عمال صينيون في ورشة للألواح الشمسية شرق الصين (أرشيف)
عمال صينيون في ورشة للألواح الشمسية شرق الصين (أرشيف)
الجمعة 23 يونيو 2023 / 12:44

فايننشال تايمز: سيطرة الصين على الطاقة الشمسية تقيّد الغرب

رأى الأستاذ في جامعة هارفارد غراهام أليسون أن التداعيات الجيوسياسية لحلول الطاقة الشمسية مكان النفط كأول مصدر عالمي للطاقة ستكون هائلة. ولفت في صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن وكالة الطاقة الدولية ذكرت أن الإنفاق العالمي على إنتاج الطاقة الشمسية عام 2023 سيتفوق لأول مرة في التاريخ على الإنفاق لإنتاج النفط: 380 مليار دولار على الطاقة الشمسية، مقابل 370 ملياراً على النفط.

العوامل التي تعزز نجاح الصين في هذا المجال هي نفسها التي جعلت منها ورشة تصنيع عالمي بلا منازع


وقالت "فايننشال تايمز" إن الغالبية العظمى من الألواح الشمسية، التي سينفق عليها العالم هذه السنة مالاً أكثر من ذاك المخصص للنفط، تأتي من دولة واحدة فقط، حيث تصنع الصين 80% من جميع الألواح الشمسية المنتجة على مستوى العالم.
وتلاحظ وكالة الطاقة الدولية أن هيمنة الصين تكون أكثر وضوحاً عندما يفحص المرء سلسلة التوريد بأكملها. هي تنتج 85% من الإمداد العالمي للخلايا الشمسية و88% من البولي سيليكون المخصص لهذه الطاقة، و97% من سبائك ورقائق السيليكون التي تشكل جوهر الخلايا الشمسية.

صعود صيني سريع

كان صعود الصين إلى الهيمنة في مجال الطاقة الشمسية سريعاً. سنة 2005، قاد الأوروبيون هذا السباق، حين استحوذت ألمانيا على خُمس صناعة الطاقة الشمسية العالمية. بحلول 2010، وبينما قامت أوروبا بتركيب 8 من كل 10 ألواح شمسية حول العالم، لم تنتج سوى لوح واحد منها فقط. هذه السنة، ستصنع الصين 8 من كل 10 ألواح شمسية منتجة حول العالم وستضيف 5 منها إلى شبكتها. في 2023 وحدها، ستقوم الصين بتركيب طاقة شمسية جديدة أكثر مما قامت الولايات المتحدة بتركيبه منذ أن اشترى الأمريكيون ألواحهم الأولى أوائل السبعينات.

 

 

 

سبب النجاح

إن العوامل التي تعزز نجاح الصين في هذا المجال هي نفسها التي جعلت منها ورشة تصنيع عالمي بلا منازع. وتشمل هذه العوامل رأس المال المنخفض الكلفة والموافقات التنظيمية السريعة والحماية من المنافسة الأجنبية، وانخفاض تكاليف العمالة، وشبكة لا مثيل لها من الموردين، والطلب المحلي السريع النمو.

 

 


تعهدت كل من الولايات المتحدة وأوروبا بخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول 2030، والوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2050. لتحقيق هذه الأهداف، يجب أن يأتي نصيب الأسد من خفض الانبعاثات، عبر التحول من الهيدروكربونات إلى الطاقة الشمسية، حسب أليسون.

حرب متبادلة

في سبتمبر (أيلول) الماضي، حدد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان التكنولوجيا الخضراء بأنها "مضاعف للقوة" إلى جانب أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، وهي مجالات تفرض فيها الولايات المتحدة عقوبات ضد عشرات الشركات الصينية. وخضعت الشركات الصينية لرسوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب إغراق السوق الدولية بالألواح الشمسية ذات الأسعار المنخفضة بشكل مصطنع منذ 2012 و2013 على التوالي. لكن التأثير على حصة الصين المتنامية في السوق العالمية كان محدوداً.


أضاف أليسون أنه مع احتدام حرب التكنولوجيا، تظهر الصين الآن أنه يمكن للطرفين اللجوء إلى هذه اللعبة. حظرت بكين شراء رقائق الذاكرة من شركة ميكرون الرائدة في أمريكا وأجلت الطرح العام الأولي لشركة تصميم الرقائق البريطانية "إيه آر إم". وأعلنت وزارة التجارة الصينية أيضاً أنها تدرس فرض قيود على صادرات التكنولوجيا لإنتاج رقائق شمسية كبيرة جداً، والتي تصنعها الصين بشكل حصري تقريباً.

غير واقعي

يتضمن قانون خفض التضخم الأمريكي ما يصل إلى 100 مليار دولار من الدعم لمصنعي الألواح الشمسية والمستهلكين السكنيين، بالإضافة إلى ما يصل إلى 100 مليار دولار أخرى في شكل إعفاءات ضريبية. يسير الاتحاد الأوروبي على طريق التفوق على الولايات المتحدة لجهة الإعانات الخضراء، ومعظمها يذهب إلى الطاقة الشمسية. ولكن بالنظر إلى حجم هذه الأسواق، من غير الواقعي توقع أن يكون لذلك أي تأثير كبير على اتجاهات الصناعة.

حقيقة قاسية.. وأخرى أكبر

في حين أنه من المؤلم الاعتراف بهذا الأمر، وقد يكون من غير المقبول سياسياً قول ذلك، حسب أليسون، تبقى الحقيقة القاسية أنه في الطاقة الشمسية، كما في التقنيات الخضراء الأخرى ومن بينها السيارات الكهربائية، سيكون المستقبل الأخضر للغرب أحمر اللون. إن الاعتماد على دولة أعلنها الاتحاد الأوروبي "تحدياً منهجياً" له وتعتبرها الولايات المتحدة منافسها الرئيسي أمر مزعج. مع ذلك، إن الحقيقة الأكبر هي أن الأوروبيين والأمريكيين والصينيين يسكنون كوكباً صغيراً. يمكن لانبعاثات غازات الدفيئة غير المقيدة من أي من الثلاثة أن تعطل المناخ، بحيث لا يمكن لأحد أن يعيش في ظله.

التحدي

وختم أبيسون بقوله: "لضمان نجاة مواطنيهم، يتعين على قادة هذه الدول إيجاد طرق للتعاون جنباً إلى جنب مع حتمية المنافسة. ويتطلب ذلك صياغة استراتيجية تتجاوز ما عرفه الكاتب الأمريكي فرنسيس سكوت فيتزجيرالد بأنه اختبار لعقل رفيع المستوى: "احتفاظ العقل بفكرتين متعارضتين في آن واحد، والاحتفاظ مع ذلك بالقدرة الوظيفية". هذا هو التحدي أمامهم".