الصين وتايوان (رويترز)
الصين وتايوان (رويترز)
الأربعاء 3 يناير 2024 / 14:11

خبير سياسي: كابوس تايوان أصبح حقيقة بالنسبة للصين

شهدت تايوان تحولاً ديموغرافياً وسياسياً كبيراً للغاية خلال العقود الأخيرة، تحول يمنع عملياً أي إعادة توحيد سلمية بين تايوان والصين، حسبما يرى الخبير السياسي الدكتور جيمس هولمز رئيس كرسي جيه سي ويلي للاستراتيجية البحرية بكلية الحرب البحرية الأمريكية.

ويضيف الدكتور هولمز في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، أن "الصين تواجه واقعاً سياسياً جديداً في تايوان: فلم يعد هناك أصدقاء لها"، كما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" مؤخراً.

وإذا لم تحظ الصين بأي دعم من جانب الأحزاب السياسية في تايوان، فإن هناك احتمالاً ضئيلاً في أن ينجح شخص ذو علاقة ودية مع الصين، في الفوز بمنصب رئيس تايوان في الانتخابات التي ستجرى هذا الشهر.

ويوضح هولمز أنه بدون رئيس وبرلمان تربطهما صداقة بالصين، ليست هناك فرصة لدى الصين لتحقيق هدفها الأسمى وهو السيطرة على تايوان دون قتال. وسوف تضطر لاستخدام القوة المسلحة مع كل ما تنطوى عليه الحرب من أخطار وتكاليف. وليس بوسع كيان الحزب الشيوعي الصيني إلا أن يلوم نفسه فقط على الوصول إلى هذا الوضع المؤسف. إذ يبدو أن دبلوماسيته استهدفت عن عمد تقريباً إبعاد الأصدقاء المحتملين، وتوحيد صفوف التحالفات والإئتلافات لهزيمة أهداف الحزب الشيوعي الصيني.

ويمكن القول بصراحة إن التركيبات السكانية ليست صديقة للصين في مضيق تايوان. ومنذ حوالي 20 عاماً، كانت المشاعر بين سكان تايوان منقسمة بشكل متساو تقريباً ما بين المؤيدين لإعادة توحيد الجزيرة مع الصين والمؤيدين للاستقلال. وفي أقصى الحدود يمكن القول أن نحو 10% يؤيدون إعادة التوحيد الفورية، و10% يؤيدون الاستقلال الفوري.

وأما الـ80% الباقون، فإنهم يبدو أنهم راضون تقريباً بالوضع الراهن لتايوان، ويعربون عن تأييدهم لإعادة التوحيد أو الاستقلال لكن ليس على أساس جدول زمني معين. والمعتدلون يسعدهم بقاء الوضع عليه للأبد بدلاً من حدوث اضطراب نتيجة أي تغيير سياسي جذري.

ومنذ ذلك الحين، تدهورت الأمور من وجهة نظر بكين. ويعتبر حدوث تغير في الأجيال أمراً حتمياً، حيث تختفي الأجيال القديمة وقد تتغير اتجاهات أي مجتمع مع تولي الأجيال الشابة التي شكلتها تجارب تكوينية مختلفة زمام الأمور.

ويقول هولمز أنه منذ مطلع القرن، انخفضت نسبة "مواطني الوطن الأم" الذين فروا إلى تايوان في أعقاب الهزيمة في الحرب الأهلية الصينية، والذين يعتبرون أنفسهم أساساً صينيين إلى %3 من السكان، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال". وهذه ليست نسبة كبيرة مؤيدة لاتحاد عبر المضيق. ولن يهتم أحد بنسبة 3% من الناخبين.

وسكان الجزيرة من الشياب يعتبرن أنفسهم أساساً تايوانيين وليس صينيين. ولا يظهرون قدراً كبيراً من الانتماء- ناهيك عن الولاء- للصين. وليس من الغريب إذاً أنه لم يقم أي حزب من الأحزاب الثلاثة المتنافسة على الرئاسة في تايوان، بجعل إعادة التوحيد موضوعاً رئيسياً خلال السعي لاكتساب أصوات الناخبين. بل العكس في حقيقة الأمر. إذ أنه حتى الحزب القومي الصيني أوالكومنتانغ، والذي كان مقرباً إلى بكين في الماضي، لجأ إلى التزام الصمت تقريباً فيما يتعلق يالدعوة إلى علاقات أكثر قرباً عبر المضيق. وهذه هي الطريقة التي تعمل بها السياسة الانتخابية.

وأكد هولمز أنه من الخطأ الاعتقاد بأن الشيوعيين سوف يتفهمون تقلبات السياسات الديمقراطية. إذ أن تصرفات الصين تجاه تايوان ترقى في حقيقة الأمر إلى مستوى سوء الممارسة الدبلوماسية. إنها سياسة هزيمة ذاتية، ويمكن توقع ذلك في المستقبل. ويعد فشل الصين في كسب ود سكان تايوان جزءاً من تحولها الأوسع نطاقاً من "القوة الناعمة" إلى الإكراه والترهيب. فهي تريد الإخافة بدلاً من الاجتذاب.