الشرطة في كوسوفو في حالة تأهب (رويترز)
الشرطة في كوسوفو في حالة تأهب (رويترز)
الأحد 1 أكتوبر 2023 / 16:19

بوتين يؤجج الصراع على جبهة جديدة في قلب أوروبا

في ظل التوترات المتزايدة، صار الهدف الاستراتيجي الشامل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين واضحاً، وهو تفكيك الناتو وكشف نقاط الضعف فيه، ومع تعرض روسيا لانتكاسات في أوكرانيا، فإن التهديد المباشر لأعضاء الناتو مثل بولندا ودول البلطيق قد يخف إلى حد ما.

هذه الخطة ترمي إلى تحقيق ثلاثة أهداف

ومع ذلك ، تقول صحيفة "تلغراف" البريطانية إن منطقة البلقان هي المكان الذي يكمن فيه أضعف جناح لحلف شمال الأطلسي، ما يمثل هدفًا مناسبًا لطموحات روسيا.

وفي واحدة من أسوأ المواجهات، منذ أعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا في عام 2008، هاجم الأسبوع الماضي العشرات من الصرب المدججين بالسلاح الشرطة في شمال كوسوفو وتحصنوا في كنيسة أرثوذكسية، الأمر الذي أدى إلى مقتل ضابط شرطة و3 من المهاجمين.

هجوم إرهابي


ووصف قادة كوسوفو الهجوم بأنه هجوم إرهابي. ونفى الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أي تورط له، واشتكى إلى سفير روسيا لدى صربيا من أن رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي، ينفذ "تطهيراً عرقيًا وحشيًا" بدعم من الغرب.
وتقول الكاتبة إيفانا سترادنر، وهي باحثة في "مؤسسة الدفاع عن الدميقراطيات" إن هذا التصعيد هوبمثابة حلم أصبح حقيقة بالنسبة لموسكو.

 


وتعمل صربيا وروسيا على إعداد الصرب للتصعيد في كوسوفو منذ أشهر، مما يؤدي إلى تأجيج التوترات في البلقان، لتشتيت انتباه الغرب عن حربه في أوكرانيا.
وأعيد إحياء الدعاية التي تكرر الادعاء القديم بأن كوسوفو تنتمي إلى صربيا، وزعم أحد العناصر الدعائية أن بريطانيا تستعد لحرب هناك، الأمر الذي أشعل فتيل العنف العرقي في المنطقة من قبل.

استغلال الحادث


وسارعت روسيا إلى استغلال الحادث، إذ أعلن متحدث روسي أن "الضغوط الغربية الإضافية" تدفع "منطقة البلقان بأكملها إلى حافة خطيرة".

 

 


ويدرك بوتين أنه لا يحتاج إلى إرسال قوات عسكرية إلى البلقان، فهو قادر على استخدام الحرب بالوكالة لزعزعة استقرار المنطقة، وإعادة ترسيخ روسيا باعتبارها المفاوض الوحيد، الذي يمكن الاعتماد عليه في الصراع هناك.
وترى الكاتبة أن هذه الخطة ترمي إلى  تحقيق 3 أهداف، هي صرف انتباه الغرب عن أوكرانيا، وتعزيز مكانة موسكو الإقليمية، ومنح بوتين نفوذاً على القوى الغربية، إذا أرادت منع تصاعد الصراع في المنطقة.

مكاسب صربيا


وبدورها، يمكن لصربيا تحقيق مكاسب أيضاً، إذ قام فوتشيتش بالتصعيد ثم التهدئة في كوسوفو، مقدماً نفسه كركيزة للاستقرار، وورقة مساومة مع الغرب. الهدف النهائي لفوتشيتش هو الاحتفاظ بالسلطة، وتساعده أزمة كوسوفو على صرف الانتباه عن قضاياه السياسية الداخلية، وتعزيز الدعم للانتخابات المقبلة.
واتخذ البيت الأبيض خطوة غير مسبوقة بالتحذير علناً من "انتشار عسكري صربي كبير على طول الحدود مع كوسوفو"، ويمكنه بدلاً من ذلك استخدام قواعد اللعبة التي يمارسها بوتين، ويرسل جنوداً، دون أي شارات لتقويض كوسوفو، وإتاحة قدر معقول من الإنكار، ولعل هذا هو بالضبط ما حدث بالفعل.

الناتو


وأعلن الناتو أنه يعزز وجود قواته في كوسوفو - مع قيام وزارة الدفاع البريطانية بنقل قيادة كتيبة عسكرية إليه لتقديم المساعدة - ولكن الكاتبة تحضه على فعل المزيد وبسرعة لقمع العنف وتحذير روسيا وصربيا. . والأمر الأكثر إلحاحاً هو أنها تحتاج إلى تكثيف عملياتها الإعلامية في الداخل والخارج. ومن الممكن أن تمتد أزمة أخرى في كوسوفو بسهولة إلى مقدونيا الشمالية، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي، وقد تخلف عواقب وخيمة على الدفاع الأوروبي، في وقت حيث أصبحت الولايات المتحدة مشتتة بسبب انتخاباتها المقبلة. هذه لحظة خطيرة، لكن قليلين هم الذين يتحدثون عنها.
بعد مرور 3 عقود على تفكك يوغوسلافيا الدموي، لم تختف التوترات العرقية في منطقة البلقان، وعلى الرغم من التفوق العسكري الشامل الذي يتمتع به حلف شمال الأطلسي، إلا أن نفوذه ضعيف في البلقان، وتستمر روسيا في التفوق عليه في المناورة هناك. لقد حان الوقت لكي يعزز حلف شمال الأطلسي وجوده في المنطقة، ويضع روسيا في موقف دفاعي.