مقاتل يحمل علم كردستان العراق
مقاتل يحمل علم كردستان العراق
الأربعاء 30 أغسطس 2023 / 14:57

هل تتّحد تركيا وإيران ضد أكراد العراق؟

24 - طارق العليان

في 11 أغسطس (آب) الماضي، شنّت تركيا سلسلة هجمات بطائرات مُسيّرة عبر الحدود في كردستان العراق ضد أهداف مزعومة لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا منظمة "إرهابية".. والمعروف أن هذه الجماعة تملك قواعد عسكرية في المناطق الحدودية.

تتفق معظم الدول الإقليمية المتنافسة على أن كردستان المستقلة فكرة عقيمة

وتشير الهجمات الأخيرة إلى أن العلاقات بين أنقرة وطهران تشهد مرحلة جديدة، وربما أبرم الطرفان صفقة سرية جديدة للتعاون على تقويض الحكم الذاتي الكردي في العراق، وفق تحليل للكاتب الصحفي شاد شيركو المقيم في كردستان العراق، في مجلة "ناشونال إنترست".

ولفت الكاتب إلى أنه من الضروري النظر إلى التطورات السياسية الأخيرة في المنطقة، لفهم سبب تكثيف تركيا مؤخراً لهجماتها بالطائرات المُسيرة عبر الحدود، في منطقة السليمانية القريبة من الحدود الإيرانية تحديداً، مشيراً في هذا السياق إلى استهداف أنقرة في أبريل (نيسان) مطار السليمانية الدولي في غارة غير مسبوقة بالطائرات المسيّرة، وأصابت أماكن يستخدمها المدنيون بكثافة.

نفوذ تركي - إيراني

وتتمتع أنقرة وطهران بنفوذ كبير على السياسة الكردية في العراق، وأمست السليمانية الواقعة تحت سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني تحت دائرة الضوء، إذ حاولت طهران منذ فترة طويلة التصدي لنفوذ أنقرة وتوسعاتها في المنطقة.

وفي الوقت عينه، أقدمت أنقرة على الشيء ذاته في محافظتي دهوك وأربيل، الخاضعتين لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وعلى الرغم من أن تركيا وإيران خصمان، لم يصل التنافس بينهما إلى صراع مباشر، وإنما اشتبكتا عن طريق قوات تعمل بالوكالة عنهما. 

والمعلوم أن كلاً من إيران وتركيا تقاتلان من أجل ضمان نفوذهما في الشرق الأوسط، بدعم من وكلاء متعارضين في الدول الغارقة في الصراعات والحروب الأهلية.

وأشار الكاتب إلى أن حزب العمال الكردستاني كان أداة للضغط على تركيا، بسبب صفقة غير رسمية بين جماعة إيرانية موالية لحزب العمال الكردستاني، تُعرف باسم حزب الحياة الحرة الكردستاني.

غير أن ذلك ليس له ثقل اليوم، فهجمات أنقرة المتزايدة في نطاق نفوذ طهران شاهد على أن قوة التنافس الإقليمي بين البلدين، قد وهنت بالتزامن مع نمو العلاقات الاقتصادي.

وأفاد الكاتب إلى أن احتياجات الطاقة التركية المهولة وموارد النفط والغاز الطبيعي الهائلة في إيران، كانت بمثابة محفزات مهمة للتعاون التركي - الإيراني المتزايد في العقد الأخير.

ونظراً لاعتماد تركيا على الطاقة الإيرانية، وخاصة الغاز الطبيعي، ستسعى أنقرة إلى تحري المرونة في سياستها تجاه إيران.

ومن ناحية أخرى، شنت إيران سلسلة من الهجمات الصاروخية في عمق محافظة أربيل، حيث ينتهي نطاق نفوذ أنقرة الممتد من محافظة دهوك.. وفي عام 2022، شهدت الهجمات الإيرانية تصعيداً شديداً.

اتفاق ضمني ضد كردستان

يقول الكاتب: "يَصعب أن نصدق أن القوتين الإقليميتين يمكن أن تتدخلا علناً في منطقة متنازع عليها، مثل كردستان العراق من دون اتفاق ما".

في مارس (آذار) 2022، شن الحرس الثوري الإسلامي الإيراني هجوماً صاروخياً على أربيل، إذ استهدف مقراً مزعوماً للموساد.. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)  2022، شن مجدداً هجمات على بلدة كويا في أربيل بطائرات مسيّرة وصواريخ كاميكازي لضرب مقر الحزب الديمقراطي الكردي، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.

 وحض مسؤولون إيرانيون مراراً الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان على نزع سلاح الجماعات الإيرانية الكردية، مهددين بشن هجوم عسكري في عمق أراضي المنطقة.

كردستان مستقلة.. فكرة عقيمة

ولفت الكاتب إلى أنه في منطقة الشرق الأوسط المنقسمة، تتفق معظم الدول الإقليمية المتنافسة على أن كردستان المستقلة فكرة عقيمة، ويسري ذلك خصيصاً على تركيا التي يشكل سكانها الأكراد البالغ عددهم 15 مليوناً  ما بين 15% و20% من سكان الدولة.

وتوصلت أنقرة وطهران حالياً إلى استنتاج مفاده أن إقامة منطقة حكم ذاتي كردية في أي مكان في العالم، من شأنه أن يشجع حركات الاستقلال الكردية في كل مكان.

وتواجه تركيا وإيران بالفعل حركاتهما الكردية القومية، وبعضها مسلح كحزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، اللذين يحتفظان بعدد كبير من القواعد في الأراضي الكردية العراقية.. واتهمت طهران الحزب الديمقراطي الكردستاني بإثارة الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران، التي اجتاحت الدولة لعدة أشهر بسبب وفاة فتاة كردية لدى شرطة الآداب الإيرانية.

نحو إقامة منطقة كردية ضعيفة

ويقول الكاتب: "ستكون أي منطقة كردية ذات حكم ذاتي نموذجاً لأولئك الذين يقاتلون لتحرير الأجزاء المتبقة مما يعرف بكردستان، التي انقسمت منذ فترة طويلة بين العراق وإيران وتركيا وسوريا.

وكانت الحكومات تخشى أن يؤدي أي انصياع للمطالب الكردية لمزيد من مطالبات الاستقلال".

ولذلك فلا بد، من وجهة نظر أنقرة وطهران، من إقامة منطقة كردية عراقية خانعة أو ضعيفة، حسب الكاتب.