مقاتلة صينية تنفذ ترديبات في أجواء قرب تايوان.
مقاتلة صينية تنفذ ترديبات في أجواء قرب تايوان.
الأحد 13 أغسطس 2023 / 16:26

ماذا تفعل أمريكا في حالة الغزو الصيني لتايوان؟

24- طارق العليان

تناول دانيال ديفيس، الخبير العسكري وكبير باحثين في مؤسسة أولويات الدفاع الأمريكية، تسارع استعداد بكين للقتال وخوض حرب ضد تايوان، مؤكداً ضرورة أن تفكر واشنطن في إيجابيات وسلبيات خوض حرب مع الصين.

تراوح تكلفة التدخل الأمريكي في حرب بين الصين وتايوان بين هزيمة عسكرية مدمرة وهزيمة عسكرية ساحقة


وكتب ديفيس في مقاله بموقع "1945" الأمريكي أن "على زعماء الولايات المتحدة أن يعلموا أنَّ أي حرب في العصر الحديث ضد دولة هي ند لهم ستكون مُكلفة للغاية. فمن المرجح أن تخسر الولايات المتحدة عدداً كبيراً من الجنود في ساحة المعركة، ونسبةً كبيرة من الآلات العسكرية والمعدات الحربية، وسيكون أثر الحرب على الاقتصاد جسيماً"، كما عليهم أن يحسبوا بحكمةٍ وتأنٍ مقارنة قرار خوض الحرب بتبعات امتناعها عن ذلك.

إخفاقات أمريكية

ولفت الكاتب إلى أن تجاهل إجراء هذا التقييم الأساسي هو أحد أكبر إخفاقات الحكومة الأمريكية في الحروب التي قررت المشاركة فيها منذ الحرب العالمية الثانية. فنصف القرن الماضي حافل بالصراعات التي قررت واشنطن إشعال فتيلها، دون تقييم كلفة القتال مقابل كلفة عدم الاشتباك.

 

 


وتشمل قائمة هذه الصراعات حرب فيتنام وعملية تحرير العراق والفشل الذريع على مدار 20 عاماً في أفغانستان، وهجوم عام 2011 على ليبيا، وحملة عام 2014 على سوريا، والاشتباك العسكري الدائم في القارة الإفريقية.
وفي حين كانت الكلفة البشرية والاقتصادية لهذه الحروب الاختيارية باهظة، يحذر الكاتب من أنها لا تُقارَن بعواقب خوض حرب ضد الصين.
وصرَّحَ مؤسس شركة "سيتيدال" وملياردير صناديق التحوط كين غريفين لشبكة CNBC العام الماضي بأنه إذا فقدت الولايات المتحدة القدرة على الوصول إلى رقائق أشباه الموصلات التايوانية، سواء بسبب الحرب أو بسبب أي اضطرابات أخرى، "فيُحتمل أن تُقدَّر الضربة التي ستلحق بالناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بـ 5% إلى 10% ومضاعفاتها".

حرب تايوان تدمر التجارة العالمية

وحذَّر وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي من أنَّ الحرب على مضيق تايوان "ستدمر التجارة العالمية التي تبلغ قيمتها 2.6 تريليون دولار"، وفقاً لصحيفة "نيكاي آسيا". ولا يمكن لأي دولة أن تقي نفسها التداعيات. إن هذه عواقب حقيقية ومحتملة للحرب بين الصين وتايوان، سواء شاركت الولايات المتحدة فيها أم لا.
وعلى النقيض من حلفاء المعاهدات مع تايوان مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، لا معاهدة دفاع مُشترك بين الولايات المتحدة وتايوان، ولذلك فلا يوجد أي التزام يفرض على الولايات المتحدة شن حرب نيابةً عن تايبيه.

 


في يناير (كانون الثاني) الماضي، نشرَ مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية نتائج 24 محاكاة حاسوبية مُكررة تنطوي على حربٍ في مضيق تايوان بين الصين وتايوان، تُشارك فيها الولايات المتحدة إلى جانب تايوان. ولم تحقق الصين نصراً حاسماً في أي محاكاة على الإطلاق.
ووفقاً لدراسة مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن الحيلولة دون انتصار الصين كان مبنياً على قدرة الولايات المتحدة على "ضرب الأسطول الصيني بسرعةٍ من خارج المنطقة الدفاعية الصينية".
ومع ذلك، وكما أشارت الدراسة، فإن الولايات المتحدة ستنفد لديها الفئات الخطيرة من الصواريخ الهجومية "في أقل من أسبوعٍ واحد". إذا قامت الصين بتخزين ما يكفي من الذخيرة ومخزونات الحرب لمواصلة القتال لعدة أشهر، فقد تعاني الولايات المتحدة من مستويات أعلى من الخسائر، ولن تكون قادرة على عرقلة عمليات جيش التحرير الشعبي الصيني.
ويضيف الكاتب : "إذا أردنا أن نقدر تكلفة الحرب إذا قررت الولايات المتحدة المشاركة في الدفاع عن تايوان، فالحرب الروسية الأوكرانية خير مثال".
ويُظْهِر استخدام أدوات الحوسبة الأكثر تقدماً والتقييمات المعقولة للنطاق المحتمل لنتائج الحرب بين الولايات المتحدة والصين أنَّ المخاطر التي تتعرض لها أمريكا ستكون عالية جداً في أي سيناريو، وربما تكون كارثية إذا ساءت الأمور، حسب الكاتب.

التكلفة الباهظة أم الكارثية

ورأى الكاتب أنه إذا لم يكن هناك من الحرب مفر، فسينحصر السؤال فيما إذا كانت أمريكا ستختار درب التكلفة الباهظة أم التكلفة الكارثية.
وقد يجادل المرء بأن الإجراءات الاقتصادية والدبلوماسية لن تنقذ تايوان من الغزو والخسارة المُحتملة في الحرب.
لكنّ الحقيقة المُرَّة، برأي الباحث، هي أنه إذا قررت بكين أن تشن حرباً في نهاية المطاف، فستغزو تايوان سواء تدخلت الولايات المتحدة أم لم تتدخل، ومن الممكن أن تتراوح تكلفة التدخل الأمريكي في حرب بين الصين وتايوان ما بين الهزيمة العسكرية المدمرة والهزيمة العسكرية الساحقة.