أشخاص يستمعون إلى تلاوة قرار محكمة العدل الدولية في كيب تاون
أشخاص يستمعون إلى تلاوة قرار محكمة العدل الدولية في كيب تاون
الإثنين 29 يناير 2024 / 13:41

غارديان: قرار محكمة العدل لن يغيّر سلوك إسرائيل

لم يشكل قرار محكمة العدل الدولية بإصدار تدابير مؤقتة في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل على أساس اتفاقية الإبادة الجماعية، مفاجأة لمعظم مراقبي المحكمة.

الرقابة الدولية القانونية على نشاط إسرائيل "وجد ليبقى"

وكتب يوفال شاني في صحيفة "غارديان" البريطانية، أنه على رغم أن معظم الأدلة التي قدمتها جنوب أفريقيا لدعم مزاعمها بأن إسرائيل تنتهك الاتفاقية، قامت على مجرد أدلة ظرفية بطبيعتها (تعتمد بشكل كبير على استنتاجات مستمدة من ارتفاع أعداد القتلى في غزة، والوضع الإنساني المتردي على الأرض، وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين يمكن قراءتها على أنها ذات طبيعة إلغائية)، فإن معظم القضاة لم يكونوا مستعدين لاتخاذ قرار، في هذه المرحلة المبكرة من الإجراءات، بأن القضية غير مقنعة.

الموقف الإسرائيلي

وفي الواقع، لم يكن هناك سوى قاضيين (جوليا سيبوتيندي من أوغندا وأهارون باراك من إسرائيل)، على استعداد لقبول الموقف الإسرائيلي: استخدام حماس المكثف للدروع البشرية، والجهود التي تبذلها القوات الإسرائيلية لتخفيف الضرر، والانفصال بين التصريحات العدوانية التي نطق بها السياسيون الإسرائيليون والأوامر الفعلية الصادرة عن مجلس الوزراء للجيش الإسرائيلي.

 وكونها مؤسسة تخدم "الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة"، كان من المفاجئ جداً أن ترفض محكمة العدل الدولية التدخل في قضية عالية المخاطر، وجذبت اهتماماً دولياً هائلاً، وتتعلق بكارثة إنسانية خطيرة، أعربت العديد من وكالات الأمم المتحدة عن قلقها حيالها.

وتتخذ هذا الناحية اهتماماً خاصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار سرعة تدخل المحكمة قبل أقل من عامين في الحرب الروسية-الأوكرانية.

ومع ذلك، يبقى من الصعوبة بمكان قراءة قرار المحكمة، وكأنه تأييد قوي لتوصيف جنوب أفريقيا لسلوك إسرائيل، إن معيار "معقولية الاتهامات" الذي تطبقه المحكمة عند النظر في إصدار تدابير مؤقتة أو من عدمه هو بالفعل معيار منخفض للغاية وغامض لإثبات الاتهامات الفعلية، وقد عكرته المحكمة بشكل أكبر عندما رأت أنه "على الأقل بعض الحقوق التي تطالب بها جنوب أفريقيا" معقولة، من دون الإشارة إلى الحقوق الأكثر قبولاً من غيرها.

مخاطر انتهاكات مستقبلية

واعتبر أحد قضاة المحكمة الألماني يورغ نوتلي، أنه لا توجد معقولية لمسألة أن الحملة العسكرية للجيش الإسرائيلي تُنفّذ بنية الإبادة.

وقال إنه صوت مع الغالبية لأن "لغة نزع الإنسانية والعشوائية"، التي استخدمها مسؤولون إسرائيليون تتسبب بمخاطر حصول انتهاكات مستقبلية لاتفاقية الإبادة.

ومن الجدير بالملاحظة أيضاً أن التدابير المؤقتة الأكثر أهمية التي طلبتها جنوب أفريقيا - وقف الحرب، وعدم تفاقم الأزمة، وإلغاء تدابير محددة (مثل تلك التي تطلب من سكان شمال غزة إخلاء منازلهم إلى الجنوب) وتوفير إجراءات للتحقق - تم رفضها من قبل المحكمة.

ولم تدعُ المحكمة إلى وقف النار - على رغم أن المحادثات التي تهدف إلى التفاوض على وقف موقت للقتال للسماح بإطلاق المزيد من الرهائن، قد أحرزت تقدماً في الأيام الأخيرة. 

وفي نهاية المطاف، يمكن اعتبار أن جميع الإجراءات التي أشارت إليها المحكمة تقريباً بمثابة مطالب عامة لإسرائيل كي لا تنتهك أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية.

ضغط سياسي

ومع ذلك، هناك سياقان مهمان، من الممكن لمحكمة العدل الدولية أن تعقد بهما الأمور على إسرائيل إلى درجة كبيرة، تؤدي إلى احتمال إعادة مراجعة مقاربتها للنزاع.

أولاً، إن تأييد المحكمة لمعقولية بعض اتهامات جنوب أفريقيا لا تزال من المرجح أن تولد مزيداً من الضغط السياسي على إسرائيل وحلفائها.

ثانياً، إن أمر المحكمة لإسرائيل بتقديم تقرير لها في غضون شهر "بالنسبة لكل الإجراءات التي اتخذتها لتنفيذ هذا الأمر"، يخلق احتمالاً لوضع رقابة من قبل المحكمة على ممارسات إسرائيل في الحرب.

ومن الممكن أن يتعقد مثل هذا النوع من الرقابة مع اتهام إسرائيل لـ12 موظفاً في وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة- التي اعتمدت المحكمة في قرار الإجراءات المؤقتة على تقارير أعدتها الوكالة- قد شاركوا في هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل.

إن خلاصة قرار محكمة العدل الدولية، هو أن الرقابة الدولية القانونية على نشاط إسرائيل ستبقى، بصرف النظر عن التحفظات العميقة لإسرائيل على المؤسسات الدولية، بما فيها المحكمة الدولية.