مقاتلات أمريكية خلال عملية تزود بالوقود فوق مضيق هرمز في يوليو (أ ف ب)
مقاتلات أمريكية خلال عملية تزود بالوقود فوق مضيق هرمز في يوليو (أ ف ب)
الثلاثاء 22 أغسطس 2023 / 10:08

هل تتجه المبارزة الخطيرة لإيران في هرمز إلى التصعيد؟

24 - زياد الأشقر

قبل أربعة أعوام، استفاق العالم على حادث كبير في مضيق هرمز عندما صعد في 19 يوليو (تموز) 2019، فريق كوماندوس تابع للحرس الثوري الإيراني، إلى ناقلة النفط ستينا إمبريو، التي تمتلكها السويد وترفع علم المملكة المتحدة، وكانت تبحر في المياه العمانية بمضيق هرمز واستولى على السفينة والطاقم.

وصول البحرية الأمريكية وجنود المارينز شكل أنباء جيدة

وبعد شهرين، أطلقت إيران الطاقم والسفينة، لكن شركات التأمين تملّكها الفزع.

اليوم، يتزايد القلق حول الأمن في مضيق هرمز مرة أخرى، مع إرسال الولايات المتحدة مؤخراً قوة من ثلاثة آلاف بحار ومارينز إلى المنطقة، في جهد لتأمين حرية الملاحة البحرية.

وأتى القرار عقب سلسلة من الهجمات الإيرانية على السفن التجارية، بما في ذلك اثنتان الشهر الماضي وحده، لكن من غير الواضح، إلى أي حد يمكن للولايات المتحدة القيام بهذه المهمة، من دون نشوب مواجهة مع إيران. 

يذكر أن الكوماندوس الذي سيطر على "ستينا إمبرتو" احتجز الطاقم المؤلف من 23 فرداً -من الهند والفلبين وروسيا ولاتفيا- في ميناء إيراني كرهائن في مواجهة مع المملكة المتحدة، التي كانت أوقفت ناقلة نفط يشتبه في انتهاكها العقوبات فقط قبل أسبوعين من الحادث، ومن هناك فصاعداً، بدأت الأمور بالتدهور.

في يناير (كانون الثاني) 2021، استولت إيران على ناقلة كيميائية ترفع علم كوريا الجنوبية في مضيق هرمز.. وبعد شهرين، دمر صاروخ -يعتقد أن إسرائيل أطلقته- سفينة شحن إيرانية، وبعد بضعة أشهر، تعرضت ناقلة ترفع علم ليبيريا وتملكها اليابان ويديرها رجل أعمال إسرائيلي يتخذ لندن مقراً له، بواسطة مسيّرات.

المبارزة البحرية

وتقول مجلة "بوليتيكو" إن هذه المبارزة الخطيرة مستمرة في المضيق الحاسم -وكذلك في الخليج العربي وخليج عمان- وهناك علامات على التصعيد، بعدما حاولت القوات الإيرانية الاستيلاء على سفينتين في المياه الدولية في يوليو، قبل ردعها من قبل السفن الحربية الأمريكية.

ومنذ 2021، هاجمت إيران أكثر من 20 سفينة تجارية، وفق القيادة المركزية الأمريكية. 

ولاحظ المحلل البحري كورماك ماك غاري أن "جوهر المشكلة في مضيق هرمز، تكمن في إشكالية العلاقة بين إيران والولايات المتحدة.. صحيح أن السفن التي هوجمت لم تكن ترفع العلم الأمريكي، لكن شحناتها كانت عائدة لشركات أمريكية، ولذلك فإن الأمر يبدو وكأنه طلقة موجهة إلى القوس الأمريكي".

وتعتبر المجلة أن المشكلة تكمن في أن المرتكبين ليسوا قراصنة يمكن التغلب عليهم وترهيبهم بسهولة.. وهذا مهم لأن السفن التجارية محمية من العنف، الذي تمارسه الدول، في أوقات السلم.. لكنها إذا شعرت بأن هذه الضمانة قد تبددت، فإن سفناً قليلة ستتجرأ على الإبحار، وسيتعين على العالم الانسحاب إلى الاكتفاء الذاتي.

كما أن هذا مهم في هرمز الذي يعتبر الممر البحري الأكثر أهمية بالنسبة لنقل النفط -حيث يمر عبره 30% من النفط الخام- وخصوصاً أن الفوضى في المضيق، تبعث برسالة مفادها أن الدول يمكنها أن تهاجم السفن مع التمتع بالحصانة.

أنباء جيدة

ويتمثل الرد الوحيد كما في كل مرة، في استدعاء القوات الأمريكية، ومن هذا المنطلق، تقول "بوليتيكو" إن وصول البحرية الأمريكية وجنود المارينز شكل أنباء جيدة بالنسبة للناقلات في مضيق هرمز، وكذلك بالنسبة إلى بلدان يعمل مواطنوها على متن هذه السفن وكذلك لدول وشركات تملك تلك السفن.

ويقول الأدميرال المتقاعد أندرو لويس القائد السابق للأسطول الأمريكي الثاني، إن الخطة بالنسبة للبحرية وجنود المارينز هي نشر فرق أمنية على متن سفن تجارية، على الرغم من أن هوية هذه السفن غير واضحة.

لكن عناصر الحرس الثوري أكثر جرأة من القراصنة.. وقال لويس: "إنهم حقيقة أكثر احترافاً ويعرفون ما يفعلون.. إنهم عدوانيون لكنهم محترفون ويفهمون القواعد الأساسية للإجراءات البحرية، ويستخدمون الأسلحة ضد بحارة غير مسلحين.. إنه سلوك جديد، وقد تسارع هذا الأمر مؤخراً".

وفي الواقع، فإن هذا التكتيك الإيراني بقدر ما هو فاعل في التعطيل، فإن بعض الدول قد تستخدمه في مياهها الإقليمية.

ولفت ماك غاري إلى أنه "يجب أن نكون قلقين في شأن بؤر التوتر الجيوسياسية وكيف تمضي أحوال الملاحة في هذه المناطق.. بحر البلطيق ومضيق تايوان لا يشبهان مضيق هرمز، لكن مالكي السفن بحاجة إلى الانتباه".

وعلى سبيل المثال، عندما اجتمعت الرئيسة التايوانية مع رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن ماكارثي في كاليفورنيا في أبريل (نيسان) الماضي، بعثت الصين "بأسطول تفتيش" إلى مضيق تايوان، مهددة بعمليات "تفتيش" لنحو 240 سفينة تعبر المضيق يومياً.. وحتى قبل الهجوم الروسي على أوكرانيا، خادعت روسيا أجهزة التعريف الآلي للسفن التي تمخر البحر الأسود.. والآن، انضمت إلى إيران كدولة منبوذة، بحيث يمكنها إشغال الناتو من خلال تعطيل الملاحة في البحر الأسود.

ومن غير الواضح كيف يمكن للبحرية الأمريكية وجنود المارينز أو أي قوة أخرى، تقويض التحرش البحري الذي تمارسه إيران -والذي لا يعتبر إعلان حرب- من دون المخاطرة بنزاع مسلح معها.. وقال لويس إن "الإيرانيين والروس والصينيين ليسوا أغبياء.. إنهم سيبقون في المنطقة الرمادية (بين الحرب والسلام)، ويملكون حرية فعل أشياء لا تستطيع الليبراليات الديمقراطية فعلها".