بشكل كبير. 

واستطاعت حملة ترامب جمع 12 مليون دولار في الأسبوع الذي أعقب أول لائحة اتهام وجهت له، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز. ووفقاً لبوليتيكو، فإن حوالي ربع أولئك الذين تبرعوا في الأسبوعين التاليين للائحة الاتهام لم يساهموا أبداً في حملته من قبل.