تصاعد أعمدة الدخان في مدينة سيفاستوبول الساحلية في شبه جزيرة القرم بعد استهداف أوكرانيا لمقر الأسطول الروسي
تصاعد أعمدة الدخان في مدينة سيفاستوبول الساحلية في شبه جزيرة القرم بعد استهداف أوكرانيا لمقر الأسطول الروسي
الأحد 24 سبتمبر 2023 / 13:55

بعد نجاح هجومها الأخير.. لماذا تواصل أوكرانيا استهداف القرم والأسطول الروسي؟

24 - شادية سرحان

في محاولة للتأكيد على رفضها التنازل عن أي جزء من أراضيها، تواصل أوكرانيا منذ أسابيع استهدافها لشبه جزيرة القرم التي استولت عليها روسيا وضمتها في 2014، ففي الجمعة الماضي شنت قواتها هجوماً على مقر قيادة الأسطول الروسي في البحر الأسود، ما أدى لمقتل جنرالات روس "مهمين"، بحسب التصريحات الأوكرانية.

من أهم أهداف أوكرانيا في استهداف الأسطول الروسي فك العزلة الملاحية

تواصل أوكرانيا هجومها المضاد والمستمر منذ 4 أشهر تقريباً

تشدد روسيا على أنها لن تتخلى أبداً عن شبه جزيرة القرم

وأعلنت أوكرانيا، أمس السبت، أن عشرات الأشخاص بينهم شخصيات قيادية في البحرية الروسية، قتلوا أو جُرحوا في هجوم صاروخي شنته الجمعة، على مقر قيادة الأسطول في ميناء سيفاستوبول، في شبه جزيرة القرم.

وقال رئيس الاستخبارات الأوكرانية كيريلو بودانوف: إن "تفاصيل الهجوم ستُكشف في أسرع وقت"، مضيفاً أن "النتيجة كانت مقتل وجرح عشرات المحتلين بينهم شخصيات قيادية رفيعة في الأسطول، وأن الهجوم وقع أثناء انعقاد "اجتماع لقيادة البحرية الروسية".

وفي المقابل، قالت روسيا إن الهجوم أسفر عن مقتل جندي واحد، كما لم تقدم أوكرانيا أي دليل على الخسائر في صفوف الأسطول الروسي.

وأظهرت لقطات تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي تصاعد دخان كثيف من المقر العام للأسطول الواقع في مدينة سيفاستوبول الساحلية في القرم.

تعطيل خطوط الإمداد الروسية

وفي حين تواصل أوكرانيا هجومها المضاد والمستمر منذ 4 أشهر تقريباً، لا تزال قواتها تشن هجمات متكررة على شبه جزيرة القرم، من أجل رغبتها بتعطيل خطوط الإمداد الروسية ووضع حد للسيطرة العسكرية الروسية على البحر الأسود.

ولم يكن هجوم الجمعة الأول، فقد تعرض مقر الأسطول لاستهداف في 31 يوليو(تموز) 2022، أصيب خلاله 6  أشخاص بجروح جراء ضربة بطائرة مسيّرة متفجرة على مبنى المقر،  فلماذا تصر كييف على قصف القرم واستهداف الأسطول الروسي؟.

تاريخ الأسطول الروسي

يعمل الأسطول الروسي في البحر الأسود وبحر آزوف والبحر الأبيض المتوسط، بحسب التقارير، ويتمركز الأسطول في ميناء سيفاستوبول، وهو أحد مراكز قيادة العمليات الروسية ضد أوكرانيا.

وتأسس الأسطول على يد الأمير الروسي بوتيمكين في عام 1783، وبعد الثورة البلشفية، تحولت السيطرة عليه لجمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية، قبل أن يصبح جزءاً من البحرية السوفيتية في عام 1922 مع تأسيس الاتحاد السوفيتي.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، تم تقسيم الأسطول مع أوكرانيا، وحصلت روسيا على حق ملكية معظم الأسطول وسفنه في عام 1997.

ويقع المقر العام للأسطول الروسي في البحر الأسود وسط مدينة سيفاستوبول في شبه الجزيرة التي ضمتها موسكو، ويتمركز باقي الأسطول في مواقع مختلفة على البحر الأسود وبحر آزوف، بما في ذلك منطقة روستوف وشبه جزيرة القرم.

أهمية الأسطول

يتضمن المقر العام للأسطول الروسي 6 طرادات صواريخ موجهة، وطراداً متعدد الأدوار و7 غواصات هجومية تعمل بالديزل، و7 سفن إنزال، إلى جانب زوارق إنزال عالية السرعة وطرادات وكاسحات ألغام بحرية وزوارق مكافحة التخريب.

واتخذت موسكو خطوات لتعزيز الأسطول، بما في ذلك خطط لإنشاء سفينة هجومية جديدة بطائرات هليكوبتر لتكون السفينة الرئيسية، لكن تواريخ الانتهاء من هذه المشاريع لا تزال غير واضحة.. على الرغم من أن التكوين الدقيق للسفن الجديدة والتواريخ التي من المتوقع أن تدخل فيها الخدمة غير واضحة.

استعادة القرم.. بأي ثمن

وتشدد روسيا على أنها لن تتخلى أبداً عن شبه جزيرة القرم، بينما تؤكد أوكرانيا أن الهجمات على أهداف الجيش الروسي في الأراضي المحتلة ومن بينها القرم "مشروعة".

وبهذا الشأن، يقول رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، الدكتور عماد أبوالرب: "بعد ضم روسيا، لشبه جزيرة القرم 2014، حاولت أوكرانيا بشتى الطرق استعادة شبه الجزيرة وأجرت العديد من جلسات التفاوض برعاية الأمم المتحدة ووسطاء متعدّدين، ولكنها واجهت تعنتاً روسياً وإصراراً على إبقاء القرم تحت إدارتها واعتبرتها حقاً تاريخياً لها".

وأضاف "بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، قامت موسكو بفرض حصار بحري على حركة السفن القادمة والخارجة من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، وكثّفت وجود سفنها وغواصاتها البحرية والتي أصبحت منطلقاً رئيسياً للصواريخ الروسية التي تستهدف البنى التحتية في المدن الأوكرانية".

وأوضح الدكتور أبوالرب أن "كل ذلك جعل من أهم أهداف أوكرانيا فك العزلة الملاحية بإنهاء وجود القطع الحربية الروسية في البحر الأسود، حتى تستطيع تصدير منتجاتها بشكل سلس وحتى تستورد البضائع من السوق الدولي خاصة المواد الغذائية والخضار والفواكه والملابس والأدوية وغيرها"، مضيفاً أن"أوكرانيا اعتبرت أن استهدافها لهذه القطع البحرية حق قانوني لها وشنت على فترات مختلفة هجمات ناجحة كان من أبرزها تدمير وإغراق البارجة  موسكوفا والتي تعتبرها روسيا من أبرز قدراتها العسكرية البحرية".

وتابع  قائلاً: "شهدنا تطوراً نوعياً في المعدات الهجومية الأوكرانية شمل الزوارق البحرية والطائرات المسيّرة، والتي أصبحت تشكل عبئاً كبيراً على القوات الروسية لأنها عجزت أن تصد كل هذه الهجمات المتتالية والمستمرة".

ويرى الدكتور أبوالرب، في ختام حديثه، أنه "من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان يمكن تحقيق  أهداف أوكرانيا باستعادة أراضيها المحتلة، وفك الحصار البحري الذي تفرضه روسيا"، مؤكداً ثقته في نجاح أوكرانيا في "إنهاء الحصار البحري والهجمات البحرية الروسية"، وأضاف "أنا على ثقة من استعادة أوكرانيا لمساحة كبيرة من أراضيها، وربما كامل الأراضي ضمن حدودها الدولية المعترف بها عند استقلالها 1991".