وزيرة الخارجية الليبية المعزولة نجلاء المنقوش ووزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (أرشيف)
وزيرة الخارجية الليبية المعزولة نجلاء المنقوش ووزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين (أرشيف)
الثلاثاء 29 أغسطس 2023 / 15:33

بعد اجتماع "أشعل" ليبيا.. هل تطيح أزمة "لقاء" كوهين والمنقوش بحكومة الدبيبة؟

24 - شادية سرحان

أثار اللقاء المثير للجدل بين وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ونظيرته الليبية نجلاء المنقوش، الأسبوع الماضي في روما، غضباً شعبياً وسياسياً في ليبيا، وصل إلى حد إقالة الوزيرة.

كما أثار اللقاء التساؤلات حول مستقبل حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة والمُقالة من البرلمان، وسط غضب واشنطن من تل أبيب، بسبب كشف الأخيرة عن سرية اللقاء.

وعقب ساعات من تسريب وزارة الخارجية الإسرائيلية، لخبر اللقاء، اندلعت احتجاجات في العاصمة طرابلس، وأضرمت النيران أمام مبنى رئاسة مجلس الوزراء، وردد المتظاهرون هتافات تطالب بإسقاط حكومة الدبيبة، وترفض أي تواصل ليبي مع الحكومة الإسرائيلية، كما نددت أوساط سياسية ليبية بلقاء كوهين والمنقوش.

وجاء الإعلان الأول عن اللقاء، في بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية، مساء الأحد، قالت فيه إن كوهين اجتمع مع المنقوش في العاصمة الإيطالية روما، الأسبوع الماضي.

وأضاف البيان أن الوزيرين ناقشا خلال الاجتماع الذي يعتبر أول لقاء على الإطلاق بين وزيري خارجية البلدين، "الإمكانات الكبيرة التي يمكن أن توفرها العلاقات بين ليبيا وإسرائيل".

 وأعلن الدبيبة الليلة الماضية أنه أوقف وزيرة خارجيته عن العمل مؤقتاً، وفتح تحقيقاً في الأمر، في حين نقلت وسائل إعلام ليبية عن مصدر حكومي القول إن الدبيبة أقال الوزيرة، إضافة إلى تكليفه وزير الشباب، فتح الله الزني، بتسيير العمل في وزارة الخارجية الليبية مؤقتاً.

زوبعة سياسية

وبعد الضجة الكبيرة التي رافقت تسريب تل أبيب لتفاصيل اللقاء المثير للجدل، أثار الخلاف بشأن اللقاء زوبعة سياسية داخلية، ما أعطى معارضي الدبيبة فرصة لانتقاده، خاصةً بعد تأكيد التسريب الإسرائيلي بأن اللقاء تم الترتيب له مسبقاً على أعلى المستويات، فهل تطيح هذه الأزمة بحكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة؟

وتعليقاً على اللقاء، أكدت رئيسة الباحثين في منتدى صنع السياسات في لندن، الدكتورة رنا خالد أن "الجدل الذي أثاره اللقاء يعد اقوى ازمة سياسية تواجه حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا" .

وأضافت أن "تأخر رد الحكومة وحسم موقفها، مع تضارب الأنباء حول مصير الوزيرة، أديا الى تفاقم الأزمة وتصاعد التكهنات بأن اللقاء لم يكن عرضياً كما تم الادعاء"، مشيرةً إلى "تصريحات الخارجية الإسرائيلية بشأن الهدف من وراء هذا اللقاء، ما دعم فرضية  أن هذا اللقاء كان بعلم حكومة الدبيبة".

هروب الوزيرة

ويشار إلى أن  الأنباء لاتزال متضاربة حول مكان وجود وزيرة الخارجية الليبية الموقوفة عن العمل،  في حين  كشفت وسائل إعلامية محلية، أمس الإثنين، عن سفر المنقوش إلى اسطنبول ثم إلى لندن.

وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" أمس عن مستشارة للوزيرة، التي أعلن الدبيبة وقفها عن العمل والتحقيق معها بشأن اللقاء، أنها فرت إلى تركيا "خوفاً على سلامتها".

وقالت مستشارة الوزيرة سالمين أسعد للصحيفة، إن المنقوش سافرت جواً إلى تركيا بسبب "مخاوف تتعلق بالسلامة"، مضيفة أن "الناس غاضبون" وأشعلوا النيران احتجاجاً، ولكن في المقابل نفى أمن مطار معيتيقة السماح لها بمغادرة البلاد.

الإطاحة بحكومة الدبيبة

تقول الباحثة السياسية، إن "معارضي الدبيبة استغلوا الحادثة لإثارة الفوضى"، مضيفةً أن "هذه الحادثة قد تكون قاسية على حكومة الدبيبة، ولكنها ليست آخر مشاكل حكومة الوحدة الوطنية الليبية، حيث أنها تواجه منذ فترة تهديدات البقاء خاصة مع انتكاسة الأوضاع الأمنية في العاصمة الليبية، والحديث عن توصل لجنة 6+6 إلى اتفاق حول تشكيل حكومة مؤقتة إلى حين إجراء الانتخابات العامة".

ويذكر أن  ليبيا لديها حكومتان واحدة في طرابلس برئاسة الدبيبة معترف بها دولياً، والثانية في بنغازي كان يقودها فتحي باشاغا قبل أن يستقيل.

وبعد جلسة طارئة لبحث تداعيات الأزمة، أكد مجلس النواب الليبي، أن سحب الثقة من هذه الحكومة كان صائباً.. وقال مجلس النواب الليبي، في بيان إن "الحكومة منتهية الولاية تورطت في لقاءات مع الإسرائيليين مقابل وعود استمرارها في السلطة"، مضيفاً أن "هذه الحكومة لا تمثل الشعب الليبي لأنها فقدت شرعيتها".

وطالب المجلس "النائب العام الليبي بالتحقيق مع حكومة الدبيبة بجريمة التواصل مع إسرائيل"، داعياً جميع الأجهزة في الدولة إلى التعامل مع الحكومة المكلفة من مجلس النواب فقط (برئاسة أسامة حماد).

وبدوره، علق رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح على اللقاء قائلاً: "نرفض أي شكل من أشكال التواصل مع الكيان الصهيوني"، مضيفاً "فلسطين تسيطر على أحاسيس الليبيين، حتى أصبحت شغلهم الشاغل فينتشون بذكرها ويرقبون يوم تحريرها وينتظرون عودة أهلها". 

ويعاقب  القانون الليبي   بالسجن ما بين 3  و 10 سنوات كل من يتعامل مع إسرائيل.

غضب أمريكي وتنصل إسرائيلي

وتعليقاً على كشف تل أبيب تفاصيل اللقاء، وجهت إدارة الرئيس جو بايدن احتجاجاً شديد اللهجة إلى تل بيب بسبب التسريب الإسرائيلي، بحسب ما نقله موقع "أكسيوس" الإخباري، عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين.

وقال مسؤولون أمركيون في تصريحات لـ "أكسيوس"، إن إدارة الرئيس جو بايدن "قلقة" من عواقب الكشف عن الاجتماع السري، متوقعين أن "يؤدي إلى قتل الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين البلدين"، و"الإضرار بالجهود الجارية الأخرى مع الدول العربية، فضلاً عن الإضرار بمصالح الأمن القومي الأمريكي".

ونقل الموقع الأمريكي عن مسؤول مطلع قوله إن إدارة بايدن فهمت أن اللقاء بين كوهين والمنقوش، كان من المفترض أن يكون لقاءً سرياً، وتفاجأ المسؤولون عندما كشفه كوهين في بيان صحافي رسمي.

وزعم أحد مساعدي كوهين، متحدثًا إلى " أكسيوس"، أنه كان هناك تفاهم خلال الاجتماع على أن الأمر سيصبح علنياً في النهاية.. لكن مسؤولاً أمريكياً، قال إن "الليبيين لم يقصدوا أن يصبح الاجتماع علنياً".

ووفق الموقع الأمريكي، تحدث المسؤولون الأمريكيون إلى كوهين ومسؤولين آخرين بوزارة الخارجية الإسرائيلية، الأحد، وقدموا احتجاجاً على طريقة تعامل إسرائيل مع المسألة، بينما تنصلت الخارجية الإسرائيلية من وقوفها خلف "تسريب" تفاصيل عن اللقاء

وقالت مصادر إن "كوهين أبلغ المسؤولين الأمريكيين أنه قرر نشر البيان بعد أن اتصلت به وسائل الإعلام الإسرائيلية للتعليق على الاجتماع"، في حين قال مسؤول أمريكي  إنه  "حتى لو كان هناك تسريب، كان على كوهين أن يرفض التعليق".

وأضاف مسؤولان أمريكيان وآخر إسرائيلي للموقع إن "إدارة بايدن تعمل منذ عامين لمحاولة دفع ليبيا إلى الانضمام إلى اتفاقات أبراهام للسلام، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل". 

وفي السياق ذاته، قالت القناة 13" الإسرائيلية إن "السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نايدس التقى كوهين، وأبلغه احتجاج واشنطن "على السلوك الإسرائيلي"، بينما رد الوزير بأن إسرائيل "لن تكشف بعد الآن عن أي تفاصيل تتعلق بمثل هذا اللقاء".

وأضافت القناة "رسالة الإدارة الأمريكية هي أن هناك مشكلة وعلى إسرائيل حلها"، مشيرةً إلى أن "كوهين أكد أن إسرائيل تتفهم المشكلة"، وأنها "لن تعبر بعد الآن عن رأيها علناً في مثل هذا الشأن".

تعليمات جديدة

وبدوره، أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، اليوم الثلاثاء، "تعليمات إلى جميع الوزارات بالحصول على الموافقة المسبقة، على أي لقاء سياسي سري من مكتب رئيس الوزراء".

ووفقاً للتوجيهات الجديدة فإن أي نشر لاجتماع سري يتطلب موافقة شخصية من رئيس الوزراء نتانياهو.

كما وجه مسؤولون إسرائيليون انتقادات شديدة لسلوك كوهين، أبرزهم  كان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الدي اعتبر أن التسريب غير مسؤول ويؤشر لفشل الحكم.